البداية
أشد من المحال
يا أخوتي ! هذا التراب ترابنا
رغم الليالي
أرويته بدمي ودمعي
طول أيامي الخوالي
ورضعت من ثدي الجبال الشمّ،
والقمم العوالي
عزمي وأقدامي،
وصبري للشدائد، واحتمالي
زيتهُ . . من ماء قلبي
زيتهُ . . ذزب اللآلي
ومن الأماني المسكراتِ
عبير زهر البرتقال
يا أخوتي ! الأرض تهتفْ
بالنساء وبالرجال
هيا نلبي . . إننا
شعب أشد من المحال !!
البداية
مرج بن عامر
1ـ العُصارة
وعرفتَني لما أتيتكَ
بعد غيبتيَ الطويلة ،
مستفيض الشوق زائر
أبكي بلا دمع
وأسحب خطوتي
في خطو مفجوع وقابر
ونظرت نحوي ..
هذه النظراتُ
في قلبي .. خناجر
علقت أنفاسي عليها
ـ غير مختارٍ ـ
وعلقت الخواطر
وهممت أن تنهض
فشدّك ألف قيدٍ
محكم الحلقات قاهر
وفقدتَ صوتكَ
إذ هممت تصيح بي
وفقدتُ صوتي
وأنا الذي عوّدتُ صوتي
أن يطوف ..
على المنابر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
إني شربت ..
عصارة المأساة ،
يا مرج بن عامر !!
2ـ محرّمات
أرضي ..! ترابي ..!
كنـزيَ المنهوبُ ..! تاريخي ..
عظام أبي وجدّي
حرمت عليَّ ، فكيف أغفر ؟؟
لو أقاموا لي المشانقَ ..
لست غافر
هذي قرانا السُّمرُ
أضحت كلُّها دِمَناً
وآثاراً عواثر
آحادُها بقيت ،
وما زالت
تحارب بالأظافر
شدَّت على أعناقها أنيابـهم
تمتصُّ من دمها
كواثر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
حتى المقابر بُعثرت ..
حتى المقابر ..
3ـ قطعن النصراويات
(من أغنية شعبية قديمة)
النصراويّات الجآذرُ
كم قطعن مداكَ
في خطو الأكابر !
زمرٌ على الطرقاتِ
فيهنّ الحبالى والبنات البكرُ
كالزهر المسافر
والمرضعاتُ ..
صغارهن على الظهور ،
على الخواصر
يَنقُلْنَ أكوام الغلالِ ،
من الحقول ..
إلى البيادر
يسهرنَ حول النّار ،
ينشدن الأغاني
دون آخِر
عن حرب تركيّا ،
وأسراب الفرارييّنِ ،
عن ظلم العساكر
وعن الخواتم ، والأساورِ ،
كيف بيعت
لاقتناء سلاح ثائر
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
إن كان لصُّ الأرضِ وحشاً كاسراً ،
فالعزم فينا ألفُ كاسِر
4ـ الظاهرة والعمق
لا تحكِ لي ! لا تحكِ لي
أنا قادمٌ
من حيث تُغتال الضمائر
وتذوب في الأغلالِ
أيدٍ حُرّةٌ
ويوسوس الفولاذُ
في أقدام صابر
أنا قادمٌ
من حيث كل فمٍ
عليه حارسٌ
والمخبِرون على الستائر
حيث استوى في الحُكمِ
شرطيٌّ
وقديسٌ
وتاجر
حيث الجريمة فرَّخت
في كلّ مأمورٍ
وآمر
حيث العيون السُّودُ
تثقبُ بالرصاصِ
وبالخناجر
حيث الرجال بلا طعامٍ
والنساءُ بلا رجالٍ
والجمالُ بدون شاعر
حيث الحدود خنادق
والبحر زيت كله
والأفق بالفولاذ عامر
وحديقة الأطفال
صارت مصنعاً للكُرهِ
وانغمّت البصائر
حيث الصّدى والظلّ
ينكر أصلهُ
ويسوط خالقه مغامر
أنا قادم
من حيث
تلتهب الضمائر
حيث المآسي تصنع الأبطال
والشكوى
علامة كل خائر
حيث الشوارع زاحفات بالرجالِ
مواكباً
من دون آخر
حيث البحيرات التي
أمواجها أعلام شعبٍ
لن يهاجر
وحناجر الأطفال
والعمال
والشعراء
تملأ
أفقَ عالمنا
بشائر
*
*
لا تحكِ لي .. لا تحكِ لي !
أأنا الذي نيّبت
تخدعني المظاهر .. ؟!
الضؤ والمأساة
قالا لي: لعنتَ ، إنفذ
إلى عمق الظواهر
لا شيئ يبقى نفسه
والدّهر
دولاب ودائر
ولكل ليل آخرٌ ،
مهما بدا ..
من دون آخر ..
5 ـ شوق العواصِف
يا جذر جذري !! إنني سأعود حتماّ
فانتظرني . انتظرني في شقوق الصخر ،
والأشواك ، في نوارة الزيتون ، في
لون الفراش ، وفي الصدى والظل ،
في طين الشتاء وفي غبار الصيف ،
في خطو الغزال، وفي قوادم كل طائر..
شوق العواصف في خطاي ،
وفي شراييني ..
نداء الأرض .. قاهر
أنا راجع فاحفظنَ لي
صوتي .. ورائحتي .. وشكلي
يا أزاهر
إحفظن لي
صوتي .. ورائحتي .. وشكلي ،
يا أ .. ز .. ا .. ه .. ر !!
البداية
فلتسمع كل الدنيا
فلتسمع كل الدنيا ... فلتسمع
سنجوع .. ونعرى
قطعا .. نتقطع
ونسفّ ترابك
يا أرضا تتوجع
ونموت .. ولكن
لن يسقط من أيدينا
علم الأحرار المشرع
لكن .. لن نركع
للقوة .. للفانتوم ... للمدفع
لن نخضع
لن يخضع منا
حتى طفل يرضع