قصيدة من العصر الجاهلي لأمرؤ القيس
----------------------------------------
أَنَا الشَّاعِرُ المَوْهُوبُ حَوْلِي تَوَابِعِي ...... مِنَ الجِنِّ تَرْوِي مَا أَقُولُ وَتَعْزِفُ
إِذَا قُلْتُ أَبْيَاتاً جِيَاداً حَفِظْتُهَا ...... وذَلِكَ أَنِّي لِلْقَوَافِي مُثَقِّفُ
فَذَلِكَ مِنَّا الدَّأْبُ حَتَّى نَقُدَّهَا......مِثَالاً كَبُنْيَانٍ يُشَادُ وَيُرْصَفُ
إِذَا َماعْتَلجْنَا خِلْتُ فِي الصَّدرِ قَاصِفاً ...... كَرَجَّةِ رَعْدٍ صَادِقٍ حِينَ يَرْجِفُ
مُلِثٌّ مُرِبٌّ مُكْفَهِرٌّ يَحُثُّهُ ...... حَثِيثٌ يُزَجِّي وَبْلَهُ فَيُوَكَّفُ
فَأَزْجَى وَجَالَ المَوْجُ فِيهِ كَأَنَّهُ ...... عَلَى المَوْجِ مِلْجَاجُ الصَّوَاعِقِ تَصْرِفُ
إِذَا مَاحَدَا فِي حَجْرَتَيْهِ تَبَادَرَتْ ...... سَكَائِبُ قَطْرٍ مُسْتَفِيضٍ تُخَذْرِفُ
أَجَشٌّ هَزِيمٌ جَوْشَنِيٌّ رَشِيشُهُ ...... مُرِيشٌ كَمِيشُ الرَّشِّ رِيٌّ يُرَيِّفُ
مَهِيلٌ مَهُولٌ مُسْتَهِلٌّ مُهَلْهَلٌ ...... مُصِلٌّ صَئُولٌ مُصَمَئِلٌّ مُسَفْسَفُ
تَدَاعَى بدَعْوَى سَاكِنِ الرِّيحِ مُذْ جَرَى ...... فَمَرَّ بِسَيْلٍ مَايَغِيضُ يُغَطْرِفُ
وَمَرَّ وَمَالَ الرَّعْدُ فِيهِ وَأُرْسِلَتْ ...... عَلَيْهِ سَمَاءٌ تَسْتَفِيضُ وَتَغْرِفُ
تَكَبْكَبَ فَانْكَبَّتْ مَنَاكِبُ نُكَّبٌ ...... تَنَكُّبَ مُسْتَخْفِي الكَوَاكِبِ يَكْنُفُ
فَغَمْغَمَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مُغَمْغِماً ...... فَغَمْغَمَ مِلْثَامُ السًّحَابِ المُؤَلَّفُ
تَرَقْرَقَ فَاهْرَاقَ وَرَنَّقَ بَرْقُهُ ...... وَهَاجَتْ بُرُوقٌ فِي نَوَاحِيهِ تَخْطَفُ
فَلَمَّا طَفَا طَافٍ عَلَيْهِ وَقَدْ طَفَا ...... طَفِيفٌ أَطَفَّ الطَّبْلَ بِالرَّعْدِ مُسْقِفُ
وَرَوَّى سَحَابٌ بَعْدَ كُنْهٍ وَأُرْسِلَتْ ...... عَلَيْهِ سَمَاءٌ تَسْتَمِدُّ وَتَعْطِفُ
نَشَاءَةَ إِنْشَاءٍ لِذِي العَرْشِ وَاحِدٍ ...... فَأَنْشَأَ نَشْئاً مُنْشِئُ الرِّيحِ مُكْسِفُ