الجيش وقوات الحشد الشعبي يغرقان في معركة تكريت
مصدر عسكري: القوات العراقية لن تتقدم في المدينة إلى حين وصول تعزيزات إضافية، بينما لايزال تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على نصفها.
ميدل ايست أونلاين
خسائر بعشرات القتلى
بغداد - توقف هجوم لاستعادة مدينة تكريت العراقية فيما يبدو الجمعة بعد يومين من توغل قوات الأمن العراقية وميليشيات شيعية في الأساس بمسقط رأس صدام حسين، في أكبر عملية من نوعها ضد المتشددين.
ويقول مراقبون إن هذا القرار بوقف الهجوم والذي تم تبريره بـ"انتظار تعزيزات اضافية"، يؤكد ان قوات بغداد النظامية والشعبية تعرضت لنكسة قوية رغم المساعدة الإيرانية المباشرة، بعد أن ورطها مقاتلو التنظيم الإرهابي في حرب شوارع داخل تكريت، وهي ورطة تظهرها الخسائر البشرية الهائلة التي تعرضت لها هذه القوات.
وقال مصدر في قيادة عمليات صلاح الدين إن القوات العراقية لن تتقدم حتى تصل التعزيزات إلى تكريت التي لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على نصفها تقريبا.
وحول المتشددون الذين يستخدمون أساليب حرب العصابات المدينة إلى متاهة من القنابل محلية الصنع والمباني الملغومة كما يستخدمون القناصة لوقف تقدم القوات العراقية.
وقال هادي العامري قائد منظمة بدر الشيعية والذي يعد حاليا من أكثر الشخصيات نفوذا في العراق إن نتيجة المعركة في تكريت ليست محل شك لكن القوات العراقية في حاجة إلى الوقت.
ويشن أكثر من 20 ألف جندي عراقي ووحدات الحشد الشعبي الشيعية الهجوم الذي بدأ منذ 11 يوما وتقدموا من جهة الشرق وعلى امتداد ضفتي نهر دجلة.
وأضاف العامري للتلفزيون العراقي من على الجبهة في تكريت أن مقاتليه ليسوا في عجلة من أمرهم لكن لديهم خطة يتبعونها. وقال إن المعركة قد تتأجل ليومين أو ثلاثة أو أربعة لكنهم سيحتفلون بتحرير تكريت من "العدو".
ويرجح محللون أن القيادات العسكرية التي تشرف على الهجوم الواسع في مدن صلاح الدين تخفي حقيقة مرعبة عن خسائرها هناك، وتتفادى الاعتراف بانها وقعت في فخ معركة شاقة وطويلة لن تستطيع انهاءها بسرعة كما كانت تروج لذلك.
ولا يزال المتشددون يسيطرون على المجمع الرئاسي وعلى ثلاث مناطق أخرى على الأقل بوسط تكريت حتى الجمعة.
وهاجمت القوات الخاصة العراقية كلية الطب في جنوب تكريت عند الفجر لكن المتشددين تمكنوا من صدهم مما أسفر عن سقوط عشرات الجنود ومقاتلي الحشد الشعبي.
'فخ كبير' في تكريت وقالت مصادر أمنية عراقية إن العشرات من القوات النظامية ومن قوات الحشد الشعبي قتلوا في تكريت في مواجهات عنيفة مع تنظيم الدولة الاسلامية الذي يبدو انه اوقع القوات المهاجمة في "فخ كبير" داخل تكريت.
وسقط نحو 100 من عناصر الجيش والأمن العراقي والحشد الشعبي (مليشيات شيعية موالية للحكومة) بين قتيل وجريح خلال معارك ومواجهات مع تنظيم الدولة الاسلامية جرت في الساعات الـ24 الماضية بمدينة تكريت.
وقال ضابط برتبة رائد في الشرطة العراقية يدعى "محمد علي" من تكريت، والتي لا يزال التنظيم الإرهابي يسيطر على مركزها، إن انتحاريا هاجم بمركبة عسكرية من نوع همر مقرا للعمليات العسكرية في حي الديوم (4 كلم غرب تكريت).
وأوضح أن هذا الهجوم أدى إلى سقوط ستة قتلى على الأقل في صفوف الجيش وإصابة 11 آخرين (دون أن يوضح طبيعة إصاباتهم).
وفي السياق ذاته، قال علي إن "ثلاثة من عناصر الفرقة الذهبية (قوات خاصة تتبع وزارة الداخلية) قتلوا وجرح أربعة آخرون في اشتباكات (لم يوضح طبيعتها) من عناصر داعش قرب مستشفى تكريت التعليمي جنوب تكريت".
وفي بلدة بيجي (40 كلم تقريبا شمال تكريت) قُتل ثمانية من عناصر الحشد الشعبي وجرح 65 آخرون جراء معارك (لم يوضح طبيعتها) مع تنظيم الدولة الاسلامية جرت خلال الساعات الـ24 الماضية.
وتحاول القوات العراقية المدعومة بقوات الحشد الشعبي ومقاتلين قبليين سنة استعادة منطقة الفتحة منذ أيام؛ لأهميتها الاستراتيجية حيث تربط بين ثلاث محافظات.
وفي مدينة سامراء (65 كلم تقريبا جنوب تكريت) حيث انطلقت منها العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية نحو تكريت، هاجم تنظيم "داعش" ظهر اليوم الجمعة مجددا جنوب غرب المدينة.
وقتل 5 أشخاص وأصيب 19 آخرون بينهم ضابط في شرطة المرور الجمعة في 3 تفجيرات ضربت مناطق متفرقة من العاصمة العراقية بغداد بحسب ما أفاد مصدر في الشرطة.
وقال المصدر، وهو ضابط شرطة برتبة نقيب إن مجهولين ثبتوا قنبلة محلية الصنع بسيارة تعود إلى ضابط شرطة مرور برتبة عقيد.
وأضاف أنهم فجروا القنبلة عن بعد لدى مرور السيارة في منطقة الأعظمية شمالي بغداد مما أدى إلى مقتل الضابط على الفور.
وتخوض القوات العراقية مدعومة بفصائل الحشد الشعبي (متطوعين شيعة)، معارك شرسة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم في العاشر من يونيو/حزيران 2014.
وتقدم إيران مساعدات عسكرية متمثلة بالاستشارة والسلاح إلى قوات الحشد الشعبي التي تساند القوات العراقية في هذه المعارك.
وسيعطي تحقيق الانتصار في تكريت القوات العراقية قوة دفع للمرحلة المقبلة من حملة استعادة الموصل أكبر مدينة خاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية التي تحكم الآن دولة خلافة اعلنتها من جانب واحد في المناطق السنية التي تسيطر عليها في سوريا والعراق.
لكن مشاركة إيران التي تدعم بعض الجماعات المسلحة الشيعية التي تتصدر الحملة وتلعب دورا مباشرا أيضا مصدر قلق لدى بعض السنة في العراق وبالمنطقة أيضا.
وسيكون أي هجوم على الموصل على الأرجح مهمة أكثر تعقيدا بكثير. والموصل الواقعة في شمال البلاد اكبر وتقع على مسافة أبعد من الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة كما أن كثافة السكان بها لاتزال عالية في اختلاف عن تكريت التي فر معظم سكانها قبل بدء العملية.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الأسبوع الماضي إن معركة استعادة تكريت أظهرت كيف "تستولي" إيران على العراق.
وشوهد قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ساحة المعركة وهو يشرف على هجوم تكريت الذي تلعب فيه الجماعات المسلحة الشيعية دورا كبيرا منذ انهيار الجيش النظامي في يونيو حزيران الماضي.
وتتهم الميليشيات الشيعية بارتكاب انتهاكات بحق السنة في مناطق أخرى استعادتها من الدولة الإسلامية، لكنها تنفي ذلك.
وقالت القوات العراقية إنها حققت نجاحات كبيرة في اوسع عملية عسكرية تشنها لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية من أراض سيطرت عليها قبل نحو 9 اشهر في المحافظة.
وكان مقاتلو الدولة الإسلامية اجتاحوا تكريت في يونيو/حزيران خلال هجوم خاطف توقف على مسافة قريبة من بغداد. ومنذ ذلك الحين استخدم رجال التنظيم مجمع القصور الرئاسية الذي بني في تكريت في عهد صدام مقرا لهم.
الدولة 'ثابتة' وقال المتحدث باسم الدولة الإسلامية أبو محمد العدناني في تسجيل صوتي نشر الخميس إن الدولة الإسلامية "ثابتة.. ولازال صرحها يعلو وتزداد قوة وصلابة يوما بعد يوم ولازالت منتصرة وما الانتصارات التي يتحدث عنها الصليبيون والروافض في فضائياتهم ويهولونها سوى انتصارات وهمية مزيفة لا وجود لها ولا تعدو سوى استرجاع بعض المناطق والقرى في حرب كر وفر".
وحذر أتباعه من خطر الشيعة قائلا "يا أهل السنة في العراق والجزيرة واليمن قد طالما حذرناكم من الروافض الانجاس.. فها هم اليوم كشروا عن أنيابهم وقد اعلنوا عن امبراطوريتهم بكل صراحة وعاصمتها بغداد".
وأضاف "الروافض قد دخلوا مرحلة جديدة في حربهم على أهل السنة فقد باتوا يظنون أن ياخذوا مناطق أهل السنة والسيطرة عليها.. لقد جاء الروافض يا أهل السنة لياخذوا بيوتكم واموالكم لقد جاءوا لقتل رجالكم وسبي نسائكم".
وحتى لو تم طرد المسلحين من المدينة فإنهم مازالوا يسيطرون على مساحة واسعة من الأرض على جانبي الحدود السورية حيث من المرجح أن يعيدوا تنظيم صفوفهم وقد سعت القوات العراقية جاهدة في السابق للحفاظ على المناطق التي استعادتها من الجماعة المتطرفة.
وتتعرض الدولة الإسلامية لضغوط في الشمال حيث شنت الميليشيات الشيعية وقوات البشمركة الكردية هجوما حول مدينة كركوك الغنية بالنفط الجمعة.
وبدأت قوات البشمركة مهاجمة مواقع الدولة الإسلامية قرب كركوك يوم الاثنين ومنذ ذلك الحين استعادت عددا من القرى إلى الجنوب الغربي. وقال قادة أكراد إنهم واجهوا مقاومة ضعيفة نسبيا لكن تعرقلهم القنابل محلية الصنع التي تركها المتشددون قبل أن ينسحبوا إلى معقلهم في الحويجة.
وتقترب الميليشيات الشيعية وتضم كثيرين من الأقلية التركمانية العراقية من قرية البشير إلى الجنوب من كركوك التي اجتاحتها الدولة الإسلامية في يونيو/حزيران وذبحت أكثر من 12 شخصا.