كشف الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، بأن "دولة الكيان " لا تزال مستمرة في انتهاج ممارسات ( لا ) إنسانية و( لا ) أخلاقية ومرفوضة دولياً بحق الأسرى الجرحى والمرضى.
وأضاف، أن إدارة السجون والأجهزة الأمنية لم تكتف بحرمان الأسرى بعد اعتقالهم أو في سجونها ومعتقلاتها من العلاج و إهمالهم طبياً ، وإنما لجأت إلى استغلال حاجتهم للعلاج والرعاية الصحية ومسكنات الآلام ، لتضغط عليهم وتساومهم وتحاول ابتزازهم ، لتحول العلاج إلى أداة لخدمة المؤسسة الأمنية .
وبين فروانة، أن سلطات الاحتلال تبتز الأسرى المرضى وتقايضهم بتقديم العلاج لهم مقابل تقديم اعترافات أومعلومات أو التعهد بالكف عن ممارسة بعض النشاطات ، أو الموافقة على التعامل معهم والتجسس لصالح المخابرات الصهيونية .
وأكد فروانة بأن هذا السلوك اللا إنساني لم تقتصر ممارسته مع الأسرى المرضى الجدد ، أو ممن اعتقلوا وهم مصابين وجرحى بعد مواجهات مباشرة ، أو ممن اختطفوا من على أسرة المستشفيات والمراكز الطبية الفلسطينية أو من داخل سيارات الإسعاف ، بل أنتهج أيضاً مع الكثيرين من الأسرى المرضى والجرحى القابعين في سجون ومعتقلات الاحتلال منذ فترات طويلة ، والذين هم بحاجة إلى علاج عاجل ورعاية طبية فائقة ، أو مسكنات ضرورية ، أو ممن يشتكون من أعراض مرضية وبحاجة إلى فحوصات ، حيث تتم مقايضتهم بتقديم اللازم ، أو وعدهم بنقلهم إلى ما يسمى مستشفى سجن الرملة لإجراء العملية اللازمة ، مقابل الخضوع لتوجهات ادارة السجن و الكف عن النشاطات " التحريضية " داخل السجن ، أو الطلب منهم التعامل مع إدارة السجن والتجسس على رفاقهم الأسرى وجمع المعلومات عنهم وعن تحركاتهم وتوجهاتهم واتصالاتهم ومراسلاتهم .
عيادات تحولت لغرف تعذيب وابتزاز ..
وأوضح فروانة بأن ما تسمى عيادات السجون و معبار الرملة وغرف ما يسمى مستشفى سجن الرملة تحولت في كثير من الأحيان إلى أماكن للتحقيق والابتزاز والمساومة والضغط ، فيما تخلى فيها الطبيب والممرض عن مهنته الإنسانية وأخلاقياتها ، وتحول إلى رجل أمن بلباس طبيب " مهنة إنسانية " ، وأصبح جزء من المؤسسة الأمنية يعمل لخدمتها ويسعى لترجمة سياساتها ، ويتعامل مع الأسير المريض كـ " عدو ".
وقال فروانة : بأن الأسير بات ( لا ) يجد فروقاً ما بين معاملة السجان والطبيب المناوب داخل السجن ، وأنه وفي أحيان أخرى يتعرض للابتزاز والضغط والتعذيب أمام الطبيب والمرض ، وهذا يتعارض مع أخلاقيات المهنة .
وفي ذات السياق أشار فروانة بأن حياة الأسير الفلسطيني ومنذ بدء انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 ، قد هبطت إلى أدنى مستوياتها لدى المؤسسة الأمنية الصهيونية ، وأن الخدمات الطبية المقدمة الأسرى عموماً والمرضى خصوصاً قد تراجعت بشكل ملحوظ ، وأن سياسة الحرمان من العلاج والإهمال الطبي أصبحت جزء من الواقع المرير الذي يحياه الأسرى في سجون الاحتلال ، مما فاقم من معاناتهم وأدى إلى تفشي الأمراض المختلفة واستفحال أمراض مزمنة ، وتزايد مضطرد لأعداد الأسرى المرضى .
علاج مقابل التعاون .. !؟
وأكد فروانة بأن إدارة السجن تحاول إيصال رسالة لكافة الأسرى وللأسرى المرضى خصوصاً ، مفادها بأن علاجهم منوط بمدى تعاونهم مع الإدارة وتلبية اشتراطاتها والقبول بتوجهاتها لهم ، فيما يؤكد الأسرى ومن خلال رسائلهم فشل سياسة إدارة السجون في ابتزاز الأسرى المرضى وأنهم يرفضون الخضوع لتلك الإبتزازات مهما كلف الثمن ، لكنهم في الوقت ذاته ناشدوا المؤسسات الحقوقية للتدخل لحمايتهم وضمان تقديم العلاج اللازم والمناسب لهم بعيدا عن المساومة والإبتزاز ، كحق تكفله كافة المواثيق والأعراف الدولية .
وطالب فروانة المنظمات الإنسانية والحقوقية واللجان المختلفة لاسيما التي تهتم بشؤون الأسرى إلى التحرك الجاد والفعلي لنصرة الأسرى المرضى ووضع حد لسياسة الابتزاز وحرمان الأسرى من العلاج وسياسة الإهمال الطبي المتبعة منذ سنوات طويلة في سجون الاحتلال والتي كانت سبباً مباشرة في استشهاد العشرات داخل السجون ، وتوريث الأمراض الخطيرة لمئات الأسرى المحررين .