كدت إسرائيل في تقرير أصدرته ردا على تقرير غولدستون المتعلق بالحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، أنها رغم إعلانها تقييد استعمالها لقنابل "الفوسفور الأبيض" المحرم دوليا، فإنها لن تتردد في استعماله مستقبلا ضد مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.
وفي أول رد على ذلك دعت حماس المجتمع الدولي، إلى تقديم قادة إسرائيل للمحاكمة كمجرمي حرب، بعد الإقرار الإسرائيلي باستعمالها للفوسفور الأبيض في حربها الأخيرة على القطاع.
وسلمت إسرائيل الاثنين الماضي إلى الأمين العام الأممي بان كي مون، تقريرا يرد على تقرير غولدستون، امتثالا لقرار أصدرته الجمعية العامة للمنظمة الدولية، ونشر التقرير الذي تأّلف من 37 صفحة على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على الإنترنت.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أوفير جندلمان للجزيرة إنه رغم أن التقرير يدعو لفرض قيود على استخدام "الذخائر الفوسفورية" في المناطق المدنية، فإن ذلك لا يعني عدم استعمالها في المعركة القادمة ضد حماس.
وكان تقرير القاضي ريتشارد غولدستون اتهم في سبتمبر/أيلول 2009 الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب.
واكتفت الحكومة الإسرائيلية في تقريرها بالتعهد بوضع قيود على استخدام الجيش لتلك القنابل في المناطق المأهولة بالسكان خلال حروبه القادمة.
وبررت في المقابل استخدام تلك القنابل خلال تلك الحرب، التي تسببت في أضرار بيئية خطيرة، بادعائها احتماء المقاومين الفلسطينيين داخل الأحياء المدنية.
وقال التقرير إن القوات الإسرائيلية "أجرت تغييرات في أوامرها الخاصة بالعمليات وفي عقيدتها القتالية بهدف الحد بشكل متزايد من الإصابات بين المدنيين والإضرار بالممتلكات المدنية في المستقبل".
إجراءات جديدة
وأضاف أن "إسرائيل تبنت إجراءات جديدة هامة تهدف إلى تعزيز الحماية للمدنيين في العمليات الحربية داخل المدن, وعلى سبيل المثال بمواصلة التأكيد على أن حماية المدنيين جزء لا يتجزأ من مهمة قادة وحدات "القوات الإسرائيلية".
ومن بين الإجراءات التي تحدث عنها هذا التقرير إلحاق ضابط للشؤون الإنسانية بكل وحدة مقاتلة.
وتشير إسرائيل في التقرير إلى أنها أجرت تحقيقات جنائية مع 47 عسكريا.
واستشهد نحو 1400 فلسطيني -منهم مئات المدنيين- و13 إسرائيليا في الحرب التي شنتها إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009 على قطاع غزة.
جرائم حرب
ووصفت إسرائيل تقرير غولدستون بـ"المنحاز وغير المتوازن"، رغم أنه (التقرير) اتهم أيضا المقاتلين الفلسطينيين بارتكاب جرائم حرب خلال تلك الحرب.
وطالب القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني2009 بأن تجري إسرائيل والفلسطينيون تحقيقات ذات مصداقية في مزاعم عن جرائم حرب أثناء حرب غزة.
وقال مراسل الجزيرة في رام الله وليد العمري إن إسرائيل ترغب من خلال هذا التقرير في "طي ملف غولدستون نهائيا لأنه كان مقلقا لها"، وكذا إبعاد "شبهة جريمة الحرب" التي ورد ذكرها في تقرير غولدستون.
وفي أول رد فعل طالبت حماس اليوم المجتمع الدولي، بتقديم قادة إسرائيل للمحاكمة كمجرمي حرب، بعد إقرار الحكومة الإسرائيلية باستخدامها الفوسفور الأبيض خلال الحرب على غزة.
وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس -في تصريح صحفي- إن التقرير الإسرائيلي "يدين حكومة الاحتلال باستخدامها للفوسفور الأبيض في قتل المدنيين الفلسطينيين" خلال تلك الحرب.
حروب مستقبلية
ورأى أن حديث التقرير "عن حروب مستقبلية يكشف عن النوايا الخبيثة للاحتلال، وإصراره على مواصلة استهدافه للشعب الفلسطيني الأعزل، خاصة في ظل غياب العدالة الدولية، والانحياز الأميركي للاحتلال وحكومته المتطرفة".
وكان وفد السلطة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة قدم أيضا تقريرا إلى مكتب بان كي مون, لكن لم يتح على الفور الاطلاع عليه, علما بأن السلطة الفلسطينية التي يوجد مقرها في الضفة الغربية ليست لها سيطرة على غزة وليس بمقدورها التحقيق. ولم يصدر رد فعل حتى الآن من الأمم المتحدة على التقرير الإسرائيلي.