لم تكن المرأة في مملكة الحضر جارية
بدري نوئيل يوسف ـ السويد
اكتُشفَ اثناء التنقيب في الحضر تمثال لأميرة بنت الملك (سنطرق الثاني) مع بقية التماثيل التي كانت متواجدة في المعابد ، وأعادوه الآثار يين والمشرفين على صيانة التراث الى مكانه الاصلي بعد نصبه على قاعدة من حجر الحلان تزينها نقوش فنية بديعة ،
هذه الاميرة خُلدت بتمثال رائع بملابسها التي تدل على الترف والبذخ والتباهي ، مزينة بأحجار كريمة وأقراط وقلائد و فوق رأسها تاج يدل على مقامها السامي ، هذا يدل على اهمية مركز المرأة باعتبارها مكون رئيسي في المجتمع وعلى مستوى عالي من الثقافة والمعرفة ، وسنت تشريعات لصالح المرأة ، وأعطيت لها حريتها وقرارها ، وكان للمرأة منزلة كبيرة فهي تشارك زوجها في العمل وفي الحقل ومربية لأطفالها ، وكذلك شملت حقوق المرأة كل جوانب الحياة المتعلقة بها ، ومساواتها مع الرجل في التعليم وحرية الرأي واتخاذ القرار.
لقد كان في الحضر تقليد سائد بوضع تماثيل او الواح تمثل سيدات المجتمع الحضري بصحبة ازواجهن في المعابد الخاصة بآلهة معينة دليل على المساواة ، وكانت مفخرة الحضر تماثيل لسيدات ذات المهابة والرفعة ، والتفتح الذهني والفكري للمجتمع في الديانة الحضرية ، والرجل الحضري يضع زوجته على قدم المساواة معه امام الناس والآلهة ، ويعتبر زوجته لا مثيل لها ، ويفتخر بها مما يدل على سعة تفكيره واحترامه العميق الذي يكنه الرجل للمرأة ، وكانت المرأة الحضرية عازفة ومرتله في المعبد اذ نجد تماثيل لها في ابهى حليها ممسكة بالآلة الموسيقية التي تعزف عليها مما يدل على ان للمرأة الحق والحرية في ان تعزف على الة موسيقية وتغني ، و كن يعزفن ويرتلن في المعابد التى كانت مختلطة وتعج بالمصلين من الجنسين .
صُعق ضمير المجتمع الدولي عندما ايقظ العالم على العادات المنادية باعتبار النساء غنائم حرب وسبايا وجواري كالعبيد ، وجعلوا المرأة تخضع لقيود على حقوقها وحرياتها بعض هذه القيود تأسست على المعتقدات الموروثة ، والعديد من هذه القيود ترجع إلى الثقافة التي تنبع من التقاليد والعادات وتقف عقبة لتحقيق حقوق وحريات المرأة ، فلا يوجد مقارنة ما يجري اليوم للمرأة في مناطق خارج سيطرة الدولة ومملكة الحضر قبل اكثر من الفان ومائتان سنة ، لم تكن المرأة الحضرية جارية لتباع ولكن المرأة في زمن الحضر هي أحلى هدية أعطيت للرجل ، فهي زهرة الربيع وفتاة الدنيا وروح الحياة ، فإذا ذبل عقلها ومات ، ذبل عقل الأمة بكاملها وماتت.
أما الكبار من المسئولين بعد ما سمعوا ما جرى في الحضر وآثار الموصل الاخرى من تدمير وتحطيم التماثيل وتجريف المدن الاثرية ، اجتمعوا ووقفوا مذهولين من هول الفاجعة ، انقلب المكان إلى مناحة تمزق نياط القلوب ، لقد كان الحدث مؤثرا حزينا يثير ألوانا من اللوعة والحسرة ، فهؤلاء قد اصفرت وجوههم واختلجت نفوسهم ، وعقدت الدهشة ألسنتهم ، يتصبّب العرق من جبينهم من فرط الخجل ، كثر التّساؤل وعمّ الأسى ، تقبّلوا الصّدمة بشجاعة ، وتجرّعوا الغصّة بصبر ، و فكّروا في الأمر طويلا ، وانتهى اجتماعهم وصرح المحدث باسمهم قائلا : ايها الاخوة والأخوات ، اثارنا ، الحضر ، ونمرود ، والمتحف ، و ...و ، اننا نشجب وندين ونستنكر ونتظاهر ونصرخ ونراقب ، نعقد الاجتماعات ، ونصدر البيانات . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .