شوارع المدينة ... ... اسواق بدون رصيف ورقابة ...
بدري نوئيل يوسف
شوارع المدينة ... اسواق بدون رصيف ورقابة ...!
(اجزاء تحكي حال الشارع العمراني والاجتماعي والاقتصادي في محافظات العراق وقد اخذتُ مدينة السليمانية التي تعتبر مستقرة نموذجا . فما حال بقية المحافظات ..؟ كان الله في عون ساكنيها ).
نتابع حديث الشيخ في الجزء الثاني .
الجزء الثالث
بعد تناولنا طعام الغداء عدنا الى غرفة الجلوس نشرب الشاي الذي قدمته لنا ابنته ، ورث الشيخ سيجارته واخذ نفسا عميقا وقال لي :
تشهد مدن اقليم كردستان نهضة وبناء عمراني دليل على مدى تطوره بكافة الاصعدة ، لكن انتشار ظاهرة عرض البضائع امام المحلات في الاسواق الشعبية وشوارع المدينة والدكاكين في الأحياء السكنية الأمر الذي بات يعكس صورة سلبية للتطور العمراني الحديث وللمنظر الحضاري امام سكان الاقليم والسيّاح ، ويضايق المتسوّقين ويعرقل حركة المشاة ، واعتقد هذه الحالة تشمل جميع المدن الكردستانية والعراقية .
قلت له باستغراب : ممكن ان توضح لي ما تقول .
قال : تعال معي نتجول داخل الاسواق الشعبية للخضروات واللحوم والمنطقة المجاورة لها ، عند دخولك للسوق تتعالى أصوات الباعة على بضاعتهم ، وبائع يقوم برش الماء على أنواع متعددة من الخضروات ، والآخر يحمي رأسه من أشعة الشمس أو المطر بقبعة مكسيكية يجلس على الارض وحوله سلال الخضروات ، نرى اصحاب المحلات تستغل الشارع حيث محله بالداخل فارغ أو يحوي على صناديق فارغة وبضاعته امام المحل موضوعة على طاولة امامه ويجلس خلفها البائع يلوح بكيس نايلون للمشاة ، !
لا اعلم ما هو المانع أو السر لدى البائع من عدم استغلاله داخل المحل ، لماذا المحل فارغ والبضاعة على الرصيف او بالشارع .. ؟ الجواب عند البائع والرقابة والبلدية ...! مع العلم يمكن ان ترصف البضاعة فوق رفوف جميلة داخل المحل والزبون يستطيع شراء ما يشاء .
من جهة أخرى نلاحظ الباعة قد حَجَزَوا من الشارع ما يقارب المتر أي لم يبقى من الرصيف إلا جزء قليل ، والباعة المقابلين لهم حصة من الرصيف وأصبح الشارع ضيق،وفي الوسط يقف بعض الباعة من الشباب إما طلاب أو موظفين وأمامهم صناديق فيها بضاعتهم أو عربة ينادون للمشاة وضاق الشارع على المتسوقين وازدحم السوق ،اما مدخل السوق او الازقة القريبة مستغلة من نساء تجلسن على الرصيف تبيع الخضروات مثل النعناع والكرفس والفجل والزعتر، ومنهن تبيع الاعشاب الجافة ولا تعرف مصدرها هل مرشوشة بمواد كيماوية او مخلوطة مع اعشاب اخرى غير صالحة للاستعمال البشري ، الله العالم . . !
اما العربات التى تجر أو تدفع باليد والتي يتخذها أصحابها لنقل البضائع المختلفة من مواد بناء وخضروات ، وهذه العربات تسبب في تعطيل حركة المشاة اذا كانت داخل الاسواق الشعبية ، وفي الشوارع الرئيسة حيث سائقي سيارات الاجرة والخصوصي يتذمرون من هذه الظاهرة لتعطيل حركة المرور فقد خنقت حركة السير في الشوارع ،فهل من حلول لها . ؟
وفي المناطق السكنية يوجد دكاكين لباعة خضروات مع مواد غذائية فرشوا اصحابها الرصيف ببضاعتهم او استغلوه بالكامل امام محلاتهم ويضيف البائع ستائر واقية من اشعة الشمس تقطع الطريق والحركة امام المشاة من السير فوق الرصيف فعليهم النزول للشارع والغريب ان في الشارع سيارات متوقفة اصحابها تتسوق من المحل .
أما الاطفال الذين يبيعون اكياس النايلون فهم يملئون الاسواق ، يحومون حول الزبون مثل الزنابير يتزاحمون حوله ، كل واحد منهم يريد تصريف بضاعته في تنافس لا ينتهي بينهم ، فإذا وقف طفل بجانب زبون لا يفارقه ويلح عليه بشراء الكيس وحتى إذا لم يحتاجه فيجبره بالتوسل والدعاء ان يشتري منه ، والغريب ان كثير من الاطفال لا يملكون هذه الأكياس بل ان صاحبها يدفع للطفل حسب تصريف عدد الأكياس فكل طفل يحاول ان يبيع اكثر من غيره من اجل ان يزيد من أجره، وهناك اطفال ورثوا العجز والعوز يعملون في حمل الاكياس والصناديق او يدفعون عربة تنقل ما اشتراه الزبون ،لا تعنيهم قسوة الطقس وملابسهم الرثة المتسخة تقرأ في ملامحهم رجولة مبكرة يتعرضون للاستغلال و لمخاطر جسيمة تهدد مستقبلهم . أين الرقابة الاجتماعية ؟ ..لا أعلم!
أما الحديث عن باعة اللحم (القصابين ) الذي علقوا اللحوم بواجهة المحل تثير الكثير من التساؤلات حول رقابتها الصحية وسلامة خزنها اثناء بيعها ، وأثناء نقلها بواسطة سيارات اعتاديه ، يقول العلم أن توضع اللحوم داخل الثلاجات كوسيلة مؤقتة لحفظها على درجة حرارة منخفضة ما بين ( 2- 5 ) درجة مئوية ( لفترة قصيرة ) لحين بيعها ، وكذلك اثناء نقلها من المسلخ الى القصاب في سيارات مبردة . وتعليق اللحوم بواجهة المحل لساعات في جو حار مغبر احيانا وتصاعد الاتربة والأوساخ المتطايرة مع الرياح وحركة السيارات والمشاة يتعرض اللحم للفساد .
والغريب نلاحظ بعض القصابين وضعوا امام محلهم صينية فوق منضدة فرش عليها قطع اللحم او عظام او اقدام الاغنام والرؤوس والكرش ، وأصبحت الصينية مهبط للذباب ويقف طفل بجانب المنضدة بيده قطعة كارتون او أي شيء حتى يطرد (يكش) الذباب ، لا اعلم الى متى ستبقى هذه الحالة ويبقى اللحم معلق بدون تبريد ولعدة ساعات .!
اما ماكينة الفرم التي يبقى بداخلها قطع من اللحم لساعات لحين طلب زبون جديد فرم اللحم المشتراة ، او جذع من شجرة يستعمله القصاب كمنضدة لتكسير العظام الذي لم يعرف الغسيل او التعقيم ، لماذا لا يستعمل القصاب المنشار الكهربائي للتقطيع .. الجواب عند اصحاب الشأن ؟
باعة السمك الذي فرشوا مناضد امام محلاتهم وعلى حافة الشوارع الرئيسية وتحت اشعة الشمس ، يقف البائع يرش الماء فوق السمك ، وبالقرب منه سلة ازبال يضع فيها الاحشاء الداخلية للسمك ورائحتها تزكم الأنوف ، لا علم إذا كانوا المشرفين في اللجان الرقابية يعرفون ان السمك يفسد بسرعة ، وله طرق خاصة للحفظ من الصيد الى البيع
ولا يمكن تعرض الاسماك لأشعة الشمس المباشرة أو التأثير الجاف للرياح لأنها سريعة الفساد ، و الصياد عليه حفظ الأسماك فور صيدها في الثلج المجروش مباشرة ، وعند عرض الأسماك للبيع في الأسواق يجب تغطيتها بشكل جيد بالثلج المجروش . أين الرقابة ... ؟
ولا تنسى باعة الالبان الذين نشروا بضاعتهم امام المحلات وتحت اشعة الشمس من جبن ولبن وقيمر ، مع العلم انها تحتاج اثناء خزنها لبردات خاصة ، لا اعلم اذا كان في المدينة مراقبة صحية وبلدية ام لا .!
والدجاج المجمد المعروض امام محلات الباعة الذي يذوب ثم يعاد للتجميد عدة مرات يوميا لماذا يعرض على المناضد امام المحلات ولن يبقى داخل المجمدات ..! سؤال جوابه عند الرقيب .
كما أن باعة انواع الحبوب التي وضعت في اكياس مكشوفة الراس ويسرح ويمرح فوقها الفئران والجرذان والحشرات وتتجمع الاتربة فوقها ، و بين الحين والآخر تمتلئ اجواء مدن الاقليم بالأتربة وعوالق الغبار بسبب العواصف الترابية التي تهب على المنطقة . ولا اتكلم تأثيرها الصحي لان هذا الجانب له اختصاصين ....اسئلة كثيرة تدور في مخيلتي كل يوم عندما اتسوق اتمنى من الرقيب ملاحظة الاسواق .
قلت له :قصدك الرقيب داخل الاسواق لم ينتبه لما تقول ، اتمنى ان تنتبه الجهة المسئولة على هذه الملاحظات فهي تمس حياة المواطنين .
قال لي : اتمنى ذلك لان في المدينة ادارة جديدة ... سأكمل الحديث معك حول ارصفة بدون مشاة بعد تناول القهوة .
نلتقي في الجزء الرابع من شوارع المدينة ارصفة بلا مشاة ، ونتعرف ماذا يريد ان يقول الشيخ .
للراغبين الأطلاع على الجزء الثاني.
http://www.algardenia.com/maqalat/17230-2015-06-14-19-57-55.html.