قصيدة من شعر شاعرنا البيتجالي بنايوت سابا زيدان الفلسطينيّ البيتجاليّ
قصة التاريخ ترويها لنا أم حزينة
وقفت ساهمة تنظر للدنيا …
فسالت دمعة ثكلى سخينة
وعلى مقربة منها فتى يحلم بالمستقبل الآتي العظيم
وهنا في الحقل شيخ ! يحرث الأرض بمحراث قديم
كانت الأم عجوزا …..
تنظر الأرض وتستذكر مأساة أليمة
حينما قد وقعت تلك الهزيمة ….!
والجنود ارتكبـوا شـرَّ جريـمة
قتلوا أمسِ ابنها الأكبر لما ..
حمل الروح على كفيه حرَّا
يفتدي الأرض ليبني
فوقها حرية للشعب كبرى!
*****
هكذا قد جلسوا لا ينبسون
وإلى الأفق بعيدا ينظرون
حين ثارت في خيال الشيخ مر الذكريات
قال والدمع من الحزن دفين …
أضرمته الزفرات …..!!!!
*****
يا بنيَّ ..!
يا بنيَّ ..!
من هنا مر جنود القيصرية !
يتلفون الزرع في الوادي ويمشون سكارى
يَتَغَنَّوْنَ إلى روما انتصارا ..!
تركوا في الشرق مليون ضحية !
بينما ترفل في الأصفاد آلاف السبايا
وعلى آرزاء شعبي … شربوا نخب الضحايا
****
يا بنيَّ ..! يا بنيَّ …!
طمع الروم بنا يوما وأرباب الحروب
نهبوا الأرض وداسوا
فوق أشلاء الشعوب
نحن كنا بسطاء …
نحن كنا جهلاء …
رغم تلك الكتب العليا بقينا أغبياء …!
غير أنَّا لم نكن نؤمن بالحرب ولكن بالسلام ..!
فجأة جاءوا وبثوا الرعب في كل مكان
كنت في الحقل فتى كالآخرين
شأننا شأن جموع الكادحين
نزرع الأرض لتؤتينا ثمارا
حبنا نبذره فيها بذارا !
****
يا بنيَّ ..!
يا بنيَّ ..!
كان والي العصر مأفون الطباع
كان يمتص دماء الشعب من دون حساب
لا يبالي بجزاء أو عقاب ..
مُمْعِنًا في الشعب عدوانا وظلمًا
يسرق اللقمة من كف الجياع
والمساكين يعيشون كديدان التراب
لا يرون النور في الدنيا
فهاموا في الضياع
هكذا كنا جميعا بسطاء
ينقضي العمر ونبقى جهلاء ..!
لم نكن نعرف من علم .. سوى درس المذلة ..!
علمونا كيف نحيا قانعين العمر كله ..!
علمونا كيف نبصم
علمونا كيف نستجدي يد السلطان لما نتكلم
علمونا كيف ننسى لفلسطين القضية
علمونا كيف نعطي للمماليك التحية
علمونا كيف للسلطان نخضع
علمونا كيف للأوثان نركع
علمونا كيف للخصيان نخشع
علمونا كيف للحكام نخنع
علمونا كيف نبقى نتقوقع …!
****
يا بنيَّ ..! يا بنيَّ ..!
نحن كنا بسطاء …..!!
نحن كنا جهلاء …..!!!
جلبوا الشر لنا أقسى بلية
جعلونا نعبد الأموات صبحا وعشية
قتلوا فينا طموح العبقرية
عرفوا الحق ولكن خبأوه ..!
عرفوا النور ولكن خنقوه ..!
شردوا الأحرار في كل زمان ..
نشروا الفتنة في كل مكان
سرقوا الزرع وقالوا ..
إنما تكفي لكم كسرة خبز واحدة ..!
سقطت من مطبخ السلطان تحت المائدة ..!
****
يا بنيَّ ..! يا بنيَّ …..!
إننا لم نتعلم
سرقوا لقمتنا من حيث لا ندري ونفهم ….!!
نحن لم نقرأ كتابا
نحن لم نعرف سؤالا أو جوابا
هذه أمك ما زالت حزينة ….!!
إنها قد شاركتني في النضال
قبلما يطلع قرص الشمس من خلف الجبال
تحمل السَّلَّ وتمضي للمدينة
هذه الأرض تناديك إليها ….
فإليك الفأس واعملْ
إن هذي الأرض مُلْكٌ
للذي في الأرض يعمل ….!!!
****
أمسك الشيخ ….
وألقى .. نظرة للأفق حيرى
والفتى أقبل كالبرق إلى الأم التي …
تنظر للأرض طويلا …..!
قال: يا أمي الحبيبة ….!
ههنا جئتك حرا ..أفتدي الأرض السليبه
لا أريد العيش مغبونا ذليلا ….!!!
لك مني العهد يا أمي .. غدا إني سأثأر
كاد حقدي في ضلوعي يتفجر
أنا إنسان من الجهل تحرر
وعلى أرض الحمى لا بُدَّ أن يسقط قيصر !
****
سوف تنهار القيود الهمجية
وستنهار صروح القيصرية
وسينهار الغزاة الغاشمون
وسينهار الطغاة الظالمون
ههنا فأسي ومحراثي ….
سأبقى أزرع الأرض بذارا ونضالا
بيد تعمل في الدنيا المحالا
الغد المشرق يا أم لنا … فاستقبليه ….
ها هي الشمس أطلت
والجماهير تشق الدرب تجتث القيودا
تبذر الحب سلاما للملايين وطيدا
تصنع التاريخ ميثاقا جديدا
والطغاة الظالمون ….
أبدا قدام زحف الشعب ….
ها هم ساقطون ..!
فعلى أرض بلادي .. لن يمروا ..!
لن يمروا من هنا .. لا .. لن يمروا ..!
إنني يا أُمُّ بعد اليوم حرُّ ..!