صخب «إيراني» وبصمات لحزب الله في الشارع الأردني… ونشاط مفاجئ للمصفقين للأسد ضد السعودية والهاجس الأمني يسيطر على مركز القرار Posted: 12 Jul 2015 02:08 PM PDT
عمان ـ «القدس العربي»: يختصر رئيس مجلس النواب الأردني المهندس عاطف طراونة مسافة فارقة جدا في المسألة السياسية وهو يعلن بالتزامن مع تحويل «صحافي متشيع» سياسيا بأن «الهاجس الأمني» يسيطر على مراكز القرار مشيرا إلى ان المرحلة صعبة.
بعد اعتقال الكاتب الصحافي جهاد المحيسن فجر الأحد مباشرة إثر عودته من بيروت وفي المطار يصبح عدد الصحافيين الموقوفين على خلفية «حدث إيراني» اثنين، فقبل المحيسن أوقفت محكمة أمن الدولة الصحافي غازي مرايات بسبب تحديه لقرار منع النشر في قضية «النرويجي المفخخ».
المحيسن وهو مستشار لوزير التنمية السياسية اليساري خالد كلالدة كان قد زار طهران ثم تقدم بمداخلة على «فيسبوك» أعلن فيها التشيع ونيته إقامة «جيب للمقاومة» في جنوب الأردن حيث مسقط رأسه مدينة الطفيلة ثم توجه بانتقادات حادة جدا للنظام.
لاحقا زار المحيسن بيروت إثر فصله من صحيفة «الغد» ومن وظيفته في الوزارة وسط شكوك السلطات في إقامته إتصالات مع حزب الله اللبناني الذي يتولى عمليا «هندسة» أمر بعض وفود النشطاء الأردنيين الذين يزورون بيروت.
النشطاء الذين نظموا أصلا زيارة المحيسن لطهران ظهروا لاحقا بمعية السفير الإيراني في نشاط خاص وسط عمان العاصمة لدعم مدينة القدس، وفي هذا النشاط وجه الكاتب اليساري والقطب الأبرز في زيارات طهران ناهض حتر باسم الحركة الوطنية الأردنية «انتقادات لاذعة جدا» للسعودية محملا إياها مسؤولية ما يحصل في العراق وسوريا.
بمعنى آخر، وخلافا للاتجاه الرسمي المتفاعل بصورة إيجابية وخلاقة مع تنمية وعودة تحسين العلاقات الأردنية- السعودية، تضيق هوامش الرأي أمام مؤيدي إيران والنظام السوري في عمان وأمام الإخوان المسلمين في الوقت نفسه في مفارقة لا يمكن بطبيعة الحال رصدها إلا في الأردن.
السلطات تظهر جدية في العودة لتحويل المتهمين والمذنبين لمحكمة أمن الدولة، والرسالة الأمنية السياسية المزدوجة تقول ان المرحلة قد لا تحتمل المجازفة بتصريحات علنية مؤيدة لإيران ولنظام بشار، في الوقت الذي تترتب فيه الأمور مع السعودية.
العامل الإيراني في السياسة الأردنية يتفاعل واعتقالات الرأي بالسياق تتزايد ما يوحي بصعوبة المرحلة كما يلمح الطراونة.
لكن التضييق على حريات التعبير يتفاعل بالتوازي مع نشاط «غير مسبوق» يحاول إيجاد موطئ قدم لإيران ولحزب الله وللنظام السوري في الخارطة الثقافية الأردنية المحلية، الأمر الذي كان من المحرمات في العادة ويوحي بأن ظاهرة الاعتقالات يمكنها ان تعود لتطال مثقفين يعملون بالوكالة لصالح بشار الأسد ونظام طهران محليا وتحت عناوين وطنية مفترضة، قوامها الشغب على النفوذ السعودي المتنامي في الأردن.
ميزان المصالح بصورة أساسية لم يتضح بعد والمطبخ السياسي الأمني يحتاط لكل الاحتمالات وإن كانت الرسائل الإيحائية متعاكسة، تطبيقا للذهنية القديمة التي ينتقدها كثيرون وتتمثل في التصرف على أساس القدرة على التحدث مع جميع الأطراف المتخاصمة في المنطقة في الوقت نفسه.
الرسالة الأهم للمعنيين بحريات التعبير والنشاط السياسي تتمثل اليوم في أن السلطة، ورغم اعتراضات بعض مراكز القرار في الدولة على توظيف المحاكم الاستثنائية في تصفية حسابات سياسية، تبدو مستعدة لاستثمار الإطار القانوني وتحويل المناكفين جدا لمحكمة أمن الدولة.
وفقا لرئيس الحكومة عبدالله النسور وكما فهمت «القدس العربي» مباشرة «مسطرة» القانون لن تجامل في مرحلة صعبة ومفتوحة على كل الاحتمالات.
ووفقا لأوساط في الدولة العميقة لا بد من ضبط الإيقاع وعدم السماح بتجاوز تقاليد اللعبة وسقوفها، خصوصا ان المرحلة الأردنية – السعودية مقبلة عمليا على مشاريع سياسية مثيرة للجدل قد تتعدى فكرة التنسيق لمواجهة الإرهاب لصالح مقترحات تختبر لسيناريوهات متعلقة بالأنبار ودرعا في العراق وسورية.
في المقابل يتم تفسير اهتمام حزب الله وإيران باستقطاب «مثقفين ونشطاء» أردنيين على انه محاولة للالتفاف والشغب على السيناريو السعودي – الأردني الوشيك عبر تكريس اختراقات مؤسسية ولأول مرة في الحالة الأردنية.
على هذا الأساس تم توقيف الصحافي المحيسن بعد مشاركته فيما سمي باللقاء الشعبي الأردني- الإيراني وبموجب مذكرة من الوزارة التي كان يخدم فيها أصلا، في الوقت الذي تشوشت فيه البوصلة عندما تجاهلت السلطات رفاق المحيسن في رحلة طهران وهم يهتفون ضد السعودية خلال حفل باسم القدس وسط العاصمة عمان.
بسام البدارين