من وحي الثورة - خبر سيبهجكم جميعاً شبكة ذي قـار سلام الشماع
أبهجني كثيراً الخبر، الذي نقله عن وكالات الأنباء الصديق الرائع الأديب مؤيد البصام في صفحته على ( الفيس بوك ) عن اجتماع عقده رؤساء عشائر ووجهاء، لرفض ( الجهاد الكفائي ) في محافظات الفرات الأوسط والجنوب.
تكفي ثلة صغيرة من أبناء شعبنا أن تفعل ذلك، وهذه الثلة وصرختها ورفضها كفيلة بإعادة الوعي لآخرين وآخرين من أبناء شعبنا الذين خدعتهم حيل نوري المالكي وحرضتهم على قتل أبناء شعبهم تحت لباس الدفاع، لا عن الدين، وإنما عن الطائفة، وكأن الطائفة ليست جزءاً من الدين، وكأن الطائفة هي الدين وما عداها ليس من الدين في شيء.
ويلتقي البصام معنا في تحليله عندما يقول: "وهذا مؤشر على أن العقل العراقي بدأ في الوعي بأن المؤامرة لتمزيق الشعب العراقي وتدمير بنيته الاجتماعية والاقتصادية، في التحرك والإشارة إلى الدمار الذي لحق بأبناء الجنوب الذين استجابوا بكل إيمان، من دون أن يدركوا أن المسالة أكبر من حمل السلاح للقتال، كما صُور لهم في عهد ( نوري المالكي )، إنما القضية هي في كيفية إنهاك القوى البشرية الجنوبية حتى تصبح من الضعف بحيث لا تقف أمام أي تحرر من ربقة المحتل والذين جاء بهم لتحقيق برنامجه".
فرأينا الذي طرحناه مبكراً، وقبل سنين، هو أن أقزام الاحتلال ما إن يفرغوا من إنهاك قوى الشعب في غرب العراق وشماله حتى يستديروا لضرب أبناء الشعب في الوسط والجنوب، وأن عموم أبناء شعبنا يجب أن يعوا هذه الحقيقة ويدركوها.
كان الأولى بمثقفي العراق أن ينظموا حملة واسعة للتوعية في هذا المجال، ولكن بعضهم ران عليه صمت القبور، وبعضهم الآخر أخذته العزة بالإثم الطائفي فطفق يحرض على حرب أبناء الشعب، مع المحرضين.
وها هو البصام يطالبهم، الآن، ولو بعد حين، أن يقفوا "قبل عامة الشعب، لإدراك معناه الواسع والعميق، ويتخلوا عن طائفيتهم التي جعلتهم يضعون هذه الفتوى بقدسية لا يُسمح بمناقشتها وكأنها منزلة من السماء، وأن موقف هذه القوى هو الموقف المسؤول من أجل إيقاف الدم، الذي صبغ جدران المدن الجنوبية بالسواد وهي تعلن أسماء شهداء معركة لا أول ولا آخر لها، إلا عندما تتوقف الإمبريالية الأمريكية عن شرب دمائنا وعن الإيغال في تدميرنا".
نعم، هذه الفتوى كانت سياسية بامتياز، وهي ليست "بقدسية لا يُسمح بمناقشتها وكأنها مُنزلة من السماء"، كما يصفها البصام ساخراً متهكماً، لأنه ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، ومعصية الخالق أن يقاتل مسلمون مسلمين مثلهم، لا لأنهم أشركوا، ولا لأنهم ارتدوا عن الإسلام، معاذ الله، ولكن لأنهم نفذوا أمر الخالق بمقاومة من يطأ برجله أرض المسلمين من المحتلين والمستعمرين، أو المستحمرين، إن شئت، فلا فرق.
هذا الخبر الذي نقله صديقنا البصام لم يكن مفاجأة، لا لي ولا لغيري من العارفين بمعدن العراقيين الذين أصاب اليأس بعض مدعي الثقافة منهم، فآجلاً أو عاجلاً سيعرف أبناء الجنوب والوسط أن لا تحرير للعراق من المحتل وإفرازاته من دونهم، بل إذا لم يتحركوا ويتماسكوا مع أخوتهم في باقي أنحاء العراق، كما تحرك أخوتهم وتماسكوا معهم في ثورة العشرين من القرن الماضي، فلا تحرير، بل إبادة لمجموع العراقيين، فالعرب والعروبة هم المستهدفون أولاً وأخيراً.
ولا يمكن أن نفصل تحرك النجباء من أبناء البصرة الطيبة، الذين تظاهروا احتجاجاً على سوء الخدمات وانعدامها، عن هذا الحراك المبارك.
ولليائسين من وعي العراقيين، وللذين يقولون إنهم شعب خنوع – حاشاهم - نقول : هاكم شعب العراق الصبور صبر الحليم والذي سيقف جميعاً أمام قاتليه كلهم من الميليشيات والحكومة التي نصبها الاحتلال وأمام داعش وكل من لا يريد خيراً للعراق، ليبدأ باستئناف مسيرته الحضارية بعيداً عن العنف والدم، ولكنه سيلقن الدرس قاسياً لمن استقوى عليه وقتل أبناءه الذين هم جميعاً شهداء العراق : مخدوعين وغير مخدوعين، باستثناء تلك العقارب والثعابين، التي ربّتها إيران وأطلقتها لتنفث سمومها وتلسع أهل العراق، فهؤلاء إلى جهنم وبئس المصير.