مسلسل إفتاء «داعش».. زوجات المجاهدين: أنتن «طوالق» وقريبا تصبحن «سبايا»… قصة «الملكية الدستورية» في الأردن
بسام البدارين
July 26, 2015
لا توجد فضائية في العالم بما في ذلك الـ«سي أن أن» و«سكاي نيوز» و«الجزيرة» لم تدقق بالصورة المهمة، التي قام خلالها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بتسليم «الراية الهاشمية» للجيش العربي.
آنذاك سمعنا تكهنات وتأويلات بائسة وسطحية للحدث تمركزت حول «مناكفة السعودية» ونسي من «أفتى» وأسهب في تحليل المشهد الجزء الثاني من اللقطة، التي ركز عليها التلفزيون الرسمي الأردني: ولي العهد الشاب الأمير حسين بن عبدالله بجانب الوالد ويستعرض حرس الشرف ويستقبل القائد الأعلى قبل لحظة تسليم الراية .
بتقديري الشخصي تكمن قصة الراية الهاشمية بالجزء الثاني من عملية الاستقرار العميقة التي ينشدها اليوم ملك البلاد.
والصورة تقول لي كأردني: البلد بخير ومستقر وفيه مؤسسات دستورية ويتجه نحو ملكية دستورية راسخة، وولي العهد الشاب يمثل المستقبل والجيش سيبقى المؤسسة الضامنة والحامية للمعادلة التي خبرها الأردنيون.
هي بكل الأحوال رسالة إيجابية ليس من المفيد الإغراق في تحويرها بعيدا عن الهدف الأعمق… والله من وراء القصد.
الإسلاميون والإقراض الزراعي
اكتفيت على شاشة تلفزيون الحكومة في بلادي بمشاهدة دولة رئيس الوزراء يفتتح «مهرجان جرش للثقافة والفنون».
الرجل وأقصد – الدكتور عبدالله النسور- كان متحمسا جدا وهو يوقد شعلة المهرجان نكاية ببيان غريب صدر عن جبهة العمل الإسلامي يطالب بوقف المهرجان بسبب ما ينتج عنه من «فجور ورذيلة».
شخصيا أحب الإخوان المسلمين وأرفض استهدافهم، لكن الحكمة غادرتهم وهم يصدرون البيان المشار إليه عن «مهرجان جرش» فهو غريب في التوقيت وليس فقط بالمنطق .
القوم أعلنوا الحرب على الإخوان المسلمين وفي السلطة من يدشن حملات «شيطنتهم» والناس قلقة من قاطعي الرؤوس وساحقي العظام في الجوار.
والأردني يبحث عن أي نسمة فرح وثقافة وسط أكوام من العدم.. كل ذلك «يذخر» رفاقنا في جبهة العمل الإسلامي خصومهم المتناسلين بذخيرة خاصة بموقفهم الغريب من مهرجان جرش الذي يعتبر واحة فكر وإحترام وثقافة وترفيه لها جمهورها .
دعوني أخبركم ماذا حصل مع الحزب الإسلامي العريق.. هو نفس ما يحصل في مؤسسة الإقراض الزراعي مثلا، ففي كل موعد لمناسبة وطنية يقوم موظف صغير لا أحد يلاحظه بمهمة واحدة فقط على مدار العام تتمثل في إصدار برقية لنشر بيان يهنىء فيه الشعب بالمناسبة حتى لو تم إلغاؤها ثم يختفي… شخص ما في قيادة الحزب فوجىء بحلول موعد مهرجان جرش فقرر إصدار البيان الخالي من الذكاء بصرف النظر عن التوقيت والظروف وكل ما يتطلبه ذكاء العقل البشري .
طوالق «داعش»
تلذذت وأنا أستمع للبيان الشرعي العرمرمي، الذي أعادت بثه محطة «الفرقان»، وعلقت عليه محطة «الرسالة» على لسان المسؤول في تنظيم الدولة الإسلامية «أبو ميسرة الشامي».
ما يجبر مساكين مثلي على التوقف الاستدراكي هو الألفاظ البشعة التي صدرت للمنظرين السلفيين الشيخ أبو محمد المقدسي ونظيره أبو قتادة، فالأول حسب العم أبو ميسرة الشامي «مخنث» والثاني «ديوث»، والأهم كل من لا يبايع البغدادي زوجته «طالق» مما يخيفني على الوضع الشرعي لأم العيال ولجاراتها وقريباتها وصديقاتها اللواتي لا يعرفن عن «دولة الإسلام» إلا تلك الأفلام السينمائية المسجلة لعمليات الحرق والإعدام وقطع الرؤوس .
السؤال هو: إذا كان صاحبنا المفتي الشامي في «داعش» يصرف مثل هذه الألقاب على مشايخ تتلمذ هو وقادته على كتبهم ومؤلفاتهم من حيث الأصل فما هو نصيب أي صاحب قلم أو رأي من أهل السنة ممن لا يبايعون او لا يعلمون شيئا؟
توقعات مصدري «السلفي» أن تصدر قريبا فتوى بملاحقة وإعدام الشيخين المقدسي وأبو قتادة بسبب مواقفهما من الامتناع عن مبايعة البغدادي… عندها سيصبح رأسي المقطوع ورأس غالبية المسلمين تحصيلا حاصلا ومسألة جزئية لا تذكر.
الغريب أن المفتي الشامي لا يملك من إسمه نصيبا فهو «أبو ميسرة» بمعنى وظيفته ينبغي ان تكون التيسير على حياة المسلمين، لكن الإسم الشهي لم يمنعه وبـ «جرة قلم» من تطليق زوجة كل مسلم لا يبايع البغدادي أو لا يقاتل تحت رايته، فما بالك بمن لا يقاتل أصلا من أمثالي أنا وأصحابي .
عمي أبو ميسرة قال ببساطة لزوجات كل أعضاء جبهة النصرة وبلسان فصيح «أخواتي أنتن طوالق» فما بالك بعامة المسلمين الذين لا يفهمون شيئا عن «داعش» والجهاد؟! وقريبا جدا قد نسمع العم أبو ميسرة الشامي يحول الطوالق من حرائر المسلمات زوجات المجاهدين إلى «سبايا».
يبدو أن دوائر الإفتاء في دولة الخلافة تنشغل عن المعركة الأساسية بممارسة دور «الخاطبة».
مدير مكتب «القدس العربي» في عمان
بسام البدارين