ليت الذي خلق العيون السودا خلق القلوب الخافقات حديد
لولا نواعسها و لولا سحرها ما ودّ مالك قلبه لو صيدا
عوّذ فؤادك من نبال لحاظها أو مت كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال و لم تهم كنت امرءا خشن الطباع ، بليدا
و إذا طلبت مع الصبابة لذّة فلقد طلبت الضائع الموجودا
يا ويح قلبي إنّه في جانبي و أظنّه نائي المزار بعيدا
مستوفز شوقا إلى أحبابه المرء يكره أن يعيش وحيدا
برأ الإله له الضلوع وقاية و أرته شقوته الضلوع قيودا
فإذ هفا برق المنى و هفا له هاجت دفائنه عليه رعودا
جشّمته صبرا فلمّا لم يطق جشّمته التصويب و التصعيدا
لو أستطيع وقيته بطش الهوى و لو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عرضت فصارت في الحشا نارا و صار لها الفؤاد وقودا
و الحبّ صوت ، فهو أنّه نائح طورا و آونة يكون نشيدا
يهب البواغم صدّاحة فإذا تجنّى أسكت الغرّيدا
ما لي أكلّف مهجتي كتم الأسى إن طال عهد الجرح صار صديدا
و يلذّ نفسي أن تكون شقيّة و يلذّ قلبي أن يكون عميدا
إن كنت تدري ما الغرام فداوني أو لا فخلّ العذل و التفنيدا
...
يا هند قد أفنى المطال تصبّري و فنيت حتّى ما أخاف مزيدا
ما هذه البيض التي أبصرتها في لمّتي إلاّ اللّيالي السودا
ما شبت من كبر و لكنّ الذي حمّلت نفسي حمّلته الفودا
هذا الذي أبلى الشباب وردّه خلقا وجعّد جبهتي تجعيدا
علمت عيني أن تسحّ دموعها بالبخل علمت البخيل الجودا
و منعت قلبي أن يقرّ قراره و لقد يكون على الخطوب جليدا
دلّهتني و حميت جفني غمضه لا يستطاع مع الهموم هجودا
لا تعجبي أنّ الكواكب سهّد فأنا الذي علّنتها التسهيدا
أسمعتها وصف الصبابه فانثنت و كأنّما وطيء الحفاة صرودا
متعثّرات بالظلام كأنّما حال الظلام أساودا و أسودا
و أنّها عرفت مكانك في الثرى صارت زواهرها عليك عقودا
أنت التي تنسى الحوائج أهلها و أخا البيان بيانه المعهودا
ما شمت حسنك إلاّ راعني فوددت لو رزق الجمال خلودا
و إذا ذكرتك هزّ ذكرك أضلعي شوقا كما هزّ انسيم بنودا
فحسبت سقط الطلّ ذوب محاجري لو كان دمع العاشقين نضيدا
و ظننت خافقة الغصون أضالعا و ثمارهن القانيات كبودا
و أرى خيالك كلّ طرفة ناظر و من العجائب أن أراه جديدا
و إذا سمعت حكاية من عاشق عرضا حسبتني الفتى المقصودا
مستيقظ و يظنّ أنّي نائم يا هند ، قد صار الذهول جمودا
و لقد يكون لي السلوّ عن الهوى لكنّما خلق المحبّ ودودا