انقلاب داخل القصر! شبكة البصرة الصور من اليمين: أحمد عبد ال
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
انقلاب داخل القصر!
شبكة البصرةالصور من اليمين: أحمد عبد الحسين، عبد الزهرة زكي، سيف الخياط
علي خليفة هادي خرج العراقيون على اختلاف مشاربهم إلى شوارع العديد من المدن العراقية منددين بفساد الحكومة العراقية وظلم رجالها منذ جاءت بهم دبابات الاحتلال إلى أرضنا الطاهرة سنة 2003 حتى هذه اليوم. وما من عراقي شاهد المتظاهرين أول مرة في البصرة الفيحاء وغيرها من مدن العراق ومن ثم في ساحة التحرير في بغداد وهم يهتفون بسقوط الفاسدين في المنطقة الخضراء إلاّ اغرورقت عيناه بالدموع أملا في أن يتمخض هذا الحراك العفوي الطاهر إلى واقع يقضي على الفساد والمفسدين. لكن الخوف ما زال يسكن في القلوب! إذ أن العراقيين يتوقون لمعرفة من هي الجهات التي ظهرت فجأة على السطح وباتت ترسم طريق المتظاهرين، وتستحصل الموافقات على خروجهم، وتقرر شعاراتهم، وقد تعلن وقف المظاهرات لو شاءت؟ أي أن العراقيين يجب أن يعرفوا هوية قادتهم. وفي هذه الاثناء تصرُّ أبرز الوجوه المعروفة في الحراك، على عدم وجود جهة محددة تقود المظاهرات وأن الشعب هو من يقودها، غير أن هذا الكلام الذي يدغدغ عواطف الجماهير خطير، بل مثير للريبة ويبعث على التوجس، إذ من الممكن أن يعكس نوايا مبيتة ترمي لتمرير مشاريع غامضة على الجموع المنتفضة التي قدرت بعض الاوساط عددها في ساحة التحرير فقط بنحو 50 ألف متظاهر. إن من حق المتظاهرين أن يعرفوا بشكل واضح من هم قادتهم، وما هي طبيعة أفكارهم، وإلى أين يمكن أن يمضوا بهم، حتى لا تتكرر أخطاء وقعت في عدد من الاقطار العربية عندما ركبت قوى سياسية موجة الجماهير الغاضبة وسرقت انتفاضتهم. ركوب الموجة
للوقوف على هوية هؤلاء، قد يكون من المفيد التعرف على هوية بعض الناشطين من خلال تصريحاتهم التي تصدر هنا وهناك والتي قد تسلط بعض الضوء على طبيعة توجهاتهم. ولعل من الضروري التنويه بأن مهمة تحديد قوى سياسية ترفض الافصاح عن هويتها وتحاول ركوب موجة جماهيرية أمر صعب، لكن البدء من خاطرة نشرها الشاعر سعدي يوسف ذو الامتدادات العميقة داخل الحزب الشيوعي العراقي قد تلقي بعض الضوء على هؤلاء الاشخاص. يقول سعدي يوسف في خاطرته المنشورة على موقع فيسبوك بتاريخ 8 آب 2015 تحت عنوان "فقاعة ساحة التحرير" بأن كاتب البيان الذي ألقي في ساحة التحرير يوم 7 آب هو "عميل مزدوج" يدعى أحمد عبد الحسين، كان قد عمل لدى فخري كريم زنكنة، رئيس تحرير صحيفة المدى الشيوعية المعروف بارتباطاته المريبة. ويحذر سعدي يوسف في خاطرته من خطورة وقوع الجماهير في فخ الخديعة المنصوب لها. ولا أظن بأن سعدي يوسف الذي أمضى نحو 60 سنةً داخل الحزب الشيوعي العراقي ينطق عن هوى، لا سيما وأن زعامات الحزب الشيوعي نفسها كانت موجودة في المظاهرات، على الرغم من قيام المتظاهرين بطرد عضوة مجلس النواب شروق العبايه جي من ساحة التحرير بعد أن اكتشفوا وجودها بينهم. أما أحمد عبد الحسين فهو صحفي عراقي برز بعد احتلال العراق واشتهر بمقالته التي أعلن فيها بأنه جندي فار من الحرب العراقية الايرانية. الشخص الثاني الذي تؤكد المعلومات أنه يساهم في اجتماعات النشطاء المشاركين في التظاهرات هو عبد الزهرة زكي، مدير تحرير صحيفة المدى التابعة لفخري كريم نفسه، والذي كتب قبل اسبوع خاطرة ينفي فيها أن يكون ضالعاً في أي نشاط سياسي يتعلق بالحراك الجماهيري إلا أنه عاد ينشر بشكل شبه يومي تعليمات للمتظاهرين يقول أنها كانت حصيلة اجتماعات النشطاء التي حضرها شخصيا بشأن التظاهرات. وعبد الزهرة زكي غني عن التعريف فهو رئيس تحرير سابق لصحيفة الصباح التي أسسها بريمر ثم انتقل بعد ذلك إلى صحيفة المدى التي لا تختلف كثيرا عن الصباح في توجهاتها حيث يعمل حالياً تحت أمرة فخري كريم. أما الشخصية الثالثة التي تحدثت عنها وسائل اعلام عربية متعددة فهو مراسل قناة "العراقية" الحكومية في باريس ويدعى سيف الخياط. والأخير اشتهر بين الصحفيين بأنه دخل على نادي الصحافة الاجنبي في باريس قبل نحو سنتين أثناء استقبال الصحفيين الاجانب للصحفي العراقي منتظر الزيدي وحاول إلقاء حذائه عليه. ولا تعرف الجهة التي تقف وراء سيف الخياط، إلا أنه موظف حكومي ولا يستبعد أنه قام بما قام انتقاماً للاهانة التي تعرض لها حزب الدعوة، على أقل تقدير. بقي أن نقول بأن سيف الخياط أصدر هذا اليوم منشورا يؤكد فيها أنه يتسلم يوميا برقيات تشجيع للمتظاهرين من قادة الحشد الشعبي معبرا عن شكره لـ"الدعم والاسناد" الذي يتلقاه من هذه الميليشيات. ولا يجب ان ننسى الدعم والإسناد من قبل قادة الحشد الشعبي، الذين كانوا يبعثون برسائل تأييد لحركة الاحتجاجات الشعبية، كل يوم تقريباً، من حيث مكان تواجدهم على خط النار في مواجهة داعش الأسود وإرهابه. أهداف الحراك
ما أن توضحت بعض الاسماء الرئيسية للقيادات التي تعمل جاهدة لركوب موجة الاحتجاجات الشعبية، قد يكون من الضروري التعرف على النهج الذي يحاول هؤلاء فرضه على المتظاهرين. إلى ذلك، يقول البيان الذي ألقي في مظاهرة يوم 7 آب في ساحة التحرير "لم يصبر شعب في العالم على صنوف الظلم والحرمان كما صبر شعبنا الأبيّ، لقد أغمض العراقيون عيونهم عن استنزاف ثرواتهم من قبل ثلة من الساسة الفاسدين، ولم يكن اغماضهم هذا خوفاً، بل لوعيهم العالي بجسامة التحديات التي تواجه البلد أولاً، ولإعطاء الوقت الكافي لانضاج العملية السياسية..". وعلى الرغم من التناقض الواضح الذي تحمله معاني البيان، لكنه لا يترك أي مجال للشك بأن من حرره يقف إلى جانب العملية السياسية التي يقودها اللصوص ذاتهم الذين خرج معد البيان للتظاهر ضدهم. وينسجم هذا الخطاب التصالحي المجامل لحكومة العبادي الفاسدة مع البيان الذي اصدره الحزب الشيوعي العراقي بتاريخ 9 آب والذي عبر فيه عن ترحيبه بالقرارات التي اصدرها العبادي في اليوم ذاته. في الواقع، إن بيان الحزب الشيوعي لا يختلف كثيرا عن البيان الذي ألقى في ساحة التحرير وقد يكون من كتب البيانين هو الشخص نفسه، إذ يعتمد البيانان منهج مجاملة نظام حيدر العبادي بل الاشادة برئيس الوزراء، وحزبه الضالع في المصيبة، ومطالبته بمواصلة الاصلاحات السياسية والاقتصادية عبر الخطابات الرنانة، دون الاعتراف بأن حزب الدعوة والحزب الشيوعي وغيرها من الاحزاب المشتركة في العملية السياسية كانت ضالعة في ترسيخ الفساد منذ احتلال البلاد حتى يومنا هذا. غير أن الخلاصة التي يمكن استنتاجها من البيانين هي الترحيب بانجازات حيدر العبادي بل تقديسه في بعض الاحيان ومن ثم تكريس العملية السياسية الفاسدة بحجة "الحفاظ" عليها وعدم المساس بالدستور والبرلمان، وهو النهج الذي أكده مدير تحرير المدى عبد الزهرة زكي في خاطرة كتبها بتاريخ 9 آب وانتقد فيها كل من يطالب بحل البرلمان، مطالبا بالاكتفاء ببعض الاصلاحات التي تضمن بشكل جوهري بقاء العبادي في موقعه. هنا يبرز السؤال الأهم: ما الذي تمخض عن هذا الحراك الجماهيري حتى هذه الساعة؟! الجواب: لقد تمكن حيدر العبادي حتى الآن من طرد خصميه اللدودين في العملية السياسية: نوري المالكي وبهاء الاعرجي. بكلمة أخرى ما تحقق حتى الان انقلاب داخل القصر لا نعرف حتى الآن مدى نجاحه!! وجهات نظر 11/8/2015 شبكة البصرة
الثلاثاء 26 شوال 1436 / 11 آب 2015
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس