عراقي يتجهون نحو أوروبا يوميا..
٨٠٠عراقي يتجهون نحو أوروبا يوميا.. وبغداد تطالب بمنع «الهجرة غير الشرعية»
العالم/بغداد ـ سارة القاهر:صارت رحلة البحث عن عيش كريم لدى المهاجرين العراقيين، الهاربين من واقعهم المزري، ممزوجة بمخاطر يتربص بها الموت، الامر الذي يضطر وزارة الهجرة الى مخاطبة دول الاتحاد الاوروبي لمنع الهجرة غير الشرعية للعراقيين، بحسب لجنة المهجرين النيابية التي اشارت الى ان اعدادهم تفوق الـ800 مهاجر يوميا.
وتعترض بداية "الهجرة القسرية" من بعض دول الشرق الادنى، وبخاصة سورية والعراق، جملة عوامل منها، خفر السواحل التركي واليوناني، الذين بدأوا باتخاذ إجراءات مشددة لمنع تدفق المهاجرين نحو اليونان، حيث ان أبسط إجراء يمكن ان تتخذه تلك القوات هو ثقب الزوارق المطاطية أو الاستيلاء على ماكينة دفعها.
ولو تجاوز اللاجئ هذه المرحلة بسلام، واجهته الشرطة المقدونية بالمنع من دخول أراضيها، وكذلك اسيجة الأسلاك الشائكة بين صربيا وهنغاريا.
كاظم الهاشمي، شاب عراقي لجأ الى الهجرة غير الشرعية، عبر تركيا الى بلجيكا، ذكر لـ"العالم"، عبر فيسبوك، أنه دفع 8000 دولار لـ"سماسرة" في بغداد يتكفلون تهريبه الى بروكسل.
واوضح لـ"العالم" بأن المهربين يضعون في القارب الواحد اكثر من 65 شخصا، بينما هو لا يتسع سوى لـ30، الامر الذي يتسبب بغرض المهاجرين.
وكانت السلطات الليبية انتشلت 82 جثة جرفتها الأمواج نحو الشاطئ، بعد غرق قارب مكتظ بالمهاجرين في البحر المتوسط، وأعلنت أن مئة آخرين في عداد المفقودين تخشى موتهم، فيما ارتفع عدد ضحايا الشاحنة التي كانت تقل مهاجرين سوريين في النمسا إلى 71.
ويقول الهاشمي إن الاراضي البلجيكية تستقبل يوما الاف اللاجئين، الا ان شرطتها لا تسمح الا بدخول 200 لاجئ يوميا، مشيرا الى ان التهريب عبر أنقرة، يتم من خلال نهر كبير يصب في أثنيا، التي صارت محطة لمهاجري العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان والصومال وفلسطين.
وأضاف الهاشمي أنه بعد ذلك يذهب المهاجرون الى حيث يرغبون من دول اوروبا الغربية، وبطرق غير شرعية أيضا.
ويشهد العراق توترات أمنية منذ العام 2004، استنزفت طاقات الكثير من العلماء والاطباء والشباب، ليضاف الى ذلك أزمة مالية تعرضت لها البلاد في العام 2014، اثر انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية، كون اقتصاد البلد ريعيا، حيث يعتمد بنسبة تفوق الـ95 بالمئة على الخام في تمويل موازنته السنوية، كل تلك الامور أثرت سلبا في وضع العراق الخدماتي والمالي والسياسي، وانتجت بطالة كبيرة بين الشباب.
وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أفصح أمس الاول عن قلقه البالغ إزاء تزايد ظاهرة هجرة الشباب خارج البلاد، واصفا إياها بـ"الحدث المؤلم"، فيما دعا الجهات المعنية إلى اتخاذ تدابير سريعة للحيلولة دون تفاقم الموضوع بشكل أكبر.
وقال الجبوري في بيان ورد لـ"العالم"، الثلاثاء، "نشعر بالأسى البالغ ونحن نرى البلد يفقد خيرة شبابه وابرز طاقاته ومصدر قوته عبر تنامي ظاهرة هجرتهم إلى دول أخرى، وما يرافق هذا الحدث المؤلم من صمت تام من الجهات المعنية بهذه الشريحة والمسؤولة عنها والتي من المفترض أن تقدم حلولا مسبقة".
ودعا الجبوري الجهات المعنية كافة ومن ضمنها اللجان البرلمانية ذات العلاقة، إلى "اتخاذ تدابير سريعة للحيلولة دون تفاقم الموضوع بشكل اكبر وتقديم حلول مناسبة وتوصيات مدروسة من اجل تبنى إجراءات تسهم في خلق فرص جديدة لهؤلاء الشباب وإطلاق مشاريع جديدة تستقطب الطاقات والكفاءات الشبابية بما يعزز الثقة لديهم بمستقبل واعد وحياة كريمة في بلدهم".
بدورها، اكدت لجنة الهجرة والهجرين النيابية أن الوزارة تعتزم الاتفاق مع دول الاتحاد الاوروبي على منع الهجرة غير الشرعية للعراقيين.
وقال عضو اللجنة سالم جمعة في اتصال مع "العالم" امس الاربعاء، إن اعداد المهجرين من العراقيين يوميا تتجاوز 800 شخص تقريبا، يتنقلون بين الاماكن عبر البحر، وبقوارب غير خاضعة لشرط السلامة.
شيماء مطر، ناشطة في مجال حقوق الإنسان، بيّنت لـ"العالم" بأن العراق كان قد "شهد نزوحا جماعيا إلى عمّان ودول الجوار الأخرى في اوقات سابقة، بهدف الحصول على لجوء إنساني الى البلدان الأوروبية، من خلال منظمة الأمم المتحدة".
وأضافت ان "إجراءات قبول اللجوء وحصول المهاجر على اقامة في إحدى الدول الأوروبية تتطلب وقتا طويلا"، مردفة أن العراقيين يتحملون تلك المخاطر بهدف ضمان وصولهم الى الاستقرار في أوروبا.
وكانت عضو لجنة الهجرة والمهجرين، لقاء وردي، اكدت في تصريح سابق لوسائل الاعلام، إن "الكثير من النازحين في خارج البلاد بدأوا يتجهون للحصول على لجوء للدول الاوروبية بطرق الهجرة غير الشرعية"، مبينة ان "هناك وسائل إعلام تناولت صورا تظهر غرق 30 عراقياً خلال الايام الماضية، ونبحث للتأكد من صحة ذلك".
واضافت وردي أن "أسباباً عديدة دفعت النازحين للهجرة بطرق غير شرعية، منها صعوبة العيش في العراق وعدم توفر الامن لهم"، داعيةً وزارة الهجرة والحكومة الى "الانتباه لهذه الظاهرة ووضع حلول لها".
يشار الى ان وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد، اعرب عن قلق وزارته من تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية من البلاد الى الدول الاوروبية، علاوة على مخاطر الارهاب والتهريب المرتبطة بها.
وقال الوزير في بيان اطلعت عليه "العالم"، ان "ظاهرة الهجرة غير الشرعية تنامت بصورة كبيرة نتيجة الاوضاع التي تعيشها البلاد العربية سيما العراق خلال الفترة الاخيرة".
وبين ان "الظروف الصعبة التي عصفت بالبلاد بسبب دخول تنظيم داعش لبعض المدن العراقية، فضلا عن تردي الوضع الاقتصادي وانخفاض اسعار النفط، مما ادى الى تفاقم هذه الظاهرة والشروع بالهجرة عبر تركيا واليونان الى الدول الاوروبية".
واوضح محمد ان "الوزارة تعمل على وضع دراسة شاملة لهذا الملف من اجل تطبيقها على الارض للحد من هذه الظاهرة".
وشدد على "ضرورة وضع الحلول الجادة وحل مشاكل الازمات ومنها توفير فرص العمل للشباب وتوفير العيش الكريم فضلا عن توفير الامن الى المناطق المحررة من عصابات داعش الارهابية للحد من هذه الظاهرة".