حلفتُ بالمستَّرهْ والروضة ِ المعطَّرهْ
ومجلسِ الزَّهراءِ في الـ ـحظائر المنورة
مراقدِ السُّلالة ِ الطَّيِّبـ ـة ِ المطهَّره
ما أنزلوا إلى الثرى بالأمس إلا نيَّره
سيروا بها تقيَّة ً نقية ً مبرره
نجلُّ سترَ نعشها كالكسوة ِ المسيَّره
وننشقُ الجنة َ من أَعوادِه المُنضَّره
في موكبٍ تَمَثَّلَ الـ ـحقُّ فكان مظهره
دع الجنودَ والبنو دَ والوفودَ المُحْضَره
وكلَّ دمعٍ كَذِبٍ ولَوْعَة ٍ مُزَوَّره
لا ينفع الميْتَ سوى صالحة ٍ مدَّخره
قد تُرْفَعُ السُّوقة ُ عنـ ـدَ اللهِ فوقَ القيصره
يا جزعَ العلمِ على سُكَيْنَة المُوَقَّره!
أَمسى برَبْعٍ مُوحِشٍ منها ودارٍ مُقْفِره
من ذا يُؤسِّي هذه الـ ـجامعة َ المُستَعْبِره
لو عشتِ شدتِ مثلها للمرأَة ِ المحرَّره
بنيتِ رُكنَيْها، كما يبني أَبوكِ المَأْثُرَه
قرنتِ كلَّ حجرِ في أُسِّها بجوهَره
مفخرة ٌ لبيتكم كم قبلها من مَفخره!
يا بنتَ إسماعيلَ، في الـ ـميْتِ لحيٍّ تَبْصِره
أَكان عندَ بيتِكم لهذه الدنيا تره؟
هلاَّ وصَفْتِها لنا مقبلة ً ومدبره؟
كالحلم، أو كالوهم، أَو كالظلِّ، أو كالزهره؟
فاطمُ، من يولدْ يمتْ المهدُ جسرُ المقبره
وكلُّ نفسٍ في غدٍ مَيِّتة ٌ فمُنْشَرَه
وإنه مَنْ يَعملِ الـ ـخيرَ أو الشرَّ يره
يلفظها حنظلة ً كانت بفيهِ سكَّره
ولن تزالَ من يدٍ إلى يدٍ هذي الكره
أَين أَبوكِ؟ مالُه وجاهه، والمقدره؟
وادي النَّدَى ، وغَيْثُه وعَيْنُه المُفجَّره
أين الأمورُ، والقصو رُ، والبدورُ المُخْدَره؟
أين الليالي البيضُ، والـ ـأصائلُ المزعفره؟
وأين في ركن البلا دِ يده المعمِّره
وأين تلك الهمة ُ الـ ـماضية ُ المشمَّره؟
تبغي لمصر الشرق أَو أكثرهُ مستعمره
جرى الزمانُ دونَها فردّه وأعثره
فإن همَمْتَ فاذكر الـ ـمقادرَ المقدَّره
من لا يصبْ فالناسُ لا يَلتمسون المعذِرَه
احمد شوقي