Feb. 27, 2016
اللعبة الأمريكية في معركة الموصل
عبد الجبار الجبوري
مضى على سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل، اكثر من سنة ونصف، جرت خلال هذه الفترة تحولات دراماتيكية كبرى في السياسة الامريكية في المنطقة، اضطر على اثرها الرئيس اوباما ان يغير من استيراتيجيته في العراق والمنطقة لعدة مرات، بسبب الفشل الذي يرافق تلك الاستراتيجية، وكانت الاولى هي تخليه عن الخيار العسكري في تغيير نظام بشار الاسد، والذي اعتبره البعض تخاذلا امريكا، في حين كانت استراتيجيته في العراق تهدف الى تقوية ميليشيات ايران ودعمها في مواجهة تنظيم داعش الذي تمدد بعد سيطرته على الموصل، الى محافظة صلاح الدين ومدنها ومحافظة الانبار ومدنها، والذي اصبح من الاستحالة على اوباما مواجهة هذا التنظيم الا بانشاء قوة على الارض لمواجهته والقضاء عليه، لاسيما وان الكونغرس الامريكي يرفض رفضا قاطعا ارسال قوات برية لمحاربة تنظيم داعش والارهاب في منطقة الشرق الاوسط ومنها العراق.
وهنا وقعت ادارة اوباما في فخ الميليشيات الايرانية، التي اصبحت دولة داخل دولة في العراق، واصبح نفوذها يهدد الوجود الامريكي والمصالح الامريكية ، خاصة بعد تهديدات قادة الميليشيات للمصالح الامريكية والتواجد الامريكي، ونسف السفارة الامريكية في بغداد وخطف السفير الامريكي وغيرها، وخطر تنظيم داعش الذي بات على ابواب بغداد، واضطر هنا اوباما الى الاعتراف بفشل استراتيجيته العسكرية وعليه ابدالها فورا، وهكذا تم اعلان استراتيجية جديدة في كل من العراق وسوريا، تهدف الى تقوية ودعم وتسليح وحماية الفصائل المعارضة السورية منها الجيش الحر واحرار الشام وفتح الشام وغيرها. وفي العراق تحجيم نفوذ الميليشيات الايرانية وابعادها في عن المعارك مع تنظيم داعش، بعد ان فضحت معارك تحرير بيجي وتكريت ووديالى والانبار وسامراء وغيرها الاعمال الاجرامية التي قامت بها الميليشيات المندسة في الحشد الشعبي، والخارجة عن القانون كما اعترف بهذا رئيس الوزراء ومقتدى الصدر وغيرهما.
وهكذا تحررت الانبار بلا حشد شعبي ولا ميليشيات، سوى التي اندست في القوات المسلحة للجيش بصفة جيش وزي الجيش، والتي ستدخل في معركة الموصل بنفس هذه الطريقة، والان وبعد ان انكشفت اللعبة الامريكية كل هذه السنوات، ورعايتها للارهاب بكل اشكاله والوانه من داعش وميليشيات، وفشل سياسة اوباما في العراق، نشهد اليوم لعبة وكذبة اخرى في معركة تحرير الموصل، تتلخص هذه الكذبة في تأجيل معركة تحرير الموصل لاشهر اخرى، كما صرح مدير المخابرات الامريكية في شهادته امام الكونغرس الامريكي، وايده في ذلك البعض، وتناقض معه قائد التحالف الدولي ومنسقه ستيف وارن وقال بالحرف ان تحرير الموصل ومعركتها (بات قريبا)، ماذا نفهم من هذا التناقض والتلاعب باعصاب العراقيين عامة واهل الموصل خاصة، وهو يعيشون اسوأ مرحلة في تاريخ مدينتهم، من تجويع واذلال ومهانة وقصف امريكي وحياة مرعبة تحت تسلط تنظيم داعش الذي يعدم العشرات يوميا من ابنائهم، بلا مبرر، سوى شهوة الدم التي رافقت وجودهم في المدينة بحجة تطبيق الشريعة الاسلامية والاسلام بريء منهم.
والتي قاربت اكثر من خمسة الاف شهيد اعدمهم داعش من رموز نينوى العشائرية والعسكرية والمدنية، اليوم ادارة اوباما تلعب لعبتها القذرة الاخيرة، وتؤجل حسم معركة الموصل وتحريرها الى اجل غير مسمى، مما يزيد سفك دماء ابناء الموصل، وتزايد محنة النازحين والمهجرين، في ظل قساوة الظروف الطبيعية والاهمال الحكومي الواضح وعجزها الكامل عن تقديم الخدمات الاساسية لهم، ان تأخير معركة الموصل ستفضي الى نتائج كارثية حقيقية، تصب في صالح تنظيم داعش وترسيخ تواجده هناك، وهذه الكارثة هي حصول حالات ابادة جماعية بسبب الحصار الصحي والاقتصادي الذي تعانيه المدينة من قطع رواتبها من قبل الحكومة ومنع وصول الادوية ومفردات الحصة التموينية، يقابله منع اهل المدينة من الخروج والهروب منها من قبل داعش، ابناء الموصل يتعرضون الى ابادة جماعية تقف وراءها الحكومة وادارة اوباما، ويدفعون ثمن تصديها ورفضها لتنظيم داعش الاجرامي الذي تم رفضه من قبل ابناء المدينة رغم الضغوط والارهاب والقتل والذبح الذي يمارسه عليهم يوميا، اللعبة الامريكية التي تمارسها ادارة اوباما في معركة الموصل، هي التلويح بالمعركة حتى ينسحب التنظيم منها بحجة حماية ارواح المواطنين في داخل المدينة وهم اكثر من مليون ونصف، وهذه اكذوبة، فهي تقصف يوميا بيوتهم واحياءهم وتدمر ابنية ومباني دوائر مدينتهم بالكامل، فهل هذا تحرير ام تدمير، نحن اليوم امام تحد تاريخي خطير هو تنظيم داعش الذي تخيرنا امريكا بينه وبين ميليشيات ايران ودخولها معركة لا نعرف نتائجها التدميرية، لانها ستشعل نار الحرب الطائفية والثأر والحقد بين ابناء المدينة من النازحين والمهجرين بسبب داعش، ومع الابرياء وعوائلهم الرافضين اصلا لداعش.
المعركة معقدة جدا هناك، وهناك من يصر في قادة الحشد الشعبي على المشاركة ودخول الموصل، بل هناك من الميليشيات من يهدد بابادة اهل الموصل لانهم كلهم (دواعش) وفي مقدمتهم ابو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي، ويدعم هذا التوجه باصرار حيدر العبادي رئيس الوزراء، في حين يرفض مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري مشاركة الحشد في دخول الموصل، نحن ايضا امام خيار صعب جدااااااا هو كيف نوفق بين خيارين احلالهما امر من المر، ولم نسمع اي تصريح امريكي يضع حدا لهذه الحرب النفسية المدمرة لاهل الموصل، التي تزيد من تدهور الحالة النفسية لهم اكثر مما هي عليه الان بفضل اجراءات وتهديدات تنظيم داعش لهم وضرورة التحاقهم بالتنظيم ومبايعتهم له بالقوة، هذه هي اللعبة القذرة، التي تلعبها امريكا في معركة الموصل، فكيف لنا مواجهة وفضح هذه اللعبة وافشالها، ان اصرار اهل نينوى بعشائرها ورموزها وممثليها في مجلس النواب ورجالها الاوفياء لمدينتهم عليهم واجب مقدس، هو رفض تواجد الحشد الشعبي وميليشيات، في معركة الموصل خوفا من حصول فتنة طائفية لا تحمد عقباها، والضغط بشكل واضح على ادارة اوباما وتبليغهم واقناعهم بخطورة اشراك الحشد والميليشيات (رغم علمها ومعرفتها المسبقة )، وهذه لعبتها، ولكن يجب اعلان موقف صارم من هذه اللعبة وتفنيد مراميها ونواياها على مستقبل المدينة واهلها، من خلال اصدار بيان وموقف في الاعلام من قبل كل فئات المجتمع الموصلي والعراقي، يلزم فيه ادارة اوباما على ايجاد حلول لاشراك الحشد في المعركة باية طريقة تجنبا لسرقة روح الفرحة يوم تحرير المدينة، كما حصل في تحرير محافظة صلاح الدين وبيجي وغيرها، نحن نظن ان تاخير معركة الموصل هو اجبار اهل الموصل على قبول صخونة الحشد الشعبي بدل موت تنظيم داعش لهم، وتيئيس ابناء المدينة وفرض شروطا امريكية اخرى مثل انشاء قواعد عسكرية وغيرها من الشروط التعجيزية الاخرى، معركة الموصل، وان تأخرت لكنها قادمة وستكشف الكثير من الاعيب امريكية في عمليات التحرير، وتكشف عن استراتيجية اوباما الاخيرة لتحرير المدن، وهي جزء من اللعبة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط....معركة الموصل قادمة رغم انف امريكا وان طال التحرير .....