جيل «الطيبين» وأجيال اليوم!
عائشة سلطان
الأشخاص الذين ولدوا على أعتاب سنوات الستينيات والسبعينيات حتى نهايتها، يمثلون جيلاً مختلفاً عن الأجيال التي ولدت في أحضان الرفاه والطفرة وعواصف التحولات. يكمن الاختلاف في التجارب الحياتية التي خاضوها، وفي نوعية التربية التي تربوها على أيدي أمهاتهم وآبائهم وأجدادهم، وطبيعة المجتمع الذي تحركوا فيه، وكذلك التعليم الذي تلقوه، فهو وإن لم يكن تعليماً خاصاً وفي مدارس فارهة وباللغة الإنجليزية فإنه التعليم الذي وفر متطلبات واحتياجات مرحلة من أهم مراحل المجتمع.
إن «جيل الطيبين» كما يطلق عليهم، يعتبرون أنفسهم أشخاصاً محظوظين لأنهم شهدوا كل مراحل بناء الدولة، وعايشوا التغيرات التي عاشتها الإمارات في كل تفاصيلها، وعرفوا أحياء المدينة وأسماء العائلات، وهي نفسها التفاصيل التي تشكل حقيقة المجتمع وروحه وهويته، فلم تتدخل عناصر غريبة في تربيتهم، كما تعاملوا مع كل مكونات الطبيعة بمنتهى الحرية، البحر والهواء والأرض، الطيور والحيوانات، الجيران، الخرافات، أخوة الجوار.. إلخ.
أما الأجيال اللاحقة فقد تنعمت بمستوى عالٍ في كل شيء: المعيشة، التعليم، السفر، المساكن، اللعب، المدارس، المقتنيات.. إلخ، لكن هؤلاء لم يحظوا بتلك التفاصيل الرائعة التي حصنت جيل الطيبين، ولذلك فإن مراجعة طرق التربية داخل البيت ستعوض النقص وتواجه الخلل الحاصل في أساليب وطرق تنشئة صغار اليوم، في هذا الفراغ الذي يعانونه وخاصة في علاقتهم مع هويتهم ولغتهم وتراث أهلهم وحقيقة شخصيتهم وانتمائهم، فكثيرون منهم يتحدثون ويستظهرون ما حفظوه دون وعي حقيقي، كما أن درجة النضج الاجتماعي لدى كثير منهم ليست على ما يرام لأسباب معروفة!
أجيال الستينيات والسبعينيات عاشوا حياة مغايرة، حياة بسيطة لكنها حقيقية، لم تكن متطورة وحديثة، لكنها كانت ذات هوية واضحة ومنتمية للمكان ولأهله وعاداته، وهذا ما ينقص أجيال اليوم، وعلى المناهج والأسر والإعلام أن يسدوا هذا النقص عبر عمل دؤوب وممنهج ومستمر، لتقوية البناء النفسي والاجتماعي لهذه الأجيال.