[rtl]لا اعرف لماذا لم يطلب من الميونيرية الشيعة والذين اصبحو بين ليلة وضحاها من اصحاب الملايين وربما البعض منهم مليارديرية، خاصة ان معظمهم لم يتعب في جمع ثروته من تعب الجبين كما يقال ؟ [/rtl]
[rtl]سمير [/rtl]
[rtl] مليونير بلا رتوش[/rtl]
[ltr]ملهم الملائكة[/ltr]
[rtl]لم ألتقِ بمليونير عراقي إلا بعد أن جاوزتُ الخمسين، حيث تجمّع في قائمة معارفي ثلاثة مليونيرات، هم تفاصيل النسيج العراقي غير المتجانس، سني، شيعي وكردي. حين عرفتهم شعرت بأنني صرت أقرب لليُسر، فكانت هذه الوقائع.
في تعريف " المليونير"، هو -أوهي- شخص غامض، قوي، متسلط، فوق القانون ، فوق السياسة، فوق الرسمي، عابر للعلاقات الاجتماعية، فوق التحصيل الأكاديمي، بعيد عن المخاوف المعتادة، غير يومي، ولا تشكل قواعد مسموحاتنا وممنوعاتنا وآدابنا وتربيتنا عنده أي معنى .
مليونير سني[/rtl]
[rtl]ولم يكن هذا الوصف بعيدا عن الطبيب العراقي الذي عاش في أوروبا اربعين عاما، ويمتلك اليوم مشفى خاصا به في أغنى بلد أوروبي وآخر في القاهرة، وثالثا في قبرص (خاص بالأثرياء)، ويدير هو وزوجته الطبيبة الفرنسية كل هذه المؤسسات.[/rtl]
[rtl]بعد عام من معرفتي به، التقيته في مطعم عراقي في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي رسميا، وعاصمة العالم بامتياز. كنت أبحث عن مموّل لمشروع أكاديمية تتولى إعداد الإعلاميين للخروج بالعراق من بؤس الإعلام الذي ورثه عن عصور الدكتاتورية والإشتراكية القومية والحزب الواحد والقائد الضرورة. وكنت متفائلا بعراق يبتعد عن كل الأمراض ويتجه لأن يكون دولة مثل ألمانيا أو اليابان بعد دمار الحرب العالمية الثانية. [/rtl]
[rtl]حين كشفت له على مائدة المشاوي العراقية الأصيلة عن رؤياي الحالمة في أكاديمية الإعلام وقناتها التلفزيونية وإذاعتها وصحيفتها، سألني وهو يبتسم ماضغا لقمته، إن كان المشروع سنيا أم شيعيا أم كرديا، وبلعت استغرابي لما قال لأوضح له أنّ المشروع سيكون عابرا لهذه التقسيمات وسيتخذ من اربيل (الآمنة ذات البنية التحتية الجيدة) مقرا له، ضحك وقال: " بالنسبة لي سيكون مشروعا كرديا إذا، وفي الغالب لن يستفيد منه أهل السنة في العراق".[/rtl]
[rtl]بعد أخذ وجر، ختم الطبيب العراقي الستيني بثروته التي تتجاوز خمسين مليون دولار الحوار غير المتكافئ بالقول: " الحقيقة ليس عندي أموال سائلة جاهزة لمشروع يتطلب ما لا يقل عن مليونين دولار، وأعتقد أنّ الجدوى منه ستكون معدومة، فالإعلام لا يعود بمردود على المستثمرين فيه ".
مليونير كردي[/rtl]
[rtl]ظننت قبل لقائي الأول به، أنّه من الكرد الذين أثروا خلال العهد السابق، وأغلبهم من أمراء أفواج الدفاع الوطني سيئة الصيت. لكن الظن الآثم تبدد في القصر المنيف المهيب باناقته ذات الخمسين الف متر مربع والمطل على أجمل بقاع العالم ، حيث مثُل أمامي رجلٌ يقارب السبعين، لم يزر العراق منذ غادره بلا رجعة عام 1965 ولا يعرف تقريبا عنه شيئا .كان ودودا ، يتنقل بلباقة بين ست لغات يتحدث بها بيسر راويا المُزح والطرائف بكل تلك اللغات وترجماتها بلا توقف. [/rtl]
[rtl]بعد ستة أشهر من معرفتي به أردت أن أتعكّز على "صديقي" المليونير الكردي الذي لا يُبدي أيّ اهتمام بمكونات ومعتقدات العراق سوى بكونه عراقيا، فسألته أن يدعم مشروعا أطلقه طبيب يعالج مرضى جنوب العراق بجلبهم الى ألمانيا وعلاجهم وإعادتهم. [/rtl]
[rtl] سألني أيّ نوع من الدعم أنتظر منه؟ فقلت له أنّ هذا الطبيب يريد أن ينشئ مشفى لعلاج الأطفال بكوادر أوروبية وبأجور شبه مجانية في جنوب العراق بدلا عن جلب الأطفال الى ألمانيا لعلاجهم.[/rtl]
[rtl]نظر الي وهو يلتهم حبات التمر العملاقة التي تصله من مورّد سعودي، وقال: " يا صديقي قد أدخل في مثل هذا المشروع إذا ضمنتَ أنت لي أنّ الميليشات الشيعية لن تفرض خاواتها على طاقم المشفى، واذا ضمنت أنّ الفساد الاداري لن يفرض عليّ دفع رشاوى تعادل ضعفي أجور العمل، وإذا ضمنت أنّ المشفى سيكون لكل العراقيين، وليس لأبناء من هم في السلطة وخواصهم، واذا ضمنت أنّ الأجور ستكون حقا مجانية، وإذا ضمنّت لي أخيرا أنّ الوساطات لن تقرر دخول المرضى وعلاجهم".[/rtl]
[rtl]ثم اتكأ على مقعده الوثير، ونظر الي ضاحكا، وهو يقول " إذهب وجئني بكل هذه الضمانات وسأضع تحت تصرفك عشرين مليون دولار تنفذ بها مشروعك".[/rtl]
[rtl]
ولما عجزت "طبعا" عن المجيء بالضمانات، لم أجرؤ بعدها أن أساله الدعم لهذا المشروع أو لغيره.
مليونير شيعي[/rtl]
[rtl]الميلونير العراقي (فلان الفلاني) المقيم في لندن وصاحب مؤسسة (...) الخيرية اراد التعرف عليّ، فالتقينا في مطعم أنيق بضاحية في جنوب لندن، وعرفت أنه إبن مليونير عراقي شيعي معروف ضايقه البعثيون حين وصولهم الى السلطة عام 1968 فهرب وأسرته ببعض أموالهم الى لبنان فأوروبا حيث ولد مضيفي متنقلا بين البلدان، ويريد اليوم أن يخدم بلده الذي لم يره بجزء من ثروته وفاء له.[/rtl]
[rtl]انتابني الفرح وأنا اشاهد عراقيا لم يعرف الوطن عن كثب إلا أنه يحنو عليه، ويريد أن يفعل شيئا لأجله، ثم إستمعت اليه وهو يروي لي مشروعه لإنشاء محطة تربوية تلفزيونية ترتقي بالجيل الجديد الى مفاهيم جديدة تبتعد بهم عن قيم الحزبية والطائفية والعرقية. ومضى يقول بحماس" هو مشروع يشبه مشاريع القنوات التربوية الأوروبية، ولكنه معدّل بما يناسب الوضع العراقي وخصوصياته "، ثم وصلنا في نهاية لقائنا الى التفاصيل "الشيطانية " حسب تعبيره، فقال لي" أريد أن تكون المحطة في الكوفة أو النجف، وأريد أن يبدأ العمل فيها في أول محرّم المقبل تيمنا بالعام الهجري الجديد، أي بعد عام تقريبا من لقائنا هذا".[/rtl]
[rtl]وسألته مذهولا :" لماذا في النجف، ولماذا في أول محرّم؟ "
" لكي نكون أقرب الى بيئة الجيل الجديد، ونقوده دائما للسير على طريق السلامة، أما محرّم فلأنه شهد مصارع سيد الشهداء وآل بيته، وسنجعله مشروعا يكرس حب آل البيت في نفوس الناشئة".[/rtl]
[rtl]تجرعت خيبتي الساحقة بكأس من ماء الشوندرالمعطّر بالزعفران، ولكني قررت أن أمضي في الحوار الى نهاية منطقية، فسألته عن المبلغ الذي رصده لإطلاق المشروع، ولإدامته، وحين أعلن لي مفتخرا أنه رصد ثلاثمائة الف دولار كبداية، أدركت انه يحلق في سماء الخيال، لأنّ مشروعا من هذا النوع لابد أن يبدأ بما لا يقل عن عشرة ملايين دور، وتعطلت لغة الكلام فالرجل لا يدري عمّ يتحدث.
مليونير خائن ![/rtl]
[rtl]انتهى الحوار مع المليونير الشيعي الى لا شيء . في رحلة العودة من لندن شاءت مصادفة مضحكة مبكية أن تضع في يدي على متن الطائرة صحيفة الشرق الأوسط ( بلونها الذي يستمد خُضرته من العلم السعودي) وقد نشرت في عددها المرقم 11368 الصادر في 12 كانون ثاني/ يناير 2010 مقالا عن المليونير اليهودي العراقي المقيم في لندن نعيم دنكور، والذي منح ثلاثة ملايين باوند استرليني ( خمسة ملايين دولار) لزمالات دراسية لطلاب العراق الفقراء، متناسيا أنّ العراق لم يبق فيه يهود، وجاهلا (أو متجاهلا) أنّ فقراء العراق لايصلهم أي شيء من الصدقات إلا أيام الانتخابات.[/rtl]
[rtl]
خلاصة القول: [/rtl]
[rtl]مليونيرات العراق لا ينتمون الى هذا البلد إلا بطعامهم ولهجاتهم، وتذهب خيراتهم الى بلدان المهجر أو للأوطان البديلة . ألم نقل بدءا أنّ المليونير هو شخص عابر لكل شيء، وهو عابر حتى للأوطان؟ [/rtl]