مفاجآت ترامبية في الموضوع الفلسطيني؟
رأي القدس
Mar 11, 2017
لم يكن الفلسطينيون يتوقعون الكثير من الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء أمس وخصوصاً بعد لقاء ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن مؤخراً.
لكن الفلسطينيين الذين تعلّموا أن يكونوا مستعدين دائماً لحصول الأسوأ، والذين استشعروا، مع صعود موجة ترامب اللافحة وحلوله العجيب في البيت الأبيض، بمخاطر داهمة، فرجل الأعمال الشهير والشعبوي الذي تحفل آراؤه بعنصرية فاضحة قدّم خلال حملته الانتخابية الكثير من الوعود التي سارع لمحاولة تطبيقها حالما استلم منصبه، ومن ذلك حظر المسلمين، ومطاردة المهاجرين، وبناء سور مع المكسيك… ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
الأغلب أن المواجهة المفتوحة التي خاضتها «الاستابلشمنت» الأمريكية، من السياسيين، والإعلاميين، والقضاة، وكذلك الحراك الشعبي الذي خاضته النساء بعد يومين فقط من استلامه المنصب، وأدّت إلى وقف قراره التنفيذي الخاص بحظر دخول مواطني سبع دول مسلمة، وردود الفعل الدولية التي جابهته في الكثير من دول العالم الوازنة، كالصين وألمانيا وأستراليا، وكذلك من جارته المكسيك، فعلت كلّها فعلها في «فرملة» الأجندة الخطيرة التي كان ترامب يأمل في تطبيقها، ومن بينها، ربّما، رغبته في تسليم كافة تفاصيل ملف النزاع العربي ـ الإسرائيلي إلى زوج ابنته جاريد كوشنر الذي هو من طائفة اليهود الأرثوذكس (وقد اعتنقت إيفانكا ترامب أيضاً اليهودية قبيل زواجها به)، الذي عيّنه رئيساً لمستشاريه.
إضافة إلى المعلوم من أن كوشنر وأباه يتبرعان بالملايين لمؤسسات إسرائيلية يضاف أن والده فاحش الغنى كان قد أدين وسُجن بتهم التهرب الضريبي والتلاعب بالشهود والتمويل غير القانوني لحملات سياسية، وبعد سجن الوالد تولّى الابن تسيير أعماله، وإضافة للثروة الهائلة من العقارات (كما هو حال ترامب) فإن كوشنر طوّر علاقة بالإعلام فاشترى جريدة «نيويورك أوبزرفر» وجعلها خلال حملة ترامب الانتخابية خط دفاع أول في مجال التهم المتعلقة باللاسامية.
من جهة أخرى، فلا يمكن تجاهل أيضاً أن علاقة ترامب بالمؤسسات اليهودية النافذة في الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن على ما يرام، وقد عبّر ترامب عن ذلك بطريقته «المتميزة» في لقاء مع شخصيات يهودية أمريكية مؤثرة بقوله إنهم لا يؤيدونه لأنه غنيّ «ولا يمكنهم شراؤه!»، وأنه تراجع خلال حملته الانتخابية عن زيارة إسرائيل كما وعد بأنه «لن ينحاز لأحد الطرفين» (في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي)، ناهيك عن موجة العداء لليهود التي تثيرها سياساته الداخلية في أمريكا والتي تتوجّه للناخب الأبيض التقليدي ذي التوجهات العنصرية التي تكره المسلمين والسود… واليهود، وأخيرا ما قيل عن تراجع نفوذ كوشنر عليه مقابل ارتفاع أسهم مستشاره «الاستراتيجي» ستيف بانون.
هذه الخلطة لنتائج اصطدام أفكار ترامب، رجل الأعمال الشعبوي، مع الوقائع الصلدة في أمريكا والعالم، انعكست في هجمات مرتدة على الصحافة وأجهزة الأمن، ولكنّها تبدّت أيضاً في محاولات للتأقلم مع أحكام القانون (الأمريكي والدولي)، وفي التراجع، العشوائيّ ولكن المستمرّ، لجبهات ترامب المفتوحة مع العالم، وهو الأمر، الذي يفسّر العدول، حاليّاً، عن فكرة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، كما يحتسب ضمن ذلك هذه المهاتفة لعباس وإرسال المبعوث الأمريكي للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبولت، للقائه غداً أو بعد غد.
المكالمة تمخضت عن دعوة الرئيس الأمريكي لمحمود عباس لزيارة البيت الأبيض، وهو أمر يفوق ما كان الفلسطينيون يتوقعونه، وهو بالمقاييس النسبية لرئيس أمريكي كان يتأهب لقلب الطاولة على الفلسطينيين أمر مهم، وبحسب مراسل «القدس العربي» فإن ترامب قال لعباس إنه حان الوقت لوقف معاناة عمرها 70 عاماً، فهل نتوقع مزيداً من مفاجآت ترامب في الموضوع الفلسطيني؟ على الأرجح عليهم أن يبقوا مستعدين للأسوأ!