الكـــويــت .. التمــــادي الــى ايــــن !؟
شبكة ذي قار
د. سامي سعدون
الكويت جرح لم يندمل ولن يلتئم اذ مازال غائراً في أعماق الروح ومازالت ألامه اشد مضاضة وأوقع اثراً ، فرغم ان ما حصل للعراق بسبب الكويت وحكامها كاف لطي الأحقاد ونفث السموم وتوقف النهش بجسد العراق وألحاق الأذى بناسه !؟ الا ان من جبل على الخيانة والتآمر والولوغ بالدماء البريئة لن يطهر، فالكويتيون المدفوعون آنذاك ( 1990 ) بدور أساس في مخطط تدميرالعراق ! وذلك باستفزازه ( وهذا ما أكده احد امراء ال صباح ! ) والقيام بالزحف على أراضيه واحتلال ابار النفط الحدودية وابرزها حقول الرميلة في تحد غريب من صغير ،وتطاول مريب من خانع مستغلين انشغال العراق في إيقاف الطوفان الفارسي ومخاطره على المنطقة وحماية الكويت ومثيلاتها منه! بدماء العراقيين الزكية في حرب ضروس طيلة ثمانية أعوام ،فآل صباح هم من أوصل الأمور الى 2آب ـ أغسطس 1990بعد ان غلقّت ،وباساليب خبيثة ، سبل إيقاف هذا التطاول المخطط ، وبعد تعبئة دولية سياسية وإعلامية ضد العراق ورش الأموال وتوزيع السيارات الفارهة واطقم الذهب والجواهر، كرشاوى لرؤساء ووزراء وحتى على السفراء أعضاء مجلس الامن ماعدا سفيري كوبا واليمن لعدم تصويتهما على قرار استخدام القوة ضد العراق؟!! فكان ما كان من عدوان ثلاثيني غاشم ألحق، الى جانب سفك الدماء ، دماراً شاملاً بالبنى التحتية وباغلب مرافق الدولة والحياة بما في ذلك الخدمات الأساسية وتكبيل البلاد بقرارات دولية مجحفة مع حصار شامل حتى تدمير العراق واحتلاله في نيسان ـ ابريل 2003 ،وقد أرغم العراق بدفع تعويضات باهضة للكويت بلغت 52 مليار دولار مع 12 مليار أدعت انها اعطتها للعراق اثناء الحرب مع ايران ،وقد باشرت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات المنشأة بموجب القرار 687 ( 1991 ) الاستقطاع من مبالغ مبيعات النفط العراقي وفق مذكرة التفاهم ( صيغة النفط مقابل الغذاء والدواء ) ولم يبق اليوم منها سوى 4 مليار لم تدفعها حكومات مابعد الاحتلال لفسادها وانشغالها بالسرقة والنهب رغم موازناتها الخيالية لارتفاع اسعار النفط " موازنة عام 2004 بلغت 18 مليارا ووصلت عام 2017 الى 162 مليار،وقد بلغ مجموع الموازنات لتلك الفترة تريليون و240 مليار دولار" وكانت لجنة التعويضات تقر كل ما تردها من شكاوى وطلب تعويضات من الكويت وممن ادعى التضرر ما عدا طلبات العراقيين !وقد صرفت مئات الملايين على طلبات غريبة منها ان الأردن طالب بكذا مليون لإزالة مخلفات النازحين من الكويت باتجاه بلدانهم عبر عمان ! وطلبات سورية وسعودية شبيهه حول تلوث البيئة ، ومن الطلبات الغريبة ان صاحب احد دور العرض السينمائية في تل ابيب حصل على تعويض لانخفاض عدد رواد السينما آنذاك؟! كما ان متسللين امريكان اعتقلوا لدخولهم العراق بشكل غير مشروع حصلوا على تعويضات لان زوجاتهم حرمنّ من ممارسة الجنس فترة الاعتقال !
ناهيك عن التعويضات الكبيرة لدولة الكويت وللامراء وأصحاب الشركات وكل الكويتين بادعاء التأثر النفسي وتضرر وسرقة دورهم ؟! وبعد العدوان الثلاثيني 1991واصلت الكويت اقتطاع المزيد من الأراضي وابار نفط وبساتن نخيل وعلى طول الحدود البرية والبحرية في لعبة ترسيم الحدود التي استبعد عنها العراق ورسمتها لجنة كويتية ـ أمريكية ـ بريطانية فور توقف العدوان، اذ زحفت الحدود الى ما بعد النقطة الحدودية في صفوان بعد ان كانت في المطلاع !واجبار العراق على قبول الحدود الجديدة بعد مبادرة روسية تعهدت بموجبها موسكو برفع الحصار وفق الفقرة 22 من القرار 687 لكنها كانت لدغة روسية حصل فيها كوزريف وزير الخارجية الروسي آنذاك على رشوة كبيرة وبقي في منصبه سنتين أخريين رغم فشله ؟! وكان الكويتيون ، بعد الاحتلال وبوجود سفراء يمثلون العراق بجنسيات كويتية منهم إبراهيم بحر العلوم وحكومات بغداد العميلة! قد ضموا أراضي واسعة غنية بالنفط ، فالى جانب ثلاثة حقول نفطية كبيرة هي ( الزبير وسجيل الأولى وقبة صفوان ) قامت الكويت بحفر 4 آلاف بئرجديد؟! إضافة الى ضم قاعدة ( الخليج العربي ) في ام قصر بكل منشآتها ومراسيها والممر البحري لخور عبدالله مع ارصفة الموانىء العراقية وجزء كبير من ميناء الفاو ومصانع البتروكيمياويات والحديد والصلب وخور الزبير، وان حكومات ما بعد الاحتلال وبالذات حكومة المالكي الثانية قد وافقت على الترسيم الحدودي الجديد،اي التنازل عن كل ما احتلته الكويت لقاء رشاوى ،كما انها لم تطالب ال صباح بما سرقوه من النفائس والاثار والارشيف الوطني وما دمروه عند دخولهم كادلاء ناقمين مع قوات الاحتلال ! ولم تعترض حتى على انشاء ميناء مبارك الكبير على أراض عراقية خنقت فيه ميناء الفاو فيما رفض المندوب الاممي الماليزي ان يرسم الحدود البحرية ويجعل خور عبدالله ضمن الحدود الكويتية وهو اطلالة العراق الوحيدة على البحر؟
ومؤتمر المانحين الذي أنعقد في الكويت في ذكرى ( فبراير تحريرالكويت! ) إهانة جديدة للسلطة في بغداد، وفعلة كويتية لئيمة هدفها سياسي واعلامي يظهر حكام الكويت بانهم احرص على اعمار العراق، ولكن الحقيقة انه استمرار للنهج الكويتي في ألحاق الأذى وقضم ما يستطيعون من الأرض العراقية ! فضلاً عن ان رعايتها للمؤتمر هو لصالحها ولصالح الشركات والأموال الكويتية اذ لايمر أي مشروع استثماري الا من خلالها رغم النتائج المخزية التي انتهى اليها بالوصول الى 30 مليار دولار بين منح 6% وقروض سيادية 66% وغير سيادية 28% فكان خيبة امل للعراق بوفد الـ 143 عضواً الذي بنى امالاً بالحصول على 100 مليار دولار من حاجة فعلية لـ 300 مليار على الأقل لاعادة بناء واعمار المدن المدمرة ،فالمنح بسيطة ،والقروض الاستثمارية مشروطة ستضيف أعباء مالية مكلفة للموازنة العراقية ،ومن المثير للاستغراب ان الولايات المتحدة المسؤولة واتباعها عما حلّ بالعراق ،وشريكتها في التدمير والاحتلال ايران الملالي لم يساهما باي دولار وان اليابان جعلت مساهمتها عن طريق الأمم المتحدة كي لاتذهب لجيوب لصوص بغداد !والمفاجأة ان الكويت ساهمت بقرض بسيط بشروط سيادية وكان التوقع تنازلها عن الـ 4 مليارات المتبقية من التعويضات بعد الاستيلاء على الأراضي وابار النفط العراقية ! وهذا ما حاولوا تسريبه عند الدعاية للمؤتمر وتبرير عقده في الكويت،الا انه لم يحصل اذ ما زالت الكويت تعمل على اقتطاع أجزاء جديدة من العراق وربما انها من خلال المساومة على الديون او أجزاء منها ستحصل على تصديقات وموافقات بغداد على مرتسمات حدودية جديدة ؟! فالمؤتمر دعاية لصالح الكويت وتحقيق لما تضمره ضد العراق ! وتحريك لسوقها وتشغيل لشركاتها ورجال الاعمال ، وبما يتسرب لجيوب اللصوص الفاسدين وكان اول العقود توقيع عقد قيام الكويت بتصدير الكهرباء للعراق ؟!!، وتهافت سلطة بغداد على قروض مكلفة رغم الموازنات الخيالية التي تحققها مبيعات النفط يثبت عدم الجدية في بناء واعمار ما دمرته حروبهم ! وان الهدف قد يكون دعائياً يوظف في الانتخابات القريبة من ناحية ومن ناحية أخرى باباً مضافاً للسطو والنهب ، والمؤتمر باحجام وتردد المانحين والمستثمرين الكبار ( القروض الاستثمارية هي فقط 13% من مجموع ما مطلوب فعلياً ) اكد عدم الثقة بحكومة بغداد التي لم تطرح ،خلال المؤتمر ،أي مخطط استثماري او خطة مفصلة لعملية الاعمار اذ ،على سبيل المثال، ان هيئة الاستثمار تعاقدت على 300 مشروع استثماري لم يتحقق منها أي شيء؟!!
ولو كان المسؤولون جادين في الاعمار لاستثمروا جزءاً بسيطاً مما سرقوه من المال العام وانتفعوا بالارباح ؟! اما سياسة حكام الكويت العدائية والحاقدة التي اثبتتها تصرفاتهم وما ألحقوه من اذي وما تسببوا فيه من سفك دماء العراقيين وتدمير البلاد والزحف باتجاه العمق العراقي بترسيمات جديدة للحدود ابتلعت خلالها الأراضي الغنية بالنفط والمعادن إضافة الى ابار نفط منتجة ومنشآت اقتصادية كبرى وبساتين بالاستقواء بقوى طاغية وفي ظل ظروف عامة وعربية غاية في السوء والسلبية وعدم اكتراثها لسلطة وحكومات بغداد العميلة والفاسدة .. هذه السياسة المعادية التي لم ينفع معها الاعتذار عما حصل لشعب الكويت وبما يطوي صفحة الماضي والتطلع للمستقبل برؤيا بعيدة ،فالكويت صغيرة وستبقى صغيرة الى جانب العراق الذي يعرفون وشعبه الذي لن يقبل الذل ولن يسكت على ضيم ولن يضيّع حقه ولا نعتقد ان حكامها نسوا كيف ان شيخهم عوقب بان اقتيد ليرقص بهاشمي شقيقته موزة امام شيخ المنتفك ناصر الاشكر السعدون! وهل فكرمن مازال يتحدث بسوء ويتوعد العراقيين،ماذا يعني الكتابة "يعيش صدام "على اسيجة اكثر من مدرسة في العاصمة وخلال فترة انعقاد مؤتمرالمانحين ! فليفكروا بمستقبل الأجيال المقبلة فحال العراق اليوم ليست ابدية وسلطة المحتلين لن تعمر اكثر،والاحتماء بالاجنبي ليست مضمونة ولا دائمية ،وما اخذ من حق عراقي سيعود مهما طال الزمن.
السبت ٩ جمادي الثانية ١٤٣٩ هـ ۞۞۞ الموافق ٢٤ / شبــاط / ٢٠١٨ م