كلكامش
عبد السلام طه
في كانون الاول من العام 2000 اقامت جامعة سدني العريقة في استراليا احتفالا مهيبا بمناسبة مرور 150 عام على تأسيسها، تخلل الاحتفال رفع الستار عن تمثال مهيب لملك اوروك السومري الشهير كلكامش ، التمثال نسخة طبق الاصل عن القطعة المعروضة في القاعة النسطورية في متحف اللوفر - باريس والتي نهبها و هربها الحفار الفرنسي بول اميل بوتا في العام م1844 وقد تم ادراجها بهذه التفاصيل في كتاب بوتا الذي نفذ رسماته ( يوجين فلاندان - ) من قصر العاهل العراقي القديم من العصر الاشوري الحديث سرجون ( الاشوري ) او الثاني من عاصمته الملكية ( دور شروكين -وتعني "حصن سرجون" او التسمية اللاحقة خورساباد ) في ولاية الموصل انذاك. فهي من اعمال النحت العراقي القديم في عصوره النسطورية .
القطعة الاصلية المعروضة في اللوفر لا تشير الى كونها تمثل العاهل السومري كلكامش بل تذكر تمثال ( لبطل يحمل شبل ) وعلميا لا يمكن تثبيت هذه كحقيقة، وانما هي اجتهاد من قبل المختصين من اثاريين ومؤرخي فن، لكن من المهم ان نذكر أن الثقافة النسطورية ورثت الكثير من عناصرها من الجذر( السومريو-اكدي ) الاصيل الذي وردها من القسم الجنوبي والوسطي من بلاد النهرين ولا ادل من ذلك اللقب الذي اطلقه سرجون الاشوري على نفسه تيمنا بسرجون الكبير العاهل العراقي القديم من العصر الاكدي ( 2350 ق.م ) ، وكذا نجد الكثير من ما وردنا من طقوس وتقاليد الاشوريين قريبة وتتطابق مع بقية الثقافة العراقية القديمة من ديانة و فكر ..الخ.
نعود الان الى التمثال الذي بحسب القطعة البرونزية الموضوعة في احد جوانب قاعدته يرد بان المنفذ للعمل يدعى لويس بطرس، و نجده في الصورة واقفا بالقرب من العمل، الان نتابع القراءة للنص الذي يقدم لهذا العمل وسنجد التالي:القسم العلوي : جلجامش، الملك الاشوري لاوروك في الالف الثالث ق.م ، بعضه آله وبعضه أنسان ...الح )القسم السفلي : في القرن التاسع عشر ، عثر السير اوستن هنري لايارد على الواح طينية ارقى الى القرن الثامن ق.م في مكتبة اشور بانيبال في نينوى والتي اعتبرت عملا ادبيا ملهما للكثير من الادب العالمي...الخالعمل وفكرته رائعتان و نشد على يد المخلصين من ابناء العراق ، ولكن لدينا ملاحظات حول بعض التفاصيل و هو ما نعتقد انه ربما التباس غير مقصود :1- كلكامش او بلكامش ملك سومري وليس آشوري ورد اسمه كاحد حكام سلالة اوروك ( سيد كُلّاب ) و حكم بحدود 2600 ق.م . بحسب قائمة الملوك السومريين 2- أقدم ذكر ورد للاشوريين كمقاطعة بحكم مركزي كان في عهد الملك شمشي أدد الاول ( القرن 19 ق.م ) وعاصر العاهل البابلي الشهير ( حمورابي ). إبان الالف الثالث ق.م الميلاد لم يكن هناك ذكر لدولة اشورية او ملوك وانما كانت تدعى في الادبيات السومرية والاكدية ( ارض السوباريين ) اي التي يُجلب منها العبيد وكانت تقطنها قبائل و عشائر متفرقة.3- العاهل العراقي القديم من العصر الآشوري الحديث الشهير ب آشور بانيبال ( بحسب العهد القديم ) اسمه باللغة الاكدية الام و باللهجة النسطورية ( آشور بانِ ابلِ ) هذا الملك عاش في القرن السابع الميلادي ( ولد في 687 ق.م و توفي في 627 ق.م ) وليس القرن الثامن كما يظهر في اللوحة البرونزية ( اعلاه ) .قمنا ( كاتب المقال بالتعاون مع الاثاري العراقي د. عبد الامير الحمداني من جامعة درهام في بريطانيا ) بمراسلة مركز كلكامش في استراليا والتجمع الآثوري الذي يظهر تفصيل اعضاءه بالصوره المجاورة عبر التجمع الثقافي العراقي في سدني، على هذه الاخطاء ( غير المقصودة ) بحق ملوك بلاد النهرين القدماء من سومريين الى آشوريين.وكذا راسلنا المجمع العلمي وقسم التاريخ القديم في جامعة سدني و نحن في تواصل معهم رغم تنصلهم من المسؤولية ، لرفع الضرر عن تلك الاخطاء لتصويبها بالاعتماد على الاخصائيين من قسم الاثار والتاريخ القديم في الجامعة للاستنارة برأيهم او سؤال المختصين بالعراق القديم او الشرق الادنى في جامعات العالم الرصينة ، ومنع اي لبس كهذا يحصل مستقبلا لانه يحسب كتقصير من قبل الجامعة ، ستحاسب هي و من أشار عليها بهكذا افتراءات .