في ذكرى الراحل الكبير هواري بومدين رحمه الله . . جميل أن نعيد إلى الذاكرة هذا الموقف الخالِد الذي سجّله له التاريخ :
في مساء يوم 5 جوان 1967 اتّصل جمال عبد النّاصر بالرّاحل بومدين هاتفيا ليقول له: (لم تبق عندي طائرة واحدة سليمة، أرجو أن ترسل إليّ بعض الطائرات)، فأجابه بومدين على الفور: (كلّ ما تملكه الجزائر سبع وأربعون طائرة حربية، أرسل طيّارين مصريين لاستلامها لأن الطيّارين الجزائريين في بداية تدريباتهم)·
في الغد طلب السفير الأمريكي بالجزائر مقابلة الرئيس بومدين لتبليغه رسالة احتجاج من الرئيس الأمريكي ، قال سفير أمريكا لبومدين حين استقباله : (كلّفني الرئيس الأمريكي بأن أنقل إليكم أن حكومته لا تنظر بعين الارتياح إلى إرسال الجزائر للطائرات الحربية إلى عبد النّاصر)، فأجاب بومدين بنبرة غاضبة على الفور: (أوّلا انتهى ذاك الزمن الذي كانت فيه أمريكا تأمر والبلدان الصغيرة تطيع، وثانيا انتهى وقت المقابلة)· وهي لغة ما كان لأي رئيس في العالم الجرأة على التوجه بها مخاطباً أمريكا .
تقول مصادر تاريخية إنه عندما وقعت هزيمة 1967 لم يصدّق الرئيس الجزائري الرّاحل هواري بومدين ما سمعه، فكان يسأل عبد النّاصر باستغراب: (ماذا حدث لجيشك يا سيادة الرئيس؟)، فقال له عبد النّاصر: (لقد أصيب الجيش بسكتة قلبية؟ ولا يمكن أن نصف ما حدث إلاّ بهذا الوصف). لكن بومدين لم يهضم هذا التبرير من عبد النّاصر، خاصّة وأنه كان يعتبره مثله الأعلى فقال لأحد مساعديه في لحظة انفعال: (لو كنت مكان عبد النّاصر ولحق بجيشي ما لحق بجيش مصر لأطلقت النّار على رأسي) .
طار بومدين فوراً إلى القاهرة ، و منها إلى موسكو حيث طلب من الإتحاد السوفياتي آنذاك، أن يقدم لمصر كل السلاح الجوي والأرضي الذي تحتاجه لمواصلة الحرب ، وأن يضع الفاتورة على حساب الجزائر .
يا لها من مواقف خالدة ، يوم كنّا نهبّوا لنجدة بعضنا البعض ، ونعطي بلاحساب ولا حسابات سياسية !