مقهى الكتاب في أربيل .. واحة ثقافية ومتنفس سياحي
منظر عام لمقهى الكتاب في أربيل (الجزيرة نت)
عماد الشمري-أربيل:للكتاب نشوة يتلذذ بها عشاق القراءة، وشعور لا تطغى عليه المطالعة الإلكترونية، في رأي معظم المثقفين في مختلف الفنون، لكن البحث عن مكان تتوفر فيه الأجواء الثقافية ظل حلما يراود محبي الكتاب في الكثير من محافظات العراق وأربيل (في إقليم كردستان العراق) واحدة منها.
بدأ تحقيق الحلم من خلال افتتاح مقهى الكتاب التي تتميز وتتفرد بضمها مكتبة على ارتفاع طابقيها، وعن أصل الفكرة وتطبيقها تحدثت صاحبة المكان راڤان للجزيرة نت قائلة إن الفكرة موجودة في معظم دول العالم إلا أنها للأسف مفقودة هنا.
وأضافت أنه عندما كانت تبحث عن مكان ثقافي لتقضي فيه وقت فراغها لم تجده، الأمر الذي دفعها للتفكير في مشروع المكتبة المقهى، وذلك بالتعاون مع صديقتها شوين التي رحبت بالفكرة ودعمتها، وقررت الصديقتان المضي معا لإنجاز المشروع.
رواج الفكرة
لم يمر وقت طويل على إنجاز المشروع على أرض الواقع حتى صار المقهى قبلة للمثقفين ومقصدا لا حياد عنه لا لجماليتها بما تحمله جدرانها من لوحات فنية وطرازات ثقافية، أو للذة مذاق مشروباتها الساخنة، أو لأثاثها المريح فحسب، وإنما لما تبعثه من جو يحبذه المثقفون والقراء.
تقول طالبة كلية الطب ريان رشيد إن الأجواء في هذا المقهى تجذب طلبة الجامعات لما فيها من جو يشبه إلى حد كبير الجو الجامعي في ظل توفر أهم المصادر، معتبرة أنه مكان محفز على الدراسة.
من جهته أكد الأكاديمي أوس مصطفى أنه وجد في المقهى فضاء علميا منحه فسحة أكثر للحوار والنقاش البناء، وألهمته تعلقا إضافيا دفعه نحو دعوة الكثير من المقربين واصطحابهم إليها.
ويبقى هدوء المكان وتوفر الكتب الصفتين الملازمتين للمقهى وبصمتيها الأساسيتين في نظر معظم روادها، وهو ما أقر به مسؤول الإعلام في منظمة "سيفار" فهيم فرهنك.
وأشار فرهنك إلى أن هذه الباحة الثقافية تتميز عن غيرها بخلوها من التلفاز والأغاني الصاخبة والألعاب الملهية، مما جعل زبائنها من النخبة المجتمعية، لأن من يبحث عن المرح واللهو المضيع للوقت سيجده في مقاه يكثر انتشارها.
وأضاف أن منظمته بدأت تتخذ من المقهى مقرا ثانيا لإكمال بعض أعمالها وعقد بعض الاجتماعات في ظل أجواء تساعد على النقاش والتفاهم بهدوء قد يفوق مكان العمل الرسمي.
الفن والسياحة
جذْب الزوار ونجاح المشروع دفع رافان إلى تطوير المكان وإضافة أنواع أخرى من المشروبات إلى جانب أطباق خفيفة من الأكلات السريعة، وقد انعكس ذلك إيجابا بزيادة الزبائن وقضاء وقت أطول دون الحاجة إلى تغيير المكان والذهاب إلى آخر لتناول الطعام أو الشراب.
وتنصح السيدة هانا -إحدى مرتادات المقهى- بجلب الأطفال للمكان لما يبعثه على شعور بأهمية الكتاب والقراءة من خلال الاختلاط مع شخصيات مرموقة، ولإقامة مناسبات ثقافية تتخللها المحاضرات والندوات الشعرية.
وتابعت أن ما يشجع على الإقبال على المكان كذلك خلوه من السجائر والأراجيل، وهو ما قد يجعله مكانا للعائلة بامتياز.
وحول الفعاليات، تحدث للجزيرة نت الرسام التشكيلي أسامة إياد، أحد أكثر رواد هذا المكان، مفصحا عما يشعر هنا حيث يمتزج التأمل والراحة النفسية بالفن، في شعور يخرجك من ضغوط العمل، فتشعر أن الإبداع يزداد هنا، وبدت انعكاسات المكان واضحة على أعماله من ناحية الكم واللمسات التي شهد بها كبار الفنانين.
وأضاف أن اللوحات التي تغطي معظم جدران المقهى هي من رسمه، وقد تمكن من إنجازها في مدة وجيزة.
ويقع المقهى في حي "دريم ستي" الذي يعد من أرقى المناطق في أربيل، مما أعطاه طابع الرقي والسياحة، وهو الأمر الذي لعب دورا مهما فيما تلاقيه المقهى من عناية.
توسعة المشروع
ومع مرور الوقت، صار المكان أحد المعالم الثقافية في أربيل ومقصدا للوفود الأكاديمية من مختلف جامعات العراق، لكنه وبحسب الكثير ما زال يفتقر للشهرة التي يستحقها.
واعتبر الدكتور كوفانت نائب رئيس جامعة جيهان أن المقهى صارت تمثل معلما ثقافيا ومنبرا حرا وملتقى لأصحاب الأقلام من الشعراء والكتاب، حيث يتناولون ويناقشون كل ما يخص المجتمع من أحوال أدبية واجتماعية واقتصادية وحتى سياسية.
وأضاف أن الجلسات في المقهى حفزت أقلام الحاضرين ليبدعوا وإخراج ما لديهم قدرات.
وبعد النجاح الذي حققته المقهى، تفكر رافان وشريكتها في فتح فروع للمقهى في مناطق أخرى في محافظات العراق.
المصدر : الجزيرة