احتلال العراق.. الخديعة الكبرى
24 مارس 2019 | الكاتب:إياد العناز
0
مشاركة
نستذكر هذه الأيام الذكرى السادسة عشرة لبدء طائرات العدوان الأمريكي-الأطلسي بالتحليق في سماء بلدنا الحبيب العراق في 19 أذار 2003 ونحن نعيش في ظروف ومنعطفات مؤثرة وحاسمة تحدد مسارات ومستقبل بلدنا وشعبنا ولكن علينا أن ندرك حقيقة واضحة وميدانية هي فشل الإدارة الأمريكية في إقامة نظام سياسي في العراق واعتبار العراق واحة ديمقراطية للشرق الأوسط وأنموذجا للعلاقة بين الشعب وحكومته، ولكن الذي حدث عكس ذلك تماما، فأصبح العراق مرتعا للفساد السياسي والاقتصادي ولنهب الثروات والمال العام وضيعة كبيرة تدار من قبل أجهزة النظام الإيراني ومثالا للقتل والتدمير والترويع وسفك الدماء ومزيدا من الاغتيالات والاعتقالات وعمليات الخطف وصورا لمدن وأقضية أصبحت أطلالا وخرابا وملايين النازحين التاركين لدورهم ومدنهم بسبب الإجراءات التعسفية والعمليات العسكرية التي دارت رحاها طيلة السنوات الماضية، هذا هو العراق الذي بشرت به الإدارة الأمريكية وهذه هي سياستها تجاه شعب العراق الذي أرادته ليكون دليلا صارخا لسياستها الرعناء.
- اقتباس :
“أسس الاحتلال الأمريكي لمفاهيم انعدام دولة المواطنة وأصبحت الأدوات التي تقود البلاد هي مجموعة من عناصر وشخصيات تنتمي لأحزاب سلطوية”
أصبح العراق بلدا ضعيفا منهكا تتقاذفه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتنعدم فيه سبل العيش الكريم والحياة السعيدة الهانئة وشعبه يعاني ويكابد ويصارع ضنك العيش وانعدام الخدمات والعناية الصحية والرعاية الاجتماعية والتربوية والتعليمية وزيادة البطالة وانتشار الرشوة والمحسوبية والفساد والافتقار لأبسط مستلزمات الحياة.
كان يوم 19 أذار 2003 إيذانا باحتلال العراق وأراضيه والسيطرة على ثرواته والتمكن من إسقاط نظامه السياسي والتي سعت الإدارة الأمريكية لتحقيقه كهدف استراتيجي لها في منطقة الشرق الأوسط ،فكان الهدف المعلن من العدوان على العراق تجريده من أسلحة الدمار الشامل ونزع كافة الأسلحة النووية والكيمياوية والبيولوجية التي أدعى المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون حيازتها من قبل العراق وأنها تهدد الأمن والسلم في العالم مع تصريحاتهم المعلنة حول علاقة العراق بالمنظمات الإرهابية وتقديم الدعم والمساندة للإرهاب ،وأثبتت الوقائع الميدانية على الأرض والتي جاءت بعد أشهر من احتلال العراق أن الإدارة الأمريكية وحلفاءها كانوا مصممين على احتلال البلاد رغم معرفتهم بكل المغالطات والأكاذيب التي حاولوا بها خداع المجتمع الدولي بعدوانهم على العراق.
جاءت مقررات اللجنة الأمريكية التي شكلها الرئيس بوش الأبن بعد أشهر من الاحتلال برئاسة (ديفيد كي) الذي قدم تقريرا مفصلا متكاملا في الثالث من تشرين الأول 2003 إلى مجلس الشيوخ الأمريكي أعلن فيه عدم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل بعد مسح ميداني لأراضيه وجميع المواقع التي كانت أمريكا تدعي وجود الأسلحة فيها وعدم تمكن فرق التفتيش الدولي من الوصول اليها وأشار إلى أن الوضع في العراق الآن أخطر مما كان عليه قبل الحرب عليه مما حدا بالرئيس بوش إلى إنهاء أعمال اللجنة في كانون الثاني 2004 لأنها أثبتت حقيقة زيف وخداع وافتراءات دول العدوان وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية وادعاءاتها الفارغة التي كانت تسعى فيها إلى غزو العراق واحتلال أراضيه وتنفيذ المشروع العدواني الأمريكي في الوطن العربي واعتماد العراق قاعدة استراتيجية للانطلاق نحو التغيير السياسي الذي يخدم الأهداف الميدانية لأمريكا.
ولم يثبت أن العراق كان يهدد الأمن الدولي والسلم العالمي وهذا ما أعلنته الأجهزة الاستخبارية الأمريكية والبريطانية بعد الاحتلال وأشارت فيه إلى الفوارق الفكرية والعقائدية بين تنظيم القاعدة والقيادة العراقية التي كانت تحكم العراق قبل الاحتلال.
- اقتباس :
“أصبح العراق بلدا ضعيفا منهكا تتقاذفه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتنعدم فيه سبل العيش الكريم”
أكد الاحتلال حقيقة الخديعة الكبرى التي جاء بها (كولن باول) وزير الخارجية الأمريكي الى اجتماعات مجلس الأمن الدولي في شباط 2003 والتي روجها بين الأعضاء الدائمين وقوله زورا وبهتانا أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل وهذا ما خالفه فيه حينها (هانز بليكس) رئيس مفتشي الأمم المتحدة والمسؤول بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق بأن فريقه (لم يعثر على أي أسلحة نووية وبيولوجية وكيمياوية ) هذه المغالطات والافتراءات والادعاءات الكاذبة والمخالفة لقوانين وأنظمة الأمم المتحدة والقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية التي تحدد علاقات الدول فيما بينها أدت الى احتلال العراق وتدمير وانتهاك صارخ وجسيم لبلد كبير كان له عمقه وتواجده وتأثيره الدولي والإقليمي والعربي وضياع لحقوق وإنجازات وطموحات شعب كريم وعزيز وذو حضارة عميقة الجذور عبر العصور والقرون ،فكانت جريمة الاحتلال التي ارتكبها جورج بوش الأبن بحق شعب العراق واحتلال أراضيه وانتهاك حرماته والسيطرة على ثرواته والعبث بأمنه الداخلي وتعميق الانشقاق والتمزيق بين نسيجه الاجتماعي المتماسك.
أسس الاحتلال الأمريكي لمفاهيم انعدام دولة المواطنة وأصبحت الأدوات التي تقود البلاد هي مجموعة من عناصر وشخصيات تنتمي لأحزاب سلطوية هدفها الطموحات الشخصية والغايات الفئوية والمصالح التي تدر عليها الأموال والمنافع الذاتية فعم الفساد السياسي والإداري والاقتصادي في العراق وأصبح السمة الأساسية في المشهد العراقي وابتعدت الكثير من المفاهيم والقوانين التي كانت تدار بها الدولة قبل الاحتلال وبدأ المواطن العراقي يلمس حقيقة وطبيعة وحجم الأخطار المحدقة التي جاء ت بها العملية السياسية في العراق والتي رعتها وساندتها الإدارة الأمريكية التي كانت هي العنصر الفعال في إرساء دعائم وركائز هذه العملية التي تخدم مسارات السياسة الأمريكية واستراتيجيتها في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
هذه هي حقيقة العدوان الأمريكي على شعب العراق وأرضه وحضارته ومن يراهن على الإدارة الأمريكية وأدواتها فإنه واهن لأن أعداء شعبنا وأمتنا لا يعرفون ولا يسعون الا لمصالحهم وأهدافهم.
المصدر:وكالات