تفاقم الحرائق بغابات الأمازون يهدد النظام البيئي للكوكب
ضغوط دولية وتظاهرات تحث الحكومة البرازيلية على سرعة التحرك لإخماد حرائق غابات الأمازون، ترافقها انتقادات لاذعة من المعارضة البرازيلية التي تعتبر التغافل عن الحرائق جريمة ضد الإنسانية.
الجمعة 2019/08/23
حرائق مستمرة تلتهم غابات الأمازون
سيلفا: حماية الطبيعة واجب أخلاقي ينأى عن المواقف السياسة
ماكرون: بيتنا يحترق
الحرائق تستنزف أكبر مصدر رئيسي للأوكسجين
تحذيرات من خروج الوضع في غابات الأمازون عن السيطرة
برازيليا - بات تفاقم الحرائق بغابات الأمازون يشكل خطرا على النظام البيئي الحيوي لكوكب الأرض، على غرار قطع الأشجار الذي أصبح خارجا عن السيطرة، ما خلق ضغوطا دولية واحتجاجات داخلية تندد بخطورة استمرار النيران التي تلتهم أكبر غابات استوائية بالعالم.
ودعت الأمم المتحدة وفرنسا أمس الخميس بإلحاح الرئيس البرازيلي جاير بولسونار إلى التحرك لحماية غابات الأمازون التي تنتشر فيها الحرائق بسرعة بينما تتزايد الدعوات إلى إنقاذ 'رئة الأرض'.
وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش عبر موقع تويتر، حملة النداءات لإنقاذ الأمازون، معبرا عن القلق العميق من الحرائق في أكبر غابة استوائية في العالم يقع ستون بالمئة منها في البرازيل.
وقال "في خضم أزمة مناخية عالمية لا يمكننا تحمّل أن تلحق أضرار بمصدر رئيسي للأوكسيجين والتنوّع البيئي"، مطالبا بحماية غابات الأمازون.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الخميس أنّ الحرائق في الأمازون تمثّل أزمة دولية، داعيا إلى مناقشة هذه المسألة الملحة بين أعضاء مجموعة السبع خلال القمة في بياريتس في نهاية هذا الأسبوع.
وكتب ماكرون في تغريدة "بيتنا يحترق فعليا، فغابات الأمازون المطرية هي الرئة التي تنتج عشرين بالمئة منن الأوكسيجين على كوكبنا تحترق".
وأطلقت نداءات من أجل الأمازون في الوسط الرياضي حيث نشر اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو على تويتر صورة التقطت في 2013 في منطقة تقع في الأمازون.
ونشرت من الوسط الفني المغنية الأميركية مادونا التي على انستغرام صورة تعود إلى 1989 أرفقتها بتعليق "الرئيس بولسونارو نرجو أن تعدلوا سياستكم، يجب أن نستيقظ".
وتنظم تظاهرات اليوم الجمعة من أجل غابات الأمازون في ساو باولو وريو دي جانيرو، حيث حركة الشابة السويدية غريتا تونبرغ الناشطة في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، إلى التظاهر أمام سفارات وقنصليات البرازيل في جميع أنحاء العالم.
في المقابل اتهم الرئيس البرازيلي أمس الخميس ماكرون بالعمل بـ"عقلية استعمارية"، بعدما أكد الرئيس الفرنسي أنه سيبحث مع قادة مجموعة السبع في قمتهم في بياريتس قضية حرائق الغابات في الأمازون.
وفي تغريدتين متتاليتين اتهم ماكرون "بتحويل قضية داخلية في البرازيل وأربع دول أخرى في الأمازون إلى أداة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية بأسلوب مشوق لا يساهم في حل المشكلة".
وبعدما أكد أن "الحكومة البرازيلية منفتحة على الحوار استنادا إلى وقائع موضوعية والاحترام المتبادل"، قال إن "اقتراح الرئيس الفرنسي بأن تتم مناقشة قضية الأمازون خلال قمة مجموعة السبع بدون مشاركة دول المنطقة ينم عن عقلية استعمارية لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين".
وشارك الرئيس البرازيلي في اجتماع أزمة مساء الخميس في برازيليا. وكان قد هاجم مجددا المدافعين عن البيئة الذين دعوا إلى تظاهرات الجمعة في جميع أنحاء العالم.
وحذرت وزيرة البيئة البرازيلية السابقة مارينا سيلفا الناشطة في القضايا البيئية من أن الوضع في غابات الأمازون التي تدفع فاتورة باهظة جراء الحرائق وقطع الأشجار بات خارجا عن السيطرة، متهمة حكومة بولسونارو بإتاحة المجال أمام سلوكيات جنونية تضر بنظام بيئي حيوي للكوكب.
وأكدت المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية، على أن البرازيل تتمتع بالمعارف والتكنولوجيا اللازمة للسيطرة على الحرائق التي تلتهم مساحات شاسعة من الأمازون، بفعل ما اعتبرته إهمال فريق الرئيس اليميني المتطرف المشكك بواقع التغير المناخي.
وأشارت مارينا سيلفا (61 عاما) التي شغلت منصب وزيرة البيئة بين 2003 و2008 في عهد الرئيس اليساري لويس إينياسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)، إلى وجود حركة قيد التبلور للمطالبة بإسقاط البرلمان للمبادرات التشريعية المنافية لمبادئ حماية الطبيعة.
ووجهت هذه الناشطة الحائزة سنة 1996 جائزة 'غولدمان' الموازية بأهميتها لجوائز نوبل في مجال النضال البيئي، انتقادات لاذعة للرئيس البرازيلي معتبرة أن ما يحصل في غابات الأمازون التي تقع 60 % من مساحتها في البرازيل يشكل جريمة ضد الإنسانية.
ودعت سيلفا إلى اعتماد مبدأ حماية الطبيعة موجبا أخلاقيا بمعزل عن المواقف السياسية.
وتقول "في هذه اللحظة بات الوضع خارجا عن السيطرة بفعل وجود 38 ألف بؤرة حريق، ما يمثل 60 بالمئة من كل تلك الموجودة في البرازيل، بطبيعة الحال ستهطل الأمطار قريبا وستُحل المسألة، لكن الحكومة ساهمت في ظهور سلوكيات متفلّتة متصلة بالحرائق بفعل إهمالها".
وأضافت "نحن بصدد تشكيل حركة من وزراء سابقين ومنظمات في المجتمع المدني وسنتواصل مع البرلمان الوطني لحمله على تعليق كل مشاريع القوانين المضرة بالبيئة وتشكيل لجنة برلمانية خاصة تضم علماء وخبراء بيئيين وسكانا محليين وجهات عامة ومستثمرين، لكي نتولى مراقبة السياسة البيئية البرازيلية".
وتابعت إن "المعادلة القائمة في الأمازون مزدوجة، فالغابة تضبط وضع الكوكب عن طريق وظائفها البيئية لكن إذا ما تم القضاء عليها، سيؤدي ارتفاع معدلات الحرارة إلى مشكلات أخرى متصلة بالبيئة البحرية وذوبان الجليد. لدينا الوسائل اللازمة للتحكم بحالات قطع الأشجار في الأمازون وهذا الأمر يعتمد فقط على القدرة على إجراء حشد داخلي للقوى".