حناني ميــــــا الإدارة العامة
معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 24052 نقاط : 219163 التقييم : 15 العمر : 82
| موضوع: أجوبة الى الأخ قاسم محمد داؤد : القس لوسيان جميل السبت 21 سبتمبر 2019 - 11:13 | |
|
أجوبة الى الأخ قاسم محمد داؤد القس لوسيان جميل أجوبة الى الأخ قاسم محمد داؤد 1 - هل ان الفكر الانساني وبالأخص ما يتعلق بالألوهية يصل الى مرحلة لا يمكن تخطيها لأنه امام المطلق السماوي ( الله ..الرب ...) ؟ 2 - في العقيدة ما المقصود بقولك " ... الفكر الاسطوري ... " ؟ 3 - ما الفرق بين المعتقد والايمان 4 – اضيف من عندي – المعنى والعلاقة بين القدسية والالوهية 5 - ألا يعني هذا ان مقدسنا الذي نستطيع معرفته هو أصلاً قدرة أنسانية موجودة عند كل البشر وليس هو آله سماوي " هل يعني نفيه والغاء قدسيته ؟ " الأجوبة جوابا على سؤالك 2 في العقيدة ما المقصود بقولك " الفكر الأسطوري " اقول: ان الفكر الأسطوري هو فكر انساني وليس شيئا من الأشياء نعرفها بحواسنا. هذا يعني اننا نقسم مع علماء الانسان المعرفة الانسانية الى قدرتين اساسيتين هما القدرة الشيئة الموضوعية Faculté objectiveوالقدرة الذاتية التي تتعلق بالمشاعر، و العائدة الى البنى الذاتية العليا Supra structures. علما ان لكل من هاتين القدرتين طبيعتها الخاصة ووظيفتها في خدمة الانسان الواحد. غير ان القدرتين المذكورتين متكاملتان وتنتميان كلتاهما الى الانسان الذي يوحد بينهما. يعني ان الانسان لا يمكن ان يكون انسانا بدون وجود هاتين القدرتين القادرتين على ممارسة وظيفتهما. غير ان هاتين القدرتين موجودتان عند كل انسان، لكنها تتفاوتان من انسان الى آخر من حيث قوتهما وسلامة صحتهما. كما انه من الممكن ان تتحسن اية من هاتين القدرتين او تضعف، لسبب او لآخر، لكنها لا يمكن ان تمحى من الانسان بالكامل، مهما حدث، الا في حالات مرضية خاصة لا نخوض فيها الآن. واذن ما هو الفكر الاسطوري؟ جوابي الآن ان الفكر الاسطوري لا يقع في الجانب المشاعري الذاتي Subjective لكنه يقع في الجانب الموضوعي Objectifالمتعلق بحاستين هما حاسة النظر وحاسة السمع اما الحواس الأخرى فهي اما حواس ذاتية تخص المشاعر او هي حواس مشتركة بين ما هو موضوعي وما يتعلق بالمشاعر او ما يسمى الحواس النفسية الجسدية Psycho somatique. غير انه هناك مشاعر لا تتعلق اصلا بأية حاسة مباشرة مثل الفرح والحزن والتفاؤل والتشاؤم والسعادة والتعاسة والشعور بحاجة انسانية وبحضارة يحتاجها الانسان او الشعور بعظمة انسان معين وما لدينه من امور نفتقر اليها نحن وغير ذلك. حتى الشعور بالمقدس هو من هذا القبيل. ثم نعود الى موضوعنا: ما هو الفكر الأسطوري. جوابا على هذا السؤال الذي يقول ما هو الفكر الاسطوري: نرى اولا ماهي المعتقدات الغيبية. اما جوابنا فهو ان المعتقد الغيبي هو وهم معرفة الانسان القديم بالظواهر وبالأحداث التي يراها امامه بحواسه كأشياء الوجود المادي الاعتيادية وغير الاعتيادية. مثلا جبل يدخن او بحرا عظيما ينحسر ثم يزحف الى الأمام ( المد والجزر ). القمر الشمس النجوم. تعاقب الليل والنهار. حدوث امراض وبائية، الصرع و غير ذلك الكثير. هذه الظواهر تتم معرفتها بكلمات قليلة لا يحتاج الانسان ان يبررها امام الآخرين، لآنه يعرف ان الآخرين سوف يصدقونه. اما كاتب الأساطير فيأخذ ما اتينا الى ذكره اعلاه من معتقدات غيبية ويكون منها سلسلة احداث تعطي انطباعا انها تاريخ حقيقي. وبذا تكون كلمة Historia تاريخ والتي حورت باللغة العربية الى اسطورة هي عبارة عن ربط معتقد بآخر بحيث يشكل ما يوحي بأن الكاتب يكتب تاريخا حقيقيا، لا شيء فيها مما يكتبه كاتب الاسطورة من التاريخ الحقيقي الواقعي. وعلى اي حال يمكننا ان نؤكد ان حضارة المعتقدات البدائية الغيبية هي حقبة حضارية بدائية مستقلة عن حضارة الأساطير وان كانت متداخلة معها، في حين تقع تصير الحضارة الاسطورية امتدادا لحضارة المعتقدات الغيبية وتجاوزا جدليا لها. هذا من جهة ومن جهة ثانية، وعلى ذكر الجدل Dialectique نرى ان العالم المادي بأسره كان بالنسبة للبشر الأوائل، بعيدا عن بشر سفر التكوين الاسطوري، عبارة عن عالم كله ظواهر بدائية قابل لتصير معتقدات غيبية ثم اساطير ثم معارف اكثر واقعية مثل الفلسفات المختلفة وحتى العلوم من بدايتها وحتى يومنا هذا. واذن فان المعتقدات البدائية التي نفترضها قريبة من الصفر عندما بدأ الانسان يتعرف على اشياء الطبيعة اخذت تفقد من جرفها شيئا فشيئا وببطء شديد جدا في البدايات، ثم مع ازدياد دائرة المعارف الواقعية من خلال الاساطير ثم من خلال المعارف الفلسفية التي كانت متغيرة مع الزمن ثم مع ظهور العلم باشكاله، تناقصت المعتقدات الغيبية لكنها لم تضمحلل تماما على الرغم من اننا وصلنا مع العالم مرحلة متقدمة جدا في معرفة حقيقة الأشياء وحقيقة الانسان ومقدساته. وعليه نختم هذا التساؤل بالقول ان الأساطير هي معرفة بدائية جدا تعقب مرحلة المعتقدات الغيبية غير المنظمة. كما ان الأسطورة هي طريقة لمعرفة الأشياء تسبق حقبة حضارة الفلسفة. في حين ان الفلسفة هي حقبة حضارية ممهدة للعلوم التي تستند الى الحواس اولا كما تستند الى براهين واقعية مناسبة. ما هو الفكر الاسطوري اذن؟ انه الفكر الانساني الحضاري غير الواقعي الذي يأتي بعد حقبة حضارة المعتقدات الخرافية الحضارية. علما ان الفكر الاسطوري غالبا ما يأتي على شكل قصص تكون الالهة او الاله هي التي تقوم بعملية التمثيل اما المخرج فهو الكاتب نفسه بحسب حضارته الانسانية في ذلك الزمن البعيد. غير ان الفرق بين القصة الرومانسية التي تعتمد هي الأخرى على التمثيل تختلف عن الاسطورة بان الكاتب يعرف انه يكتب قصة من خياله يمثلها ممثلون يعرفون انهم يقومون بتمثيل القصة فقط ولا هم لهم سوى ان يأتي تمثيلهم مطابقا لمعنى القصة الذي يريده الكاتب. علما ان القصة الرومانسية تكون قصة جيدة بقدر ما يكون الكاتب قد وضع قصة قابلة للتعبير على الفكرة الانسانية التي يسعى اليها وكذلك تعتمد جودة القصة على جودة الممثلين ايضا. اما في حالة الاسطورة فان كاتب الأسطورة يعتقد انه يكتب حقيقة تاريخية وان ما يكتبه يأمل ان يظهر بجلاء هذه الحقيقة التاريخية التي تظهر من خلال ظاهر القصة. علما هناك علم هو علم الميثولوجية او علم الأساطير، يعتمد اساليب خاصة من انثروبولوجيا وعلم النفس والعلم النفسي – الجسدي وغير ذلك للوصول الى المعنى الانساني الخفي الموجود في الاسطورة. ان الاسطورة تكشف مثل علم النفس عما كان دافع كاتب الاسطورة من كتابته. مثلا في قصة كلكاميش هو مسألة الموت والخلود التي كانت تقلق الكاتب. واذن في هذه الحالة يمكننا ان نكتشف في سفر التكوين مثلا المعنى الانساني الخفي من وراء الاسطورة. ولكن عندما يحسب شخص ما ان ظاهر الاسطورة هو ظاهر تاريخي وهو يمثل معنى القصة ايضا، بمجرد انه مكتوب في كتاب يقال له انه مقدس حينئذ تنقلب الاسطورة الى " خرافة " لا اكثر ولا اقل، الأمر الذي يحدث مع جميع عقائد المسيحية التي وضعت في القرن الرابع والتي هي مماثلة للأساطير ومبنية على المعتقدات الغيبية الباطلة. 3 – ما الفرق بين المعتقد والايمان ؟: تكلمنا في السؤال 2 عن المعتقد بما فيه الكفاية وتكلمنا عن الاساطير التي هي معتقات منظمة في اسطورة تظهر لنا وكأنها تاريخ. يبقى لنا الان ان نقول انه فكر خيالي وهمي لا يستند الى اي واقع ولا يمكن البرهنة عليه، لا من خلال الفلسفة ولا من خلال العلم ولا من خلال المشاعر. هنا علينا ان نضيف لمزيد من التنوير بأن معرفة الانسان الموضوعية تمر بالمراحل التالية وهي: أ- مرحلة المعرفة الموضوعية البرهانية المنطقية التي تعد بمثابة توافق الشيء مع العقل. Adequatio Res ad Intellectum فلسفة توما الاكويني. ب- فاذا لم يحصل هذا التوافق لنقص في البرهان بالمشاهدة حينئذ تسمى المعرفة نظرية علمية ج- وقد تسمى تخمينا اذا كانت العوامل المعرفية ناقصة جدا. د- اما اذا وصل الحال الى انعدام تام لأي برهان حينئذ تسمى المعرفة معتقدا، حيث يكون المعتقد مجرد معرفة وهمية خارج اي عامل من عوامل المعرفة. ه- اما معرفة المشاعر الذاتية Subjectiveفهي اصلا لا تدخل في باب العلم وانما هي معرفة من نوع آخر لها حسابها الخاص، كما لها اهميتها الخاصة ايضا. هذا، وبما انك يا اخي قاسم لك سؤال أخر يقول ما الفرق بين المعتقد والايمان فأقول اولا ان الفرق بين الايمان والمعتقد انه لا علاقة بينهما لا من قريب ولا من بعيد. انهما من عالمين مختلفين. انه الفرق بين الشيء وبين الــ لا شيء وبين وهم الخيال وبين الحقيقة. طبعا من يريد ان يعرف لماذا الانسان القديم اعتمد منهج المعتقدات من اجل معرفة الأشياء، فنجيب لآن الانسان القديم لم يكن له اي تراث اولي فكري عن الحقائق المجردة العلمية او التخمينية. غير انه وعلى اي حال نرى ان بمستطاع علماء الانسان ان يعرفوا قليلا لماذا مثلا قال الانسان القديم ان الجبل المدخن هو كائن مخيف او كائن شرير, وان المطر مثلا هو شيء حسن ومريح. ولما كان البشر الاسطوريون ان العاصفة هي عطسة الالهة السماوية. وبما اننا سبقنا وقلنا ان المعتقدات الغيبية لا تنتهي من حياة الانسان، فاننا نعزو هذه الحقيقة المعروفة عند العلماء والفلاسفة بكون الواقع الموضوعي ليس دائما منظورا. مثلا لمدة طويلة بشر قبل باستير كانوا يعتقدون ان الوباء يأتي من التربة او من الهواء. لأنهم قبل باستير كانوا يجهلون حقيقة الجراثيم. قبل مدة ايضا كانت الأموات يعتقدن ان هناك امرأة عجوز تأتي وتخنق الأطفال الصغار. وقبل مدة و كانت النساء تضع صورة القديس الفلاني تحت وسادة الطفل لتحميه او لتشفيه من المرض، او كانت تعلق في ثيابه حرزا معينا او خرزة خضراء برقبة الطفل او على باب المنزل لكي لا يصاب اهل المنزل بعين، قبل مدة كان الناس يعتقدون بالحظ وكانوا يعتقدون بوجود الكائنات الشريرة في الجو وكانوا يعتقدون ان الكوارث الكبيرة هي قصاص الله على خطايا البشر وظواهر ومعتقدات كثيرة لا تعد ولا تحصى. واما السلفيون من رجال الدين المسيحي، لكي لا اتكلم عن غيرهم، فلهم خاصة عقائدهم الدينية الغيبية الأسطورية التي استولت عليهم لأسباب بشرية لسنا بصدد الكلام عنها هنا، وهم يتمسكون بها اعتمادا على كلمة فاسدة لا محل لها من الأعراب في مسألة العقائد وهي كلمة الايمان، يستخدمونها كمطرقة يضربونها على رأس من لا يعتقد بمعتقداتهم الاسطورية التي الهت كل شؤون الانسان الانسانية، ومن ذلك شأن المقدس الأنثروبولوجي المسؤول عن توجيه الانسان الى الحضارة الجديدة التي يكون مدعوا اليها، بعد ان يشعر بفشل الحضارة القديمة على ارضاء طموحات الانسان المشروعة. علما بأن رجال الدين السلفيين في اغلبهم، بحكم سلفية الكنيسة الجامعة التي ينتمون اليها، يفرضون على الناس باسم الايمان الها ويسوعا لا يصلحون سوى لحرف الناس عن حقوقهم الانسانية المشروعة وعن حريتهم التي لم يكن من الانصاف الوقوف ضدها باسم الايمان، بعد ان حررتهم المسيحية الأولى من عبودية امة الاله السماوي الذي يحكم الانسان بشريعته السماوية التي سلمها بيد البشر وفق اسطورة اخرى كذلك. بالنتيجة فان التمسك بتاليه مقدس الانسان ويسوع الشهيد بسبب دعوته الى تحرير من عبودية الأمة الدينية فان السلفية تعيد الانسان المنتسب او المنتمي الى المسيحية الى عهده القديم وشريعته القاتلة لحقوق الانسان. فالانسان مع مسيحيتنا التقليدية لم يعد له سوى ان يعبد الهه السماوي الغيبي ويطيع الريعة التي تفرضها عليه الكنيسة تحت طائلة ذهابه الى جهنم النار اذا خالف احدى الشرائع المفروضة علينها وهي شرائع اكثر تعسفا من شرائع العهد القديم. نعم ان الكنيسة وضعت لمؤمنيها او بالأحرى للمنتمين اليها شرائع اقسى من شرائع العهد القديم. نعم ان الكنيسة اعادت المسيحيين الى العهد القديم الفاشل، فكان لابد من فشلها هي ايضا، كما نرى ذلك في ايامنا في الغرب وفي الشرق على حد سواء. لقد صارت مسيحتنا مسيحية الشرائع بعد ان كانت مسيحية مناهضة للشرائع اصلا. قال مار بطرس: لقد كانت لنا شريعة لم نستطيع ان نتحملها لا نحن ولا اباؤنا. اما مار بولس فهو اقسى من غيره في الحكم على الشريعة القديمة بالفشل. هذا، وبالمستطاع ان نؤكد الحقيقة التالية التي تقول: اذا كان رجال الدين في العهد القديم اناسا سلفيين فانهم معذورون نسبيا على ذلك، لأنه كان يصعب عليهم الفهم التطوري لمسيرة العالم الحضارية آنذاك. اما رجال ديننا، الذين يرسمون قسسا غير مثقفين بقولهم: انهم تكفيهم معرفتهم بالطقوس لكي يرعوا شؤون مؤمنيهم المبتلين برجال دينهم دون ان يشعروا بذلك، فرجال ديننا واساقفتنا خاصة مسؤولون تجاه ضميرهم وتجاه الحقيقة ببقائهم متشبثين بعقائدهم المستهلكة من الفها الى يائها. فالغرب الذي صار وثنيا انما صار كذلك بسبب سلفية رجال الدين الاسطوريين. اما فنحن فحالتنا هي اتعس من حالة الغرب كثيرا واكثر تعقيدا وقدرة على التخفي باسم قوميات كاذبة وباسم تراث قريب جدا من تراث العهد القديم، يمجدونه بشكل غوغائي بعد ان لم تكن قد مسته يد التطوير منذ القرن منذ قرون. في مسألة الايمان: اذا كانت المعرفة الموضوعية تعود الى قوى الحواس ومتمماتها العلمية، فان هناك في الانسان قوى اخرى لا دخل للحواس فيها. هذه القوى هي ما نسميه قوى المشاعر الذاتية والتي هي مشاعر واحساسات داخلية بالخير وبالشر وبالفرح وبالحزن وبالأمل والمحبة بكونها غير مرتبطة بالتعريف المعرفي الموضوعية. غير ان قوى المشاعر الذاتية الداخلية حيث يكون من يشعر وما يشعر به هو الانسان الواحد، ولا يوجد فارق مسافة او فارق زمني بين العارف والمعروف. ومع ذلك نعرف ان المعلومة التي تعطينا اياها المشاعر تبقى معلومة مبهمة وغير واضحة، ولاسيما في الشؤون الروحية الخفية مثل مسألة اللقب الذي يعطيه الانسان لمقدسه او لألهه. وهنا ياتي دور الايمان ( عامل الثقة ) ليقول للانسان ان ما شعرت به من نفور من بعض الأمور الضعيفة ومن امور ايجابية حضارية بخصوص لقب مقدسك او الهك هو شعور يستحق ثقتك الكاملة. هنا يمكن ان تحصل الثقة الكاملة او الثقة الناقصة المتدرجة في قوتها. الأمر الذي يقول بإمكانية او ربما بواجب تقوية المشاعر الذاتية نحو الأحسن دائما. الأمر الذي يكون حياة الانسان الروحية. علما ان قوة او ضعف المشاعر الايمانية ومعرفة حقيقتها يمكن ان تأتي من الجينات الوراثية الخاصة بالمشاعر وكذلك يمكن ان تأتي من جهد الانسان وتحصيله او ما يقول عنه " التعب على الذات ". يقال ان هذا الانسان قد تعب على نفسه. في مستويات حياتية عديدة ومنها المستوى الايماني الروحي، كما اشرنا اليه، وليس كما تقدمه السلفية التي تفرض على المؤمن ان يصدق او يؤمن بكل ما تقدمه له حتى لو كان من قبيل اسطورة واضحة. هنا يمكننا ان نقول ان مفهوم الايمان كما تقدمه وكما تريده الكنيسة السلفية ليس مفهوما خاطئا فقط لكنه اعتداء على حقوق الانسان الذي له الحق في التمييز بين الحقائق والأكاذيب او المغالطات المقصودة بهدف حرف الانسان عن حياته الحقيقية الانسانية وتوجيهه الى التمحور حول اله مجهول لا يستطيع ان يعطي للانسان غير امة دينية بأشكالها المختلفة وبشرائع هذه الأمة. فاليوم بالحقيقة كل ما تريده الكنيسة للانسان هو ان يتمحور نحو اله مجهول ليعبده فقط ( الانسان لا يستطيع ان يحب الها يجهله ). ومن ثم يعمل مشيئة هذا الاله التي هي في الواقع مشيئة السلفية الدينية. انن ما تريد الكنيسة من خطبها ومن طقوسها الدينية كلها ومن اسرارها او علاماتها المقدسة الظاهرة هو العبادة فقط وليس غير العبادة التي لا تكلف الانسان كثيرا، ولاسيما اذا اكتشف هذا الانسان بؤس ما توجهه اليه كنيسته خارج حياة الانسان الحقيقية وطموحاته ومطالبه الانسانية. وعليه نرى بحق ان اقحام الايمان في الأمور الموضوعة والمفترضة انها كذلك، مثل مسألة علاقة الانسان بالإله المجهول، ومثل وجود الجنة والنار والملائكة والشياطين ومثل كون يسوع اله وانسان وكون الهنا ثالوثا، ومثل التجسد والفداء ومثل كل السلسلة الاسطورية التي نجدها فيما يسمى حقائق الايمان، ومثل ان الكتاب المقدس هو نتيجة وحي والهام ومثل صعود يسوع الى السماء وجلوسه من عن يمين الآبن ومثل مجيئه الثاني ليدين الأحياء والأموات، كل هذه وغيرها الكثير يمكننا ان نجد معانيها الانسانية الروحية ولكن عندما نتعامل مع ظاهر النص دون باطنه الحقيقي نكون قد حولنا نصوص الكتب المقدسة بعهديها الى معتقدات واساطير لا اكثر ولا اقل. فتصير هذه المعتقدات عائقا حقيقيا امام مسيرة الحضارة البشرية نحو مزيد من التحرر من سطوة رجال الدين الرجعية السلفية التي تريد للعام ان يبقى تحت هيمنتها الى الأبد تحت يافطة الايمان التي تصبح يافطة فاسدة بفم السلفية الدينية. 1 - هل ان الفكر الانساني وبالأخص ما يتعلق بالألوهية يصل الى مرحلة لا يمكن تخطيها لأنه امام المطلق السماوي ( الله ..الرب ...) ؟ جوابي الأول هو كلا، الفكر الانساني الحقيقي غير المزور لا يصل الى هذه المرحلة، وان هذا السؤال هو سؤال جيد لكنه ليس سؤالا دقيقا، وهو ينتمي الى الفكر الغيبي التقليدي. ففي الحقيقة الفكر الانساني هو فكر انسان وهو لا يعمل مسيرة حتى يصل الى المطلق السماوي، فهو اصلا لا يعرف ما هو المطلق السماوي. علما ان هذا المطلق السماوي هو الأخر لا معنى له لولا ان الفكر القديم البدائي وفكر القرون الحديثة اوجدته دفاعا عن نظرتها الغيبية الى الأمور. ان فكر الانسان كان فكر انسان وهو لا يزال فكر انسان ويبقى يكون فكر انسان، ما دام الانسان هو من تربة عالمنا وكوننا هذا، والانسان لا يفتش عن غيره. ان مسألة الالوهية اتتنا من الفكر البدائي وصارت علينا من ذلك الزمن طابوا لا تريد السلفية ان تتنازل عنه لآن السلفية الدينية مستفيدة من ذلك الفكر. اما من جانبنا فنقول ان فكر الانسان هو فكر انسان وان الانسان له طبيعة واحدة فقط ولا يملك طبيعة اخرى قادرة على معرفة الاله وطبيعته الالهية السماوية. اما دليلنا على ما اتينا الى ذكره فيستند الى براهين ارضية علمية ولا يأتينا هذا الدليل من السماء، ولا حتى من وكلاء السماء المزعومين. تأتينا من السماء ايضا، ولا نستشير فيها السماء او وكلاء السماء المزعومين. غير اننا عندما نقول ان الوجود الكوني والأرضي هو وجود مادي لا يعني ذلك ان هذا الوجود المادي هو وجود ببعد واحد فقط، لأننا نعرف علميا ان هذا الوجود هو ببنيتين اساسيتين وببعدين هما البعد المادي الواقع تحت الحواس والبعد المادي الانساني الأنثروبولوجي الذي لا يقع تحت الحواس، والذي نسميه البنى الفوقية او البنى العليا، مثل الأنا والأنا العليا والضمير وقدرات انتاج حضارة والبعد المقدس الأنثروبولوجي الخ ... اما اذا سألنا لماذا لا تقع البنى الفوقية العائدة الى الانسان تحت الحواس فنجيب مع فلسفة- ارسطو – توما الاكويني ان الانسان له المقدرة على تحويل ما هو مادي ملموس الى ما هو مادي غير ملموس أي الى الفكر. علما ان هذا التحويل يأتي بعملية يسميها الفيلسوفان المذكوران عملية التجريد Abstraction مثل تجريد اللحم عن العظم حيث تكون المحصلة ما يسميها الفيلسوفان الماهية Essence.اما الماهية المتعينة فتسمى الجوهر Substance اي ما يقف تحت الماهية ويحملها وهو البنية التحتية التي تقع تحت الحواس، او الانسان كله من حيث جسمه. غير ان الفلسفة الحديثة والمعاصرة لم تذهب مذهب ارسطو – توما الاكويني، وانما وجدت لها فلسفات اخرى لسنا بصددها، لأنها كثيرة ومتشعبة. اما فكرنا بالحقيقة فنسنده مع الأب تيار ده شاردن الى فلسفة انسان مأخوذة خاصة من علوم الحياة Biologie. فالماهية، وكما هو معلوم تعني ما هو اساسي لتكوين فكرة الشجرة مثلا او تكوين فكرة الانسان. اما كل التفاصيل الثانوية فتسمى اعراض. لا اتوسع هنا اكثر من ذلك. فقط اقول ان تكوين الماهيات او البنى العليا الفكرية التي لا تقع تحت الحواس لا تظهر للوجود الا في العقل الانساني الذي يميز وجود المادة التي تقع تحت الحواس من معاني هذا الوجود التي لا تقع تحت الحواس لآنها معاني مجردة عن المادة الجسمية. واذن، ومن الكلام اعلاه، نفهم ان الروح او ما نسميه كذلك، لا يأتينا من السماء بل يأتينا من عالمنا ومن تركيبته، كما يأتينا من خصائص العقل الانساني. ولهذا يبدو بديهيا ان يعرف الانسان عالمه الانساني كمادة جسمية وكروح ولا مشكلة له في ذلك سوى ان يكون هذا الانسان مثقفا بكفاية، وان لا يكون مخدرا بمخدرات الألوهية. اما باختصار فنوجز كلامنا اعلاه بقولنا ان الانسان لا يعرف شيئا غير ما هو موجود في عالمه الانساني، مثل السمكة التي يتعذر عليها العيش والمعرفة خارج عالمها المائي. وهكذا، ومما سبق اعلاه يمكننا ان نشدد على حقيقة ان الانسان لا يملك اية قدرات توصله الى معرفة الكائن الالهي السماوي، حتى وان آمنا فلسفيا فقط بأن هذا الكائن موجود وانه خالق الكون في حالته الأولى التي يتكلم عنها العلماء). كما لا يملك الانسان اية قدرات لالتقاط أي كلام او اية اشارة من الاله السماوي. وبالتالي فاننا نجزم بأن الانسان يعيش في عالم مغلق هو عالم الانسان. هذا، وقد تسأل ايها الأخ وتقول: انا افهم انه لا يريد الله ان يتصل مع البشر، حيث لا نجد اي اثر واقعي لهذا الاتصال، ولكن هل انه مبدئيا ونظريا لا يستطيع الاتصال بالإنسان فعلا؟ جوابا على تساؤلك نقول: اذا اردنا ان نعرف السبب الذي يجعلنا نقول ان الله لا يستطيع ان يتصل بالعالم او بالبشر، لا نظريا ولا عمليا، يكون علينا ان نفهم طبيعة الاله المفترض فلسفيا، وطبيعة المادة التي يقول عنها العالم لافوازيه Lavoisier بأنها لا تفنى ولا تستحدث، اي لا احد يستطيع ان يتلاعب بقوانينها الأصيلة وان يلغي او يبدل او يضيف الى هذه القوانين التي عرفناها من خلال العالِم لافوازيه. ولذلك يكون قانون المادة المذكور مانعا لله من الاتصال بالعالم، هذا الاتصال الذي لو حدث كان يتطلب تغيير طبيعة المادة نفسها، العمل الذي لا يستطيع الاله ان يعمله، لأنه لا يستطيع ان يناقض نفسه بنفسه وينقض اعماله وقوانينه التي نفترض انه هو الذي وضعها في الكون من وجهة نظر لاهوتية علمية وليس عقائدية او اسطورية. اما هذا القول فيعني ان المادة تفرض نفسها وقوانينها على الانسان وعلى الاله المفترض ايضا. فاذا كان الانسان لا يستطيع ان يلتقط اية اشارة واي كلام الهي فهذا يعني ايضا عجز الله عن اختراق طبيعة الانسان المادية الانسانية بالاتصال معها. فذا افترضنا مع السلفية ان الاله كائن روحي يكون علينا ان نفهم ايضا ان الكائن الروحي المحض لا يستطيع ان يعمل تعشيقا connexion مع الكائن المادي الانساني. اما عندما نقول بأن البنى التحتية قادرة على الاتصال مع البنى الفوقية وعلى التأثير الايجابي او السلبي على البنى الفوقية والعكس صحيح، فان امكانية الاتصال هذه مبنية على كون البنى العليا من نفس المادة الجسدية التي نراها في البنية التحتية، بكون المادتان تملكان طبيعة مادية واحدة، حيث ان البنى الفوقية والتحتية هي وظيفة في خدمة الانسان الواحد. الأمر الذي يجعلنا ان نفهم ظاهرة القوى النفسية الجسدية Psychosomatique وهي ظاهرة طبيعية تجعل من الانسان انساننا الذي نعرفه. وعليه نرى ان المقارنة بين قدرة الروح السماوي وقدرات الانسان الأرضي معدومة تمانا. اما ان يقال من باب التصوف ان قوانين الطبيعة تعكس حقيقة القدرة الالهية وبالتالي يمكن التصرف بحياتنا على هذا الأساس، فأن هذا القول غير ممكن ايضا، لأن ما يصل اليه المتصوف ليس هو الاله السماوي بل المقدس الأنثروبولوجي الموجود في نطاق قوانا العليا والذي من اختصاصه ان يدلنا على حاجتنا الحضارية الجديدة، كما يدلنا على فشل الحضارة القديمة وعلى وجوب تجاوزها بالإزاحة الجدلية. هذا فضلا عن ان قدرة المتصوف التي تكلمنا عنها هي قدرات شخصية جدا ناتجة عن حالة مفرطة في الحساسية Hypersensibilité ولا يمكن اتخاذها حالة نمطية لجميع البشر. فالقدرات النفسية الجسدية Psycho somatique تجعل المتصوف يصل بسهولة اكبر الى وعود المقدس الانثروبولوجي الحضارية والروحية التي تكلمنا عنها. فالمقدس الأنثروبولوجي الذي يقع في مجال قوانا العليا لا ينكشف امام الانسان بكبسة زر او بممارسة فريضة معينة، وانما يحتاج الى اناس لهم قدرات خبرة عميقة في الأمور الانسانية الموضوعية والذاتية، ويتحلون بنظرات نبوية- انسانية تجعلهم يكتشفون قبل غيرهم ومن اجل غيرهم، ما لا يكتشفه الا بعض الرواد الذين يتميزون بعمق انساني خاص، يدلهم على فشل ما هو قديم ونجاح الحضارة الجديدة. ان هذه القدرات الانسانية الخاصة هي التي مكنت مبشرا ليقول لزعيم قبيلة تحول الى المسيحية: احرق ما كنت تعبد واعبد ما كنت تحرق. ماذا يمكن ان نقول لرؤسائنا: اما نحن فنستطيع ان نقول لرؤسائنا ولشعبنا المخدر في اغلبه، وليس كله و المؤدلج بأيديولوجية غريبة وفاسدة وغير منطقية ولا عقلانية ان احرق ما كنت تعبد ( من افكار ) واعبُد ما كنت تُحرق. اي احرق ما كنت تسميه الايمان ولم يكن سوى معتقدات اسطورية واعبد الايمان الحقيقي الذي تجده في بناك العليا ومقدسك الانساني الذي تجده في اعماق طريق التحرر من الأساطير المفروضة عليك كنسيا وليس ايمانيا لأسباب كنسية وشخصية لا تشرف احدا. ( هنا اترك لأخي قاسم كيفية تطبيق هذه المبادئ على ايمانه الشخصي او الاجتماعي ).علما بأن اول ما يجب ان يحرقه السلفي او المبتلى بالسلفية هو فكرة الاله السماوي التي كانت العمود الفقري لأمة العهد القديم التي اندثرت حضاريا وايمانيا وحلت محلها، ليس مسيحية اليوم التائهة وانما مسيحية كنيسة الرسل الأولى ومسيحية ما يسمى ايضا " كنيسة الدياميس " حتى جاءت كنيسة قسطنطين الثيوقراطية التي كانت شبيهة بأمة بني اسرائيل والتي بعد نجاحها الحضاري اصيبت بنكسة جدلية حضارية وانشقاقات ثم وأدتها الثورة الفرنسية غير مأسوف عليها، بعد ان تركت لنا مجموعة من عقائد دينية اسطورية وغير قابلة للتصديق فأصبحت هي ارثنا الذي دمر مسيحيتنا واعادها الى عصر مماثل لعصر امة بني اسرائيل الحضارية الدينية والى اساطيرها التي لا تحصى. والتي لا يمكن ان يقضي عليها ومعها الأساطير العقائدية المسيحية سوى التاريخ الحضاري وليس اي تاريخ آخر. وهكذا بتنا نحن المسيحيين نعيش في كنيسة عصرا مماثلا لعصر جاهلية العهد القديم حاولت بعض الفلسفات في القرن الرابع ان تعطي لأساطيرها ومعتقداتها الدينية وحتى لقراءتها الحرفية المؤدلجة للكتاب المقدس ان تضفي على اساطيرها ومعتقداتها الغيبية صبغة فلسفية خائبة، الأمر الذي اعطى لنا يسوع ممسوخا والها غيبيا اسطوريا يستطيع ان يعمل المستحيلات والمتناقضات. نعم تلك الفلسفات اعطت لنا يسوع بطبيعة واحدة واقنوم واحد وفلسفة اخرى اعطت لنا اليوم يسوع باقنومين وطبيعتين واخيرا الفلسفة التي تبنتها روما والتي تقول ان يسوع هو اقنوم واحد وطبيعتين. ولكن ما الفرق طالما ان معطيات هذه الفلسفات كلها هي معطيات غيبية اسطورية. يعني نفس الطاسة ونفس الحمام. يعني كلهم كانوا على وهْم وضلال، لا اكثر ولا اقل. ولا ننسى ان هذه العقائد ومشتقاتها صارت سببا لحرق الناس وتعذيبهم ومصادرة كتب لاهوتيين وعلماء كبار وشراح الكتاب المقدس. اذكر هنا فقط الأب تيار ده شاردن والأب لاكرانج وقبلهم كوبرنيكوس العظيم وغاليلو الذي قال بكروية الأرض وبدورانها حول الشمس الذي اضطر على نكران علمه خوفا من الاعدام. ولكن هناك نكتة تقول ان غاليلو وهو يخرج من المحكمة صاح وقال: ومع ذلك فهي تدور. نحن في زمننا ولحسن حظنا لم يعد بوسع الكنيسة ان تفعل ما كانت تفعل في عهود اقدم، لكنها تلجأ الى وسائل مختلفة لقتل المجددين معنويا مثل الدعاية السيئة: ماركسي – غير مؤمن – علماني – ثائر – فوضوي مشكك للناس – خارج عن القانون والعرف – يكتب اشياء تثير جدالات في حين ان الكنيسة لا تعتمد الا الأشياء الثابتة ( هذا الادعاء هو الأهون ) لكنه حتما لا يقع في خانة التطور المطلوب. واخير وليس آخرا هناك التجاهل. ولكن اقول فقط اذا كان سد السلفية مثقوبا ومتهرئا وبه ثغرات كثيرة فهل يستطيع المقاومة وصد الحقيقة الى ما لا نهاية؟ حتما لن يستطيع الثبات الى ما نهاية له من الزمن، فسد السلفية بدأ يتداعى من الآن في زماننا ولم يعد ينفع فيه الترقيع والصيانة مهما كانت قوية. وهنا اقول لجميع السلفيين احتضنوا بيضكم واساطيركم ولا تفارقوها وناوروا وتحججوا بما تستطيعون: الحق اقول لكم ان بيضكم سيفسد لا بل كان فاسدا في الأصل ولن تخرج منه احياء جديدة الى الحياة. ومعذرة عن التعبير: انتم يا ايها السادة السلفيون ستندثرون مع من اندثر من قبلكم مع الأسف. لا استثني روما السلفية من قولي هذا ، فالسلفية بالحقيقة ليست فقط بلاء نظريا ضد الحقيقة وسوء تقدير وعودة الى عصر الجاهلية الدينية الانسانية، لكنها فكر وتشبث بعقائد وهمية تعود بك الى عصر الأمم الدينية الثيوقراطية التي تعتمد على عنصرين اساسيين: عبادة الله السماوي الغيبي غير المعروف والعودة الى الشريعة كما كانت في زمن العهد القديم المرحلي. الأمر الذي يجعل الانسان ينسى ذاته ودوره وقدراته وواجباته الذاتية ويطلب حاجاته من الهه المزعوم الذي لا يجيب طلبات احد. كما يعني الاله السماوي عودة الانسان الى الشريعة والوصايا السماوية التي في الحقيقة ليست وصايا سماوية لكنها وصايا ارضية. اما الاشكال مع الشريعة في عهدها الأول فلا يعد اشكالا لأن الشريعة تكون في ذلك الوقت مقبولة نوعا ما. اما عندما يرى الانسان انه يجب ان ينتقل الى حضارة جديدة متحررة من الشريعة الأولى حينئذ يشعر هذا الانسان بالاستلاب والضياع حيث يبقى اله الشريعة مفروضا عليه من قبل السلفية دون مراعاة حقوق ذلك الانسان التواق الى التحرر من الشريعة المكبلة لحياته. ففي المجال الموضوعي لا يستطيع الايمان ومقدسنا الأنثروبولوجي ان يعملا لنا شيئا مهما، لأن الحواس هي التي تتحكم في كل الأمور الموضوعية التي تقع تحت الحواس، سواء كانت اشياء واقعية ام وهمية. اما مقدسنا الأنثروبولوجي فهو مختص فقط بالأمور الذاتية Subjectives حيث هو ملعبه الرئيسي بلا منافس. فمقدسنا الأنثروبولوجي هو الذي يعرفنا بدعوتنا التي هي دعوة تجديد حضاري مطلوب، بعد فشل واحتضار الحضارة القديمة اي حضارة الأمة الدينية. كما يعمل على التوعية بالتخلي عن اية حضارة حتى وان كانت فرعية من اجل العبور الى حضارة جديدة افضل من الحضارة الأولى. مثلا العبور من حضارة المعتقدات والعقائد الى حضارة علمانية علمية. غير ان مقدسنا لا يعمل فقط على المستوى التجددي الحضاري الاجتماعي المذكور لكنه يعمل ايضا على المستوي الشخصي الفردي، حيث يجد الانسان الروحاني نداء الى التجدد المستمر والانتقال من مرحلة حضارية روحية واقعية وجزئية وشخصية الى مرحلة حضارية روحية وجزئية اعلى من المرحلة الأولى. ففي الواقع لا يوجد فرد انساني يستطيع العبور مرة واحدة من حضارة الاله الواحد الثيوقراطي الى حضارة الله الأب وحضارة الانسان كابن لهذا الأب، لأن ابوة الله وبنوة اي انسان مؤمن بهذه الأبوة لا تأتي دفعة واحدة، لأنها بالحقيقة مسيرة مستمرة نحو البنوة لله. او نحو التحرر من كل روابط الأمة الثيوقراطية القديمة. فكما قلنا المسألة لا تأتي بكبسة زر او بفعل بنوي واحد، اللهم الا عندما يكون ذلك في حالة الاستشهاد والموت من اجل قضية ابوة الله لجميع البشر وبنوة الانسان له. طبعا نحن هنا لا ننفي وجود توقف وفتور موقت او حتى سقطات متناقضة مع دعوة الانسان السائر على سكة التحرر الكامل من عهده القديم بكل معانيه الواسعة. فنعم للمجتمع حالته القديمة وحالته الجديدة بكل مشاكلها وتقلباتها وكذلك للفرد الواحد حياته التي تتوجه نحو التحرر على الرغم من ضعفة الطبيعي البشري. فالانسان بالحقيقة لا يولد قديسا. فنعم بالعماذ يصير الطفل من جماعة ابناء الله ولكن هذا الطفل يكون بالعماذ قد خطى الخطوة الأولى فقط. هنا اسال القومجية واقول لهم: ترى هل بدعوتهم الى القومية الآشورية او الكلدانية وبممارسة الانسان المعمذ بعض الشعائر التي اكل الدهر عليها وشرب ولم تمسها يد الاصلاح يستطيع المعمذ ان يصل الى كمال المسيحية، او حتى الى المسيحية الصحيحة؟ فيا لبؤس من يعتقد ذلك!! وهكذا يرى القارئ العزيز ان المنهجية العلمية والتاريخ الحضاري ينقلاننا من الحياة الرتبية ( الطقسية ) الى معنى الصلاة التأملية بكافة اشكالها وتنوعها. فالصلاة التأملية اذا تعود عليها الانسان يمكنها ان تدخله الى باطنه حيث البنية التحتية وقدراتها وامكانياتها وحالتها الانسانية الصحية التي تحتاج الى المعالجة المستمرة، لكي تأثر التأثير الحسن على البنى الفوقية وعلى ضمير الانسان ونشاط مقدسه الأنثروبولوجي، ثم تعود البنى الفوقية بدورها الى التأثير الحسن على بنية الانسان المادية النفسية الجسدية Psycho somatiques. اما فساد احدى البنيتين فلا يسعه سوى التأثير السلبي على البنية التحتية وعلى جميع البنى الفوقية المكونة لإنسانية الانسان. اما الايمان، وبكونه يقع ضمن القوى العليا للانسان فانه هنا فقط يستطيع ان يؤدي دوره الحقيقي بإعطائه المصداقية والأمان لمشاعر الانسان، وللإنسان الفرد نفسه بصورة عامة. طبعا في كل هذا الذي ذكرناه لا مكان علمي للاله السماوي القس لوسيان جميل 19-9-2019 أجوبة الى الأخ قاسم محمد داؤد : القس لوسيان جميل |
|
| |
|
لطفي الياسيني معلومات إضافية
الأوسمة : المشاركات : 80281 نقاط : 715023 التقييم : 313 العمر : 118 | موضوع: رد: أجوبة الى الأخ قاسم محمد داؤد : القس لوسيان جميل السبت 21 سبتمبر 2019 - 13:50 | |
| | |
|