الكاظمي يرفض طلب خامنئي تسديد الديون بالدولار ومقابلة قاآني
العرب/بغداد – كشفت مصادر سياسية عراقية أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رفض، خلال زيارته طهران، طلبين صريحين جاءا على لسان المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقالت المصادر إن الزيارة أحيطت بالكثير من التشنج، لاسيما اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء العراقي بمرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي.
وتمثل الطلب الأول في تسديد مستحقات شراء العراق للكهرباء والغاز من إيران بالدولار الأميركي الذي تحتاج إليه إيران بشدة من خلال بنوك صينية، إذ أصر الكاظمي على الدفع بالعملتين العراقية أو الإيرانية، لتجنب الصدام مع العقوبات الأميركية.
وتقول المصادر إن الطلب الثاني هو لقاء الكاظمي بالجنرال إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، مؤكدة أن الكاظمي رفض الطلبين الإيرانيين بشكل صريح.
ووصفت المصادر نفسها زيارة الكاظمي لطهران بالفاشلة، وعزت ذلك إلى عدم قدرة الكاظمي على تلبية مطالب الإيرانيين، وفي مقدمتها تشكيل جبهة واحدة في مواجهة الولايات المتحدة.
وأضافت أن تغريدات المرشد الإيراني على حسابه الرسمي أثناء وجود الكاظمي في طهران تكشف عن عدم معقولية الطلبات الإيرانية من رئيس الحكومة العراقية.
وكان خامنئي قد كتب مهددا أن “إيران لن تنسى جريمة اغتيال أميركا للفريق سليماني وأبومهدي المهندس، وستوجّه حتما ضربة مماثلة للأميركيين”.
وخاطب خامنئي رئيس الحكومة العراقية، الذي كان ضيفا على إيران، في التغريدة نفسها قائلا “لقد قتلوا ضيفكم في داركم واعترفوا بهذه الجريمة بشكل صريح، وهذه ليست قضيّة بسيطة”.
وكتب أيضا أن “أميركا عدوّ بالمعنى الحقيقي للكلمة، وهي لا ترضى بعراق مستقلّ وقويّ يمتلك حكومة حائزة على آراء الأكثريّة. ولا يكترث الأميركيّون للشخص الذي يستلم رئاسة وزراء العراق، بل إنّهم يسعون لتشكيل حكومة شبيهة بحكومة الحاكم الأميركي في العراق بول بريمر في بدايات المرحلة التي تلت سقوط صدّام”.
ويرى مراقبون أن إيران ربما بدأت فعليا الرد على رفض الكاظمي للطلبات الإيرانية، من خلال تحريك عدد من أدواتها في الداخل العراقي لإرباك الحكومة.
وتتزايد المؤشرات التي تؤكد أن إيران أجازت أذرعها في العراق للتصعيد أمنيا بهدف إرباك حكومة الكاظمي، الذي لم يقل كلاما طيبا خلال زيارته الأخيرة إلى طهران.
وخلال اليومين التاليين للزيارة، رصدت أجهزة الأمن العراقية نشاطين يكشفان نوعية التحول في مسار التصعيد الإيراني ضد الولايات المتحدة، الأول هو مهاجمة رتل أميركي للإمداد اللوجستي جنوب العراق، والثاني هو محاول إطلاق طائرة مسيرة، بعد تفخيخها بمواد متفجرة، نحو مبنى السفارة الأميركية في بغداد.
وذكرت مصادر أمنية أن جهاز الاستخبارات ألقى القبض على شخص وهو يقوم بتصوير عملية تفجير عبوات ناسفة ضد رتل عسكري ينقل معدات لصالح القوات الأميركية على الطريق الرابط بين البصرة والناصرية، جنوبا.
وأكدت المصادر أن الشخص المذكور قدم من بغداد للمشاركة في هذه المهمة التي أسفرت عن احتراق شاحنتين تحملان معدات خاصة بالجيش الأميركي. لكن المصادر لم توفر معلومات عن الجهة المنفذة ودوافعها.
واهتم الإعلام العراقي التابع لإيران بهذه العملية كثيرا، ونقل تفاصيل الاستهداف ما يؤكد تورط الميليشيات المسلحة فيها.
وفي العملية الثانية، وضعت سلطات الأمن العراقية يدها على طائرة مسيرة في منطقة الجادرية المحاذية للمنطقة الخضراء وسط بغداد، جرى تفخيخها بالمتفجرات، تحضيرا لإرسالها نحو المنطقة الخضراء المجاورة، حيث مباني الحكومة العراقية والسفارتان الأميركية والبريطانية.
ولم تدل القوات الأمنية بأية تفاصيل عن الجهة المتورطة في هذا المخطط، لكن وجود الطائرة في منطقة تعد معقلا رئيسيا للميليشيات الموالية لإيران يقول الكثير عن الأمر.
ولم تعتد الميليشيات التابعة لإيران أن تغير أنماط نشاطاتها ضد المصالح الأميركية في العراق، لذلك فإن لجوءها إلى أساليب عمل جديدة يؤشر على انطلاق مرحلة تصعيد تختلف عن سابقاتها.
لكن الحكومة العراقية يبدو أنها مستعدة هذه المرة، إذ يشير الإعلان الرسمي عن اعتقال أحد المتورطين في هجوم على القوات الأميركية جنوب البلاد وتسليمه للسلطات المختصة إلى أن هذه السلطات ستقوم بواجبها، بغض النظر عما إذا كان ذلك يزعج إيران أو لا يزعجها.
وبالرغم من هذه التحركات الإيرانية، يستبعد مراقبون أن تتجه طهران نحو تصعيد غير محسوب في العراق، قد يدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى رد واسع.
وتدور التوقعات في بغداد حول صيف ساخن قد تتخلله بعض التوترات، دون وقوع انفجار كبير في الأحداث، بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
ويقول مراقبون إن إيران قد تكون حاليا أبعد ما يكون عن التورط في اختبار صبر ترامب، الذي يواجه تراجعا مقلقا في شعبيته، قد يقطع عليه طريق الولاية الثانية.