سحابٌ بقلم الشاعر السوري عبدالرزاق محمد الأشقر
-
((... سحابٌ... ))
على ظمأٍ يروّيني العبابُ
و في عينيّ يلتمعُ السرابُ
و تتركُني الرُّعودُ بكلِّ فجٍّ
بروقاً كادَ يعميها السَّحابُ
إذا مطرٌ أتاني رحتُ أحيا
كزهرٍ راحَ ينبتُهُ الترابُ
أحقاً في بلادي كلُّ شيءٍ
جميلٍ يستفيضُ بهِ العذابُ
يحمّلُنا أسانا حينَ نغفو
كحلمٍ في حناياهُ اغترابُ
كطفلٍ يبتني قصراً منيفاً
وليسَ لقصرِهِ في الحلمِ بابُ
ليدخلَ في حمانا كلَّ يومٍ
غريبٌ قدْ تحاماه الصَّوابُ
ليرجمَنا على صمتِ الأداني
و يقصفَنا و قدْ طارَ الغرابُ
بلادي يا بلادي زوّديني
بماءٍ لا يعكّرُهُ المصابُ
فقدْ يحلو و لا يحلو لدينا
شرابٌ حينَ يصحبُنا الشَّرابُ
تآكلَ باللهيبِ نجيعُ قلبي
وأصبحَ خاوياً و بهِ اليبابُ
تراني قدْ عبثتُ بحالِ عيشي
و قدْ أدمنتُهُ و كبا الخطابُ
و لمْ آنسْ بحضرتِهِ كثيراً
فكيفَ الصَّبحُ يحجبُهُ الضَّبابُ
و كيفَ الليلُ توسعُهُ الأماني
أنا في الليلِ يضرمُني الغيابُ
تأملتُ الليالي فاطمأنتْ
ربوعْ الليلِ و ازدادَ الخرابُ
و لمْ آبهْ و قدْ عبثتْ بأرضي
وحوشُ الغابِ و اهتاجَ الذِّئابُ
عواءُ الذِّئبِ ما ضرَّ المواشي
و لا طربتْ لمقدمِهِ الكلابُ
و لكنْ أمَّتي نامتْ قليلاً
و غطّى عينَها هذا الذُّبابُ
ألا أينَ الصَّوائفُ و الشَّواتي
ألا أينَ البواترُ و القضابُ
أنادي كمْ أنادي لستُ أدري
على شفتيَّ يرتدُّ الجوابُ
لقدْ أحييتُ منْ ناديتُ مَيْتاً
و حيَّاً ماتَ أعيتُهُ الحرابُ
و لو وسعَ النِّداءُ جميعَ قومي
لقامَ المَيْتُ و انقشعَ السَّحابُ.
عبدالرزاق محمد الأشقر. سوريا