استهداف 14محلا لبيع الكحول في بغداد خلال شهرين… وجماعات شيعية تتبنى
منذ 18 ساعة
2
حجم الخط
بغداد ـ «القدس العربي» ـ وكالات: كشف تقرير لوكالة «فرانس برس» أمس الأربعاء، عن الأسباب التي أدت إلى تزايد الهجمات التي تتعرض لها محلات بيع المشروبات الكحولية في العاصمة بغداد.
وذكر أن جماعات دينية استهدفت في غضون الشهرين الماضيين، حوالي 14 محلا تجاريا لبيع المشروبات الكحولية، فيما لا تصدر الحكومة العراقية تعليقا على هذه الهجمات وتلتزم الصمت في أغلب الأحيان.
ويشعر أصحاب محال المشروبات الكحولية في بغداد بالخوف والقلق بعد سلسلة هجمات جديدة تعرضوا لها في الآونة الأخيرة من قبل جماعات متطرفة تتبنى خطاب دينيا متشددا، تستهدف هذه المحال تحت عنوان «النهي عن المنكر» لكن قد تكون هناك أسباب أخرى للهجمات.
فقد أشار تجار إلى المنافسة والابتزاز بينما عبّر آخرون عن مخاوف من أن يكون الغرض الرئيسي تغيير واقع بغداد الليبرالي تاريخيا، وكذلك استهداف الوجود المسيحي في مدينة لطالما عٌرفت بانفتاحها واختلاطها.
ففي غضون الشهرين الماضيين، استهدفت جماعات مجهولة حوالي 14 محلا تجاريا لبيع المشروبات الكحولية بينها ثلاثة تفجيرات مساء الإثنين.
وتبنت جماعات شيعية تعرّف عن نفسها أنها «أهل المعروف ـ وأصحاب القرى ـ وأهل الكهف ـ وربع الله» هذه الهجمات التي باتت تنشر تفاصيلها على مواقع التواصل الاجتماعي وتتباهى بها مؤكدة أنها تقوم بتطبيق «الشريعة» الاسلامية.
وتعيد هذه الهجمات تذكير سكان المدينة بالتفجيرات التي كانت تشهدها بغداد يوميا ولسنوات قبل «الانتصار» على تنظيم «الدولة الاسلامية» في أواخر 2017.
حرب ابتزاز
وقال أحد رجال الأعمال مفضلا عدم الكشف عن هويته، إنّ «تجار المشروبات الكحولية يتعرضون إلى حرب ابتزاز من نوع خاص لوقف بيع تلك المشروبات» وأضاف: «تعرضنا إلى شتى أعمال التهريب والقتل والاختطاف واستهداف الشاحنات خلال السنوات الماضية، لكننا لا نزال نقاوم للحفاظ على وجه بغداد الليبرالي».
ولا تصدر الحكومة العراقية تعليقا على هذه الهجمات وتلتزم الصمت في أغلب الأحيان، لكن بعد تصاعد الموجة الأخيرة وظهور جماعات باتت تصدر تهديدات بشكل علني، نشرت قوات من الجيش والشرطة في محيط هذه المحال لحمايتها، إضافة إلى غلق الملاهي الليلة لإبعادها عن أي أعمال من هذه المجاميع.
وتعود أغلب هذه المحال إلى الأقليات المسيحية والإيزيدية التي باتت أعدادها تنخفض بشكل ملفت نتيجة الهجرة خلال السنوات الـ17 الماضية منذ الغزو الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين وبدء تصاعد سطوة الأحزاب الدينية والمتشددة.
واعلنت وكالة الاستخبارات عملية أمنية لإغلاق القاعات والنوادي الليلية والمحلات الخاصة ببيع المشروبات الكحولية غير المجازة أسفرت عن إغلاق 91 من هذه الأماكن في مناطق متفرقة من بغداد.
وتمنع السلطات المحلية تجارة الخمور في مناطق جنوب العراق وتصادر المشروبات الكحولية عند نقاط التفتيش، ما سمح بتزايد استهلاك المخدرات، حسب مصادر مسؤولة محلية في عدد من هذه المناطق.
وذكر أصحاب محال إيزيديون ومسيحيون أن بعض التجار المسلمين دخلوا على خط المنافسة في هذا العمل المصرح به رسميا فقط لتلك الاقليتين بشكل قانوني، لكن محالهم لم تستهدف في الآونة الأخيرة ما يوحي أن المنافسة قد تكون أحد أسباب الهجمات. ويقول الكثير من أصحاب المصالح إنهم يتعرضون إلى ابتزاز من جماعات مسلحة مقابل الحماية في المدينة التي تتنافس فيها الجماعات المسلحة بينما لا تزال تبحث عن هوية موحدة منذ الغزو.
«بشكل فردي»
ويشير مسؤول مقرب من هذه الجماعات إلى أن تعدد الميليشيات وتفرّعاتها «هو السبب وراء» الهجمات وعمليات الابتزاز.
وأوضح قيادي رفيع المستوى في أحد الفصائل المسلحة أن قيادات هذه الجماعات «لا تتدخل في هذه الأعمال إطلاقا، إنما شخصيات صغيرة تدعي الانتساب لبعض الفصائل تتصرف بشكل فردي».
واتهم هذا القيادي بعض الضباط في القوات الأمنية، بالوقوف وراء الابتزاز والأموال والحماية لهذه المصالح مقابل إرغامها على الدفع بشكل شهري مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات.
يرى اندريه وهو صاحب مخزن لبيع الكحول وسط بغداد، أن المستهدف الفعلي هو الأقليات في بغداد حيث تنتشر في العديد من الأحياء التاريخية الكنائس إلى جانب المساجد.
وتعرض مخزنه إلى تفجير أسفر عن خسارة مئات آلاف من الدولارات بواسطة شخصين يستقلان دراجة نارية.
وقال، وهو يتابع من على شاشة تسجيلا مصورا لمشهد تفجير مخزنه: «هذه الجماعات تنوي تهجير ما تبقى من المسيحيين في البلد. إنهم يستهدفوننا».
ووجه اللوم إلى القوات الأمنية، قائلا إن «الدورية التي كانت تقوم بالحراسة انسحبت قبل الهجوم بساعات في حركة غريبة». كما أنّ الدراجة النارية وصلت إلى المنطقة رغم حظر حركة الدراجات فيها.
وتابع: «السلطات تتغاضى عن المنفذين. هم معروفون باسم أهل القرى وينشرون نشاطاتهم على فيسبوك، فلماذا لا تقوم الحكومة بالقبض عليهم؟ لقد زودناهم حتى برقم السيارة التي قامت بتصوير التفجير وأعطيناه إلى السلطات لكنها لم تتخذ أي إجراء».
وغالبا ما تتجنب سلطات بغداد الأمنية المنهكة بعد سنوات من التفجيرات والصراعات المذهبية، الاحتكاك مع مسلحي الجماعات الشيعية المتشددة المدججين بالأسلحة. و«ليس أصحاب محلات بيع المشروبات الكحولية وحدهم من يخشى التفجيرات» وفق المصدر.