أمَجـْـزَرَةٌ دَيْــرُ ياسينَ...أَمْ مَفْخَـرَةٌ؟ *
====================================
يا أُمَّ خــالـدٍ؛الـتـاريـخُ طَـــــوَّفَ بــــي = فــي قـريـةٍ أقفرتْ مــن أهْـلِها الـعَـرَبِ(1)
في القلبِ ساكنةٌ، في البالِ ماثلــــــــةٌ=من جُرحِها الدمعُ لم يَرْقَأْ ولم يغــِــبِ
قــولـي بــِربِّـكِ: هــل مـا زِلـــتِ ذاكـرةً=أحـــداثَ شُـــؤْمٍ روَتْـهـا ألـْـسُـنُ الـكتـُـبِ؟
قـالـتْ :فـديْـتُكَ،هل أنـسـى مَـصارِعَ مَــنْ=ألـقـى الـعـدوُّ بـِهـمْ فــي مَـحجَرٍ خَـرِبِ؟
أم كـنـتُ أنـسـى الــذي لاقــتْ مُـعـلّمـتي=(حَـياةُ)،حيثُ اصطفاها الموتُ عن كثَبِ(2)
مـن أرضِ نــابُــلُـسٍ جــاءتْ لـتُـهـدِيَـنا=مَــــعَ الـكُـنـافـةِ،عِلْمًا خــالـِـصَ الــحَـلَـــبِ
فاستُشهدَتْ وهي في إسعافِ مَن جُرِحوا=تُـدافــعُ الــمَـوتَ عـنـهـمْ دونَـمارَهَـــــــــبِ
كـــمـــا (رَزانَ)،أمامَ الكَونِ مَــزّقَــهـا =حقدُ الـجُناةِ ،بـنفسِ النارِ والـسّبَـــــــــبِ(3)
سـاقُـوا إلَـيـنـا وُحــوشًـا لا عَـديـدَ لـهـمْ= وحــاصَـرونـا حــصارَ الـعَــيـنِ بـالـهُـدُبِ
مُــدَجَّـجــيــنَ بـأضــغــانٍ وأســـلــحةٍ=مَــعجونـــــةٍ بِــــدَمٍ مِــــن آسِـــنِ النـّسَـــبِ
لـذاك خُــضْـنـا جــهــادًا دونــمــا أَمَـلٍ =إلّا بِــــمَـــوتٍ لــــوجْـــهِ اللهِ مُــحْــتـسَـــــبِ
بــقِــلَّـةٍ مـن ســـلاحٍ، مـــن ذَخــيـرَتِــهِ= إيمانُ قــَلــبٍ يــَـضُخُّ العــزمَ كالـقِــــرَبِ
زجّـــتْ مَصاغاتِها الــنِّـسـوانُ قــائـلـةً:= هـاتوا سـلاحًا بِها، ما النّفعُ في الذّهـبِ؟
إنْ داهـمَ الـخـصـمُ هـل كُـنّـاٌّ نـنـاجـزُهُ= لـنـحـمـيَ الأرضَ والأعــراضَ بـالَّـنـشَــبِ؟
ومـا تَـخـلّـى الأهــالـي عــن بـنـادقِـهــِم= وفــــي نــفـادِ عــتـادٍ، صِـــرنَ كـالـخـشـــبِ
فَكَـــمْ شــهــيــدٍ تـــهـــاوتْ بـنْـدقـيّـتُـهُ=هَــــبَّ ابْــنُــهُ نـحْـوَهـا لـلـحـربِ بــعْـــد أَبِ
حـتى قـضـى الِابْــنُ هـبّـتْ أمُّــهُ خَـبَـبًا=تــرجـو الـشـهـادةَ لــم تـجـزعْ ولــم تَـهـَــَـبِ
ِوكم شهيدٍ هوى أرضًا ليَلثُمَها=يفيرتقي عندَ ربِّ العرشِ في الرُّتَبِ
وتُـرجِـمَـتْ خِـسّــةُ الأعــداءِ مَـجــزرةً=لأهــــلِ قـريـتِـنـا كــالـنـارِ فـــي الـحَـطـَــبِ
ما غابَ عـنـها سـِوى مَـن كانَ فـارَقَها= يـبغـي ســلاحًـا لحربٍ،غيرَ منسحِبِ
إنْ قُـلْــتَ:مــفْـخـرةٌ،أو قُـلْــتَ: مَجْـزرةٌ = فَـقَـوَلُـكَ الــصّـدْقُ لــم تـمـدحْ ولــم تَـعِـــبِ
(فــدَيْــرُ ياســيـنَ) لـلأهْـلـيـنَ مـَـفْخــرةٌ=إذْ جــالـدوا الـبـغْـيَ أُسْــدًا دونـمـا رَهَـــبِ
أمّا الـغـزاةُ فـفـيـها اـدهـرَ قـد وُصِـمـوا= بـوَصْـمةِ الـعـارِ،لـن تُـمْحى مـدى الـحِقَــبِ
فقُلْ لمَن يُنكرُ الإرهابَ مُدَّعيًا =بالعدلِ، يكفي الذي تَذْروهُ من كذٍبِ
لو كانَ مُرتكبوها مِن بني عَربٍ=لَطورِدوا الدهرَ في الصحراءِ والسُّحُبِ
هـذا الــذي كان يـا تـاريـخُ في وطني= ولــــمْ نَــبِـعْـهُ، ولمْ نُذعنْ لمغتصِــــــب
باللهِ أبْلِغْبِـذاكَ الأهلَ مِــن عَـــــرَبٍ=ولـسـتُ أطــوي عـلى غِـلٍّ ولاعـتَـــبِ
=========================
قـولي خـديـجـةُ:كـيـفَ الآنَ قـريـتُـكـم؟= وكـيفَ أخْـنى عـلـيـها مِــعْـوَل لـنُّــوَبِ؟
قـالـت:أجـلْ زُرتُـها،قـد صارَ مَـسـجدُنا=– مَـأوى مَـجـانـينِهمِ.يشكو بِـلا خُــطَـبِ!
رأيــتُ مَـنـزلَـنـا فــيـهِ الــغـريـبُ ثَـوى= كـأنّـهُ وارثٌ أهلي ، وذو نَسـَـــــــبِ
وجَـنّـةَ الـتّــيـنِ والــزيــتـونِ تَـقْـطـفُـها=أيــدي الـلّصوصِ بــلا كَـدٍّ ولا نـصَــبِ
يـا ربِّ، جُـدْ بــصـلاحِ الـدِّيــنِ ثـانـيـةً= شابَ الزمانُ وظَنّي فيكَ لم يَخِبِ
لتُعــلِــنَ الـعَـــوْدةَ الـكُــبـرى مَـآذنُــنـا= وـيُـسعفَ الـقـدسَ والإسـلامَ مـن وَصَـبِ
والــنّــايُ يـــَصـدَحُ،والأجراسَ نقرعُها= وصالـةُ الـحفلِ مـن عَـكّـا إلـى الـنّـقَــبِ
===========================================
* ديرياسين :قرية تقع غرب مدينة القدس ،كان عدد سكانها 650 نسمة ،هاجمتها العصابات اليهودية يوم 10 نيسان عام 1948 بقوة تقدر بثلاثة آلاف مقاتل ، مزوّدين بالمدافع والمصفحات فتصدى لهم أهل القرية بسلاحهم الخفيف والقليل حتى نفدت ذخيرة أسلحتهم، فاقتحم الأعداء القرية وأوقعوا بأهلها مجزرة رهيبة .كان لتلك المذبحة أثرها في تهجير الشعب الفلسطيني حتى قال زعيم صهيوني :لولا دير ياسين لما كانت إسرائيل!!!
(1)الحاجّة أم خالد خديجة :سيّدة من الذين نجوا من مذبحة دير ياسين،زوجة محمد عبد القادر شنان من بلدة كوبر.أجرى الشاعر معها مقابلة نشرت في صحيفة (االسبيل)الأردنية- العدد 123 - يوم الثلاثاء 26 آذارعام 1996 .
(2)الشهيدة حياة البلبيسي من مدينة نابلس كانت معلمة في مدرسة القرية وفي أحداث دير ياسين رفضت العودة إلى نابلس وعملت ممرضة حيث استشهدت .
(3) رزانَ الــنّــجّـارِ:مسعفة فلسطينية كانت تسعف المصابين في مسيرة العودة على حدود قطاع غزة فأشتشهدت برصاص قناص إسرائيلي يوم 3 حزيران عام 2018 م .