العراقية ضحى عبد الكريم من "أبطال مكافحة الفساد".. كيف أثبتت جدارتها؟
ضحى كرمت ضمن 12 شخصية حول العالم كأبطال مكافحة الفساد
طه العاني- الجزيرة نت:فازت المديرة العامة لدائرة المدفوعات في البنك المركزي العراقي ضحى عبد الكريم بجائزة "أبطال مكافحة الفساد" الدولية التي تقدمها الخارجية الأميركية، لتكون ضمن 12 شخصية حول العالم.
ويأتي تكريم ضحى تثمينا لجهودها في مكافحة الفساد، حيث نجحت في تصميم بنية تحتية لبطاقات الائتمان على مستوى العراق تُسهّل مدفوعات الرواتب الرقمية، وهو ما أسهم في الكشف عن الموظفين الوهميين، ومحاصرة الفساد.
شجاعة مثابرة
وتقول ضحى للجزيرة نت إنها واصلت مسيرتها التعليمية وحصلت على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من جامعة بغداد عام 1991.
وتضيف أنها تعينت في البنك المركزي العراقي عام 1993، وتدرجت في العمل الوظيفي، وتشغل حاليا مهام مدير عام دائرة المدفوعات، كما تمثّل العراق في العديد من المؤتمرات واللجان الدولية والمحلية.
من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد والإحصاء الدكتور هيثم طه إن ضحى وصلت إلى موقعها بجهودها التي أهلتها لكي تجتهد وتشكل رؤيتها الخاصة في إدارة واحدة من أهم الإدارات في البنك المركزي.
وبيّن للجزيرة نت أنها كانت شجاعة في نقل التكنولوجيا وتطبيقها في بيئة طاردة للكفاءات، وفي ظل أنواع مختلفة من مقاومات التغيير، فضلا عن قيامها بما تشبه إعادة البناء من بين ركام هائل من الفوضى.
المدفوعات الرقمية
وتتحدث ضحى عن تحديات كبيرة تواجهها، كونها تعمل في إدارة أنظمة الدفع الإلكتروني، وبمؤسسة اقتصادية حساسة هي البنك المركزي، ومسؤولة عن إدارة عدد من مشاريع الدفع الإلكتروني.
وحول طبيعة تلك التحديات، توضح أن مهمتها تتطلب بناء بنى تحتية على مستوى القطاع المالي، وتغيير ثقافة مجتمع، وتواصلا مع المجتمع الدولي، مؤكدة أن حبها لعملها بكل تفاصيله وإيمانها بالهدف ذللا العديد من الصعوبات التي واجهتها.
وتشير ضحى إلى أن من أهم أهدافها التي تصبو لتحقيقها تغيير خارطة الدفع في العراق، والتحول إلى الدفع الإلكتروني بكل مجالاته، ولتحقيق ذلك جاء الاهتمام ببناء بنى تحتية في القطاع المصرفي يمكن الاعتماد عليها وفق أفضل المعايير الدولية.
وتؤكد أن هذه ليست جهود شخص واحد، بل هو توجه المؤسسة بكل دوائرها وموظفيها، معتبرة أن بناء فريق عمل يؤمن بالأهداف ويتبناها من هو أهم مقومات النجاح في العمل، مشيدة بجهود موظفي البنك المركزي والقطاع المصرفي والمالي.
وفي هذا السياق، يلفت طه إلى استخدام الدول المتقدمة أنظمة إدارة المعلومات والإدارة الذكية والمقاربات الحديثة للاقتصاد الرقمي في تحسين نوعية الحياة والقضاء تماما على الفساد، معربا عن اعتقاده بأن أي محاولة في هذا الاتجاه تواجه مقاومة شديدة من قبل "مافيات الفساد" في العراق، لأنها تدرك أن الأنظمة الرقمية ستقضي تماما على فوضى التعاملات التي تعيش عليها منظومات الفساد.
جائزة دولية
وتعرب ضحى عن فخرها بحصولها على هذه الجائزة كونها رفعت اسم العراق، وتصدر أسماء الدول التي برز منهم أبطال مكافحة الفساد، مؤكدة أن ذلك سيكون دافعا لها للاستمرار بنفس النهج وتقديم المزيد.
من جانبها، باركت الناشطة الإعلامية أميرة الجابر للسيدة ضحى هذا الإنجاز، بتصدرها أفضل 12 شخصية على مستوى العالم في مكافحة أطر الفساد، خاصة عندما يكون هذا الفساد في مؤسسة مهمة مثل البنك المركزي العراقي، وكل ما يحاط بهذه المؤسسة من أساليب وعلاقات عمل مشبوهة.
وفي حديثها للجزيرة نت اعتبرت أميرة مبادرة ضحى مهمة جدا في وضع مسار سليم لأساس البطاقات الائتمانية التي تسهل عمل الدولة في مراقبة عملية دفع الرواتب بأسلوب رقمي، مما يسهّل كشف كل الموظفين الوهميين الموجودين بالدولة، باعتبار أن مؤسسة البنك المركزي مرتبطة بشكل مباشر بدفع الرواتب ومستحقات الموظفين.
مكافحة الفساد
وحسب بيان الخارجية الأميركية، فإن جائزة أبطال مكافحة الفساد الدولية التي أطلقتها مؤخرا تأتي لإثبات التزام الولايات المتحدة بالقضاء على آفة الفساد، وتكريم الأفراد الذين أظهروا القيادة والشجاعة والتأثير في منع الفساد وكشفه ومكافحته.
ويقول طه إن المرأة العراقية في الوظيفة العامة أثبتت قدرات كبيرة لا تقل شأنا عن الرجال، وكان من النادر سماع حالات فساد في مؤسسات عراقية تديرها امرأة.
وينوه أستاذ الإحصاء إلى أنه بعد عام 2003 وإلى اليوم أصبح الفساد الإداري والمالي صفة تكاد تكون منظمة بثقافة مؤسسية، لأن الوظيفة العامة ارتبطت بالمقاربة السياسية، ومع ذلك بقيت الصفة الذكورية طاغية على المشهد، ولكن بدرجة أقل.
وحول سبب منح هذه الجائزة، يلفت طه إلى أن العالم المتقدم قلق من الفساد في دول العالم الثالث، فهو المانع الرئيسي للشراكات الاقتصادية العالمية، ويعتد واحدا من أهم التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار في دول العالم المختلفة.
نجاح المرأة
وللمرأة العربية دور مهم وباع طويل في صناعة الاقتصاد، ويمكن القول إن المرأة العراقية مقتدرة، ومن بين ذلك بروز بعضهن في الاقتصاد، كما تفيد أميرة.
وتشدد الناشطة على ضرورة توفير الفرص وبيئة العمل الملائمة لنساء العراق تحديدا، لأن أزمة العراق السياسية ناتجة من أزمة اقتصادية، معربة عن اعتقادها بأن المرأة أثبتت على مدى سنين طويلة وفي محافل كثيرة أنها قادرة على أن تحدث الفرق في عملية رسم الدور الحقيقي لها.
في حين ترى ضحى أن المجتمع العراقي بمختلف المجالات يدعم المرأة ويحترمها، وعلى المستوى الشخصي "تلقيت الدعم الكبير من عائلتي وزملائي، وهذا ساعدني في الوصول إلى ما أنا عليه اليوم".
وتشيد بوجود العديد من النساء القياديات في القطاع المصرفي العراقي، ولا تستبعد وجود تحديات مختلفة في مجالات العمل، لكن المرأة تستطيع تجاوزها بثقتها في نفسها وقوتها وعملها بجد لتثبت للجميع أنها قادرة على النجاح وتحقيق الأهداف.