العراقيون يستقبلون رمضان بـ "أسعار مرتفعة" ووباء يشتد
ارتفاع الأسعار وتدهور الاقتصاد تزامنا مع ارتفاع كبير في تسجيل إصابات كورونا في البلاد
الحرة / خاص - واشنطن:تعيش الحاجة أم سمير، حالة من القلق مع اقتراب رمضان من كل عام، حيث يشكل الشهر، المقدس لدى أكثر من مليار مسلم، مناسبة يجتمع فيها أولادها الخمسة وعوائلهم التي امتدت إلى "أبناء الأحفاد"، كما تقول.
لكن في كل عام، تقتصر مخاوف أم سمير على احتمال غياب مادة غذائية ما من السفرة، وتقول: "أطبخ الطعام لخمسين فردا في كل خميس، وكلهم لديهم وجبات مفضلة، وبعضها أسمع بأسمائها للمرة الأولى".
وتضيف الحاجة في حديث لموقع "الحرة" أنها تقوم بـ "تحوير الوجبة، يقولون نريد كنتاكي، فأقلي لهم الدجاج والطحين والفلفل الحار وأقدمه لهم".
لكن هذا العام مختلف، فالإجراءات الصحية التي تفرضها الحكومة العراقية لمنع انتشار فيروس كورونا بشكل أكبر مما هو عليه حاليا تصعب التنقل بين مناطق العاصمة، فضلا عن خارجها أو خارج العراق.
"يعيش ابني الأوسط وعائلته في البصرة، ولدي ابنة تعيش في تركيا، وكانوا يجتمعون في بيتي كل عام"، تقول أم سمير، التي لا تعرف إذا كان تقليدها السنوي سيستمر، خاصة وأنه اكتسب هذا العام بعدا خاصا بعد وفاة الأب، أبو سمير في أغسطس الماضي متأثرا بمضاعفات فيروس كورونا.
والأحد، قالت خلية الأزمة البرلمانية العراقية، إنها تناقش خيارات لفرض حظر للتجوال في العراق خلال شهر رمضان أحدها هو فرض حظر شامل للتجول طوال العشرة أيام الأولى من الشهر، والثاني هو فرض حظر تجول جزئي لنحو 10 ساعات يوميا قبل الإفطار إلى بعد السحور".
وتبدو وزارة الصحة العراقية قلقة بعد تسجيلها أرقام قياسية للإصابات في الأسبوع الماضي، وصلت إلى نحو 8 آلاف إصابة، الجمعة.
وليس عدم اجتماع الأقارب في رمضان هو وحده ما يقلق العراقيين، فالأسواق التي تشهد ارتفاعا في الأسعار كل عام مع اقتراب شهر رمضان، سجلت هذا العام ارتفاعا قياسيا في الأسعار مدفوعا برفع الدعم عن العملة العراقية نهاية العام الماضي.
ويقول الحاج سمير العبيدي، وهو اسم مستعار، إن "رمضان هذا العام سيحل كئيبا"، مضيفا "توفي ابني في تظاهرات بغداد، وكان هو مصدر رزق العائلة، وبغيابه صعب علينا الحصول على تجهيزات رمضان هذا العام، كما أن الأسعار مرتفعة للغاية مما جعل الموضوع أكثر صعوبة".
ويرفض العبيدي تلقي مساعدات من أقاربه أو جيرانه، لكنه يأمل أن تسارع الحكومة العراقية بصرف تعويضات لعائلته، ويشير إلى أن "لدى ابني طفلة صغيرة أصبحت بلا أب، لكن المساعدات يستحقها ملايين غيري لا يستطيعون شراء أي طعام".
وقال، مرتضى الياقوتي، وهو خبير اقتصادي ورجل أعمال عراقي، إن "أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنحو 40 بالمئة عن أسعارها في رمضان الماضي، مقابل 8 بالمئة فقط في رمضان الماضي مقارنة برمضان الذي سبقه".
وأعلنت الحكومة العراقية، الأسبوع الماضي، السماح باستيراد مواد زراعية ومنتجات كانت قد حظرت استيرادها لتشجيع زراعتها وتصنيعها محليا، لكن هذا لا يكفي بحسب الياقوتي الذي قال لموقع "الحرة" إن "عادة شراء سلع تكفي لشهر كامل وتخزينها في رمضان قد انحسرت بشكل كبير بسبب ارتفاع الأسعار، وأيضا بسبب أجواء فيروس كورونا"
وبحسب الياقوتي فإن "إجراءات الحظر تجعل التجار يفقدون آخر ما تبقى من أمل بتعويض خسائرهم في شهر رمضان"، كما إنها تضعف قطاعات كبيرة مرتبطة بحركة السوق.
ويضيف قوله: "يمكنك أن تلاحظ أثر التدهور الاقتصادي بشكل واضح جدا، كانت عربات الحمل تنقل المواد الغذائية بلا توقف كل رمضان، وترى النساء وهن يشترين الطحين والسمن بالجملة، لكن في رمضان هذا.. لاشيء".
ومثل كثير من العرب، يعمد العراقيون إلى شراء حاجياتهم بالجملة قبل شهر رمضان، وتخزينها لاستعمالها في هذا الشهر لتقليل مرات الذهاب إلى السوق الذي يمثل عناء للصائمين.
لكن أم سمير اشترت ما يلزمها على الرغم من ارتفاع الأسعار واحتمال عدم اجتماعها بأبنائها على مائدة رمضانية في هذا الشهر لأن "رمضان يجب أن يحافظ على خصوصيته" كما تقول.
وسجل العراق، السبت، 6791 إصابة جديدة بفيروس كورونا، وهو رقم مرتفع بالمعايير المحلية مع إنه يمثل انخفاضا عن رقم 7937 الذي سجل الجمعة.