الهجوم على تمركز للقوات الأميركية في مطار أربيل الدولي هو احدث فصل من فصول التوتر بين إيران والولايات المتحدة ويأتي بعد تهديدات أطلقتها ميليشيات عراقية موالية لطهران بـ"التعامل مع المحتل الأميركي".
أربيل (العراق) - تعرض مطار ابريل الدولي في إقليم كردستان شمال العراق، حيث يتمركز عسكريون أميركيون، لهجوم بطائرة مسيرة تحمل مادة 'تي.إن.تي' شديدة الانفجار، بحسب بيان صادر عن داخلية الإقليم شبه المستقل أوضحت فيه أنه لم يسفر عن سقوط ضحايا لكنه ألحق أضرارا مادية بأحد المباني، بينما لا تزال التحقيقات متواصلة لتحديد مصدر ومكان انطلاق المسيّرة.
وهذا الهجوم هو الأحدث ويشكل منعطفا في الهجمات على القوات الأميركية، حيث لم يسبق أن تعرضت تلك القوات لهجمات بطائرات مسيرة. كما يشكل فصلا آخر من فصول التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في العراق، حيث تتهم واشنطن باستمرار ميليشيات عراقية موالية لطهران باستهداف قواتها ومصالحها في الساحة العراقية.
وقالت وزارة الداخلية في إقليم كردستان، إن "أسباب دوي الانفجار الذي سُمع هذه الليلة في مطار أربيل الدولي ناتج عن فعل طائرة مسيّرة"، موضحة أنه "بعد التحقيق والمتابعة من قبل الجهات المعنية حول أسباب دوي الانفجار، فقد تبين أن صوت الانفجار كان بفعل طائرة مسيّرة تحمل مادة تي.إن.تي شديدة الانفجار، مستهدفة بذلك مركزا لقوات التحالف الدولي في المطار"، مضيفة "لحُسن الحظ لم يوقع الانفجار أي خسائر في الأرواح".
وقال محافظ أربيل أوميد خوشناو إن الهجوم "لم يسفر عن أضرار مادية أو بشرية".
وفي أعقاب الهجوم، أغلقت القوات الأمنية كلّ مداخل مطار أربيل، وفق ما أفاد شهود في المكان، لكن المحافظ أكد استمرار الرحلات الجوية.
وكانت المعلومات الأولية قد أشارت إلى أن الهجوم تم بواسطة صاروخ وسمع دوي الانفجار في كافة أنحاء أربيل، قبل أن تصدر الداخلية بيانا أوضحت فيه أن الهجوم تم بطائرة مسيرة، بينما لم تتبن أي جهة بعد العملية.
ويأتي هذا الهجوم بعد حوالي شهرين من هجوم مماثل استهدف مجمعا عسكريا في المطار، تتمركز فيه قوات أجنبية تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لدعم العراق في مكافحة الجهاديين، وسقط فيه قتيلان بينهم متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف. وتبنت حينها مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "أولياء الدم" الهجوم.
ورحبت المجموعة نفسها التي تعدّ واجهة لفصائل موالية لإيران في العراق باتت منضوية في أجهزة الدولة الرسمية، بشكل غير مباشر بالتطورات في أربيل، عبر قنوات على تطبيق تلغرام.
وفي حين لم تتحدث السلطات في كردستان إلا عن صاروخ واحد استهدف المطار، إلا أن مصدرا أمنيا عراقيا أكّد أن صواريخ أخرى سقطت في محطيه، إحداها استهدف قوات تركية منتشرة منذ 25 عاما في عشرات القواعد في كردستان.
وفي وقت سابق الأربعاء، انفجرت قنبلتان عند مرور موكبين لوجستيين عراقيين يقلان معدات عسكرية للتحالف الدولي في محافظتي ذي قار والديوانية في جنوب العراق، بحسب مصادر أمنية.
مطار اربيل حيث تتمركز قوات أميركية تعرض في السابق لهجوم صاروخي
وبالمجمل، استهدف عشرون هجوما بصواريخ أو قنابل، قواعد تضمّ عسكريين أميركيين، أو مقرات دبلوماسية أميركية منذ وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض أواخر يناير/كانون الثاني، فيما وقع العشرات غيرها قبل ذلك على مدى أكثر من عام ونصف العام.
وقبل أسبوع فقط، استأنفت الإدارة الأميركية "الحوار الاستراتيجي" افتراضيا مع الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي الذي يتعرض أيضا لتهديدات من الفصائل الموالية لإيران.
وفي ختام الجولة الأولى من المحادثات، توالت التهديدات من فصائل موالية لإيران متوعدة بتكثيف الهجمات ضد "المحتل الأميركي"، تطبيقا لقرار برلماني صدر قبل عام ينص على انسحاب القوات الأجنبية من العراق.
ومساء الأربعاء، تحدّث الناطق باسم "النجباء" وهو فصيل موال لإيران، عن أن "تحديد الخطر على العراق وكيفية التعامل معه هو وظيفة أبناء العراق الذين خرجوا بالملايين مطالبين برحيل احتلالكم البغيض وإنهاء تدخل مركزكم التجسسي في بغداد المسمى تجاوزا السفارة"، في إشارة إلى الأميركيين.
وتملك كلّ من الولايات المتحدة وإيران حضورا عسكريا في العراق، إذ تقود الولايات المتحدة التحالف الدولي الذي يساعد العراق في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية منذ 2014، وتنشر نحو 2500 عسكري في البلاد. من جهتها تدعم طهران قوات الحشد الشعبي المنضوية في إطار مؤسسات الدولة العراقية والتي تضم فصائل شيعية موالية لطهران.
ومع كل هجوم مماثل، تهدّد واشنطن بالرد متوعدة إيران بجعلها تدفع الثمن.
وفي 26 فبراير/شباط، استهدف قصف أميركي كتائب حزب الله وهو فصيل عراقي موال لإيران عند الحدود السورية العراقية، ردا على استهداف أهداف أميركية في العراق.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن حينها إن الضربات الجوية الأميركية في شرق سوريا يجب أن تنظر إليها إيران على أنها تحذير.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي أقرّ بأن ذلك الرد الأميركي لم يكن له الأثر الرادع الذي كان متوقعا، لكنه شدّد على أن "أحدا لا يرغب بحصول تصعيد".
ووصل التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران ذروته في يناير/كانون الثاني 2020، حينما استهدفت مسيّرة أميركية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في مطار بغداد، ما أدى إلى مقتله، الأمر الذي أثار المخاوف من حصول مواجهة مباشرة بين الطرفين.