سرد تعبيري / أنا ضميرُكَ وأنتَ سجّاني - الشاعرة سامية خليفة / لبنان
النِّفاقُ حبيسٌ في مخدعٍ مقفلِ الجهاتِ لا يراهُ النّورُ،هل أنتَ المتمرِّدُ أمِ الهاربُ؟ أقفُ على منصَّةِ الشُّهودِ أراكَ تنكأُ جروحَكَ تظنُّ أنَّ الزَّمنَ قادرٌ على إلباسِ بشرتِكَ قشورًا جديدةً تبطّنُها بالمراهمِ أو تلفُّها بخرقاتٍ .سيعلِّمَُك الزَّمنُ أنَّ بعضَ الجروحِ لا تندملُ وأنَّ القشورَ التي عبثْتَ بها ماتتْ خلاياها إلى الأبدِ فعلامَ تنافقُ وتداري الحقائقَ؟ أنتَ أيها المتقوقعُ في صومعةِ الوحدةِ لو عدتَ أدراجَك إلى زمنِ الصّخبِ واقتلعتَ أشواكَ الدُّروبِ هل كنتَ تشافيْتَ من لسعةِ اغترابِ الذّاتِ؟ هل كنتَ أعدتَ حساباتِك معَ الزّمنِ هل كانتْ أحلامُكَ أكثرَ واقعيَّةً ؟ نعم أريدُك أنْ تحلمَ ولكنَّ بعضَ الأحلامِ تخذلُنا أكثرَ ممّا يخذلُنا السَّرابُ. الخطوةُ المباركةُ التي أنصحكَ بها أيُُّها الهاربُ من الحقيقةِ في أنْ تتحدَّى زنازينَ الرُّكودِ في روحِكَ أن تواجِهَ أيَّةَ إصابةٍ تملأُ وجدانَكَ بالتناقضاتِ. الافتراسُ وشيكُ الخطواتِ والأسنانُ حادّةٌ تلمعُ والعيونُ النّاريَّةُ تقدحُ برقًا ،الشِّتاءُ الكالحُ يدنو ليمطرَ علينا بمصائبِهِ لا بخيراتِه ،لا تنافقْ واخرجْ من قشورِكَ المهترئةِ ،حتى عظامُكَ صارتْ مرتهنةً ،أنا لم أحدِّثْك عنِ اللَّحمِ لأن اللّحمَ قابلٌ للزَّوالِ فالمسبغةُ أعلنَ الشَّعبُ لها الولاءَ ترهيبًا ليكونَ لها الأضاحي ،أنتَ المباعُ للطُّغيانِ الأعمى الضميرِ ،مارسوا ساديتهُم على أحلامك حتى قلبوها عليك كوابيسَ ،فاقحمْتَ مازوشيَّتَك في انقساماتٍ ونزاعاتٍ حوّلْتَّ العصيانَ الى سوطٍ يكيلُ عليكَ الجلداتِ وكنتَ أنتَ الجلّاد حتما ستتحمَّلُ مسؤوليَّةَ نفاقِكَ ستكونُ الخسائرُ كبيرةً ربما ستفكِّرُ بالانتحارِ الذي أصبحَ تقليدًا ساريًا وعاديّا ،أشفقُ عليكَ وأشفقُ على ذاتي العالمةِ بمجرياتِ الأمورِ ولكنَّها الأكثرَ منكَ عبوديَّةً، فأنا ضميرُكَ وأنتَ سجّاني.