القيادة الصهيونية اليمنية المتطرفة هي سبب بلاء اليهود
د.ضرغام الدباغ
القيادة الصهيونية اليمنية المتطرفة هي سبب بلاء اليهود
كنت أتمشى يوماً في شوارع بازل السويسرية (أواخر نيسان / 2006) حيث حضرت اجتماعاً تمهيدياً لمؤتمر دولي سيقام بعد أيام، (يوم 1 / أيار) في مدينة زيورخ القريبة من بازل، المدينة القديمة الهادئة الوديعة التي ترقد بسلام على ضفة نهر الراين، كنت أرسل النظر هنا وهناك، أحاول أن أجد أثراً أو إشارة، أو ملمحاً لما شهدته هذه المدينة الجميلة المسالمة، لمؤتمر عنصري عدواني في يوم 29/ آب ــ أوغست / 1897 وهو ما سيكون السبب المباشر لإثارة حروب دموية، وسوف لن تستقر هذه المنطقة لأكثر من 100 عام مقبلة. وكان قراراً خاطئا باختيار فلسطين دون الأرجنتين، أو أوغندا، خطأ كلف متخذوه وشعب فلسطين والشعب العربي ثمناً باهضاً. ولكن هل يمتلك أحد الجرأة للاعتراف بالخطأ التاريخي الكبير ..؟
هذا خطأ لا يريد أحد الاعتراف به ... ففيه عذاب للضمير(حتى لمن ماتت مشاعره وإنسانيته)، فقد شاركت قوى ودول كثيرة في اتخاذه. والسبب الحقيقي لم يكن في إيجاد وطن لهؤلاء المساكين، إذ كان لهؤلاء اليهود المساكين أوطاناً وأسر وأعمال مهمة وعلاقات أقاموها لما يزيد على 2500 عاماً في بلدان أوربية شتى، ولكنهم لوحقوا وطوردوا وعذبوا، وتعرضوا للتصفيات من الجميع، من أشرفهم إلى أرذلهم ...! من الديمقراطيات والفاشيات، وأنصاف الديمقراطية، وأنصاف الاشتراكيات، ولكنهم اليوم يبيعون علينا الشرف وحقوق الإنسان و... مساكين .. إلى أين يذهبوا ..؟ وحين وعدوا المساكين بوطن يجمع آلامهم، اختاروا لهم لسوء حظهم (فلسطين) مكاناً سوف لن يهنئوا به يوماً واحداً.
من أبرز من اعترفوا بهذا الخطأ التاريخي، ومعظمهم من اليهود ..لا أدري إن كان ذلك مصادفة ..!
ــ يفغيني بريماكوف، صحفي وأكاديمي، أصبح وزيراً لخارجية الاتحاد السوفيتي، ثم رئيساً لوزرائها. وكذلك مديرا للمخابرات السوفيتية، كتب بصراحة في إحدى أعماله، أن تأسيس إسرائيل كانت غلطة فادحة، وإن شارك بها الاتحاد السوفيتي، لتصورات خاطئة. وهكذا تعدد من يريد تحقيق أوهامه في فلسطين ..!
ــ ناحوم غولدمان، الذي تولى منصب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي(1895 بيلاروسيا/ 1982 برلين) وقد أفنى غولدمان حياته في خدمة المسألة اليهودية، إلا أنه يعترف صراحة أن الشعب الفلسطيني تعرض لظلم تاريخي على يد اليهود، وإن ما تفعله القيادات الإسرائيلية هو خطأ كبير، وحذر مراراً من عواقبه.
ــ هناك طائفية دينية (ناطوري كارتا) متواجدة في القدس ولندن ونيويورك، تدعو صراحة إلى عدم إقامة دولة يهودية، بل وإنهاء وجود دولة إسرائيل سلميا وتسليمها للفلسطينيين.
ــ يدين عدد كبير من وجوه ونخب الطائفة اليهودية في إسرائيل والعالم، كيان الإسرائيلي، وسياساته القمعية الانعزالية، ومحاولاته التوسعية، ومنه أبرز هذه الشخصيات البروفسور الفيلسوف نعوم تشومسكي الذي يعبر عن أراء هذه النخب بمعارضته تأسيس كيان إسرائيل كدولة يهودية، وأن تأسيس دول دينية أمر فات أوانه . ومنهم المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، وإسرائيل شاحاك. وكثيرون غيرهم.
الغربيون يفهمون السياسة ومجرياتها على مرتكزات أولها:
• الاقتصاد والتبادل التجاري.
• الأمن، والهيمنة.
وكنت أتصور، مثلي مثل أبناء جيلي من السياسيين، أن الغرب، يعشق إسرائيل، ويكره العرب والمسلمين، وأنه سيدافع عنها بصرف النظر عن أية معطيات أخرى. ولكن في الواقع أن التصور ليس خطأ تماماً، ولكن بالمقابل ليس صحيح تماماً، ولا ينبغي أن يؤخذ على هذا المحمل بصفة مطلقة ونهائية. ففي الغرب لا توجد قيم، كل شيئ نسبي، والمكسب المادي شيئ مهم، وهم لم يكونوا يوماً عشاقا لليهود، بل في كل بلد غربي عاني اليهود من التعذيب والاضطهاد الشيئ الكثير جداُ من أواسط روسيا وحتى سواحل المحيط الأطلسي (أسبانيا)، ويقال أن شيئ من العداء لليهود ينمو الآن في الولايات المتحدة ذاتها.
الغرب أتخذ من فلسطين مكب نفايات، تخلصوا منهم بنظرية لا تقنع أحداُ " أعط أرضا لشعب، في بلد لا شعب له " ولكنهم في الحقيقة أنهم تخلصوا من الأزمات المتكررة مع اليهود. والغرب لعبها لعبة ذات نتائج عديدة، فمن جهة تخلصوا من اليهود في بلدانهم، كما يتخلصون من النفايات النووية، ولكنهم من جهة أخرى خلقوا مشكلة لا حل لها .. وبوابة لها أبعاد سياسية واقتصادية، يطلون منها على الشرق الأوسط. مسوق للتجارة ومحطة للمخابرات، وقاعدة عسكرية، وحاملة طائرات برية ...و.. ولي فيها مآرب أخر ..!
قرأت في مطلع الثمانينات، مقابلة مع مستشار الأمن القومي الأمريكي برجنيسكي، مع مجلة دير شبيغل الألمانية (Der Spiegel) يسأله المحرر وماذا عن المبالغ الطائلة التي تنفقها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هل هي مساعدات، أو قروض، أو هبات ..؟ فيجيبه برجنيسكي بصراحة مدهشة، أن مجموع هذه المبالغ هي أقل بكثير ما كنا سننفقه في حالة وجود التوتر والحروب، ولإبقاء هيمنتنا في الشرق الأوسط.
في الفكر الرأسمالي، كل شيئ تشتريه، يمكن أن تعود وتبيعه، إذا أستحق الأمر. هذا بديهي وطبيعي. والآن فلنكن واقعيين، ولنستمع للمنطق الغربي: " حسناً أسمع يا نتنياهو، نحن يبدو أننا (لأسباب يطول شرحها) سوف لن نتمكن من لعب ذات الدور الذي لعبناه الستينات والسبعينات والثمانينات في الشرق الأوسط، عليكم بطريقة ما أن تتدبروا أموركم ..." الإسرائيليون " يعتقدون " أنهم خبراء في التعامل مع العقل العربي، وأنهم بميلهم لاستخدام أساليب القوة والدهاء والدبلوماسية، وعمل مكثف لجهاز له سمعة أسطورية (الموساد)، فيها الشيئ الكثير جداً من المبالغة، وصفة ناجحة لديمومة دولة (كيان فني).
اليمين الصهيوني، مثل كل اليمين في العالم، له سمات فاشية، عدواني، توسعي، قصير نظر، لأنه لا يعتمد قواعد ومناهج علمية في التحليل. ومنها (لاحظ هذه المقتطفات من مقال مقالاً للكاتب الصهيوني الشهير (آري شبيت) في صحيفة الهارتس ( 19 / أيار ـ مايو / 2021): يقول فيه : "إسرائيل" تلفظ أنفاسها الأخيرة .
ـــ يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال..
ـــ يدرك "الإسرائيليون" أن لا مستقبل لهم في فلسطين ، فهي ليست أرضاً بلا شعب كما كذبوا . ها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني، بل وبتفوقه على "الإسرائيليين"، هو (جدعون ليفي) الصهيوني اليساري، إذ يقول : يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا على شبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ 87 .. أدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم في السجون .
ـــ أن المدن العربية في إسرائيل (أرض 1948) فاجأت الجميع بهذه الثورة العارمة ضدنا بعد أن كنا نظن أنهم فقدوا بوصلتهم الفلسطينية .
ــ هذا التمسك والتجذر بالأرض بعد أن أذقناهم ويلاتنا من قتل وسجن وحصار وعزل وأغرقناهم بالمخدرات وغزونا أفكارههم بخزعبلات تبعدهم عن دينهم كالتحرر والإٕلحاد والشك.
ــ وطالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة فمن الأفضل أن نتخلى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبرى.
ــ يجب أن تكون للفلسطيني دولة جارة تسالمنا ونسالمها وهذا فقط يطيل عمر بقائٔنا على هذه إلأرض بضع سنين وأعتقد بأنه ولو بعد ألف عام هذا إن استطعنا أن نستمر لعشر أعوام قادمة كدولة يهودية فلا بد أن يأتي يوم ندفع فيه كل الفاتورة، فالفلسطيني سيبعث من جديد ومن جديد ومن جديد وسيأتي مرة راكبا فرسه متجها نحو تل أبيب .
اليمين الصهيوني المتطرف لا يضع حلول، ولا حدود ... أرضي هي حيث تصل دباباتي ...! نظرية تجعل من الموت من أجل الأرض مكسباً شريفاً ....! لنقرأ هنا مقتطفات من مقال نشر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية للكاتب الشهير الإسرائيلي (آري شبيت) يقول فيه :
ـــ يبدو أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان إسرائيل إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة .
ـــ وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي لدى كل مواطن إسرائيلي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس .
ـــ ويمكن أننا لم نجتز نقطة اللاعودة بعد. ويمكن أنه ما زال بالإمكان إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد.
ـــ أضع إصبعي في عين نتنياهو وليبرمان والنازيين الجدد، لأوقظهم من هذيانهم الصهيوني، أن ترامب وكوشنير وبايدن وباراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسوا هم من ينقذ إسرائيل.
ـــ وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان. القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض. وأحث على البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا وعدم الموت.
ـــ الإسرائيليون منذ أن جاؤوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ.
ـــ ومن خلال استغلال ما سمي المحرقة على يد هتلر «الهولوكوست» وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هي أرض الميعاد، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشاً نووياً.
فقد أكد علماء آثار غربيون ويهود، من أشهرهم (إسرائيل فلنتشتاين) من جامعة تل أبيب، أن الهيكل أيضاً كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك.
كتب جدعون ليفي / المحلل الاقتصادي والسياسي(12/ أيار / 2021 ) في يورونيوز
ــ إسرائيل تعيش في فوضى, فقد كنا نعيش بفوضى اقتصادية منذ بدايات كورونا ...والان أصبحنا في وسط فوضى لا نعلم ما ستؤول له الأمور. اقتحامنا لمسجدهم كان غلطة كبيرة لم تكن بالحسبان، الحكومة لم تستمع لرأي السيد ايمين عاوام رئيس المستوطنات وضربت رأيه عرض الحائط. القبة الحديدية ليست الحل فالكل يعلم بأن دقة القبة الحديدية هي من 20 إلى 30 % فقط وليس كما يدعي نتنياهو لتطمين الشعب. صاروخ قيمته 50 ألف دولار ينطلق لضرب صاروخ قيمته 300 دولار ويخطئ في معظم الأحيان، واليوم يعلن الكنيست عن فاتورة قيمتها 912 مليون دولار مصاريف حرب وخسائر مع عدو إرهابي شرس في منطقة صغيرة تدعى غزه . 912 مليون دولار من مصاريف نقل وبترول وصواريخ وتحضيرات عسكرية وخسائر مدنية في البنية التحتية للدولة وغيرها ..
ــ شخصيا اعتقد أن النهاية قريبة جدا لنا كدولة .. بالذات أن شعوب المنطقة بدأت تفيق من سباتها وحلمنا في عمل مصادقة بين شعوبنا.
ــ كم سنستطيع أن نصمد في هذه الظروف ...الجحيم من فوق رؤوسنا ونحن في الملاجئ وأعمالنا وحياتنا وكل شيء معطل تماما والحكومة عاجزة عن عمل أي شيء، لنصبر معا ولكني أخاف أن يكون الوقت قد مضى ونحنا في صبر لا مفر منه.