العلامة الاستاذ الدكتور حسين عبد القادر "استاذ التحليل النفسي" أسطورة معرفية
د. اسعد شريف الامارة
العلامة الاستاذ الدكتور حسين عبد القادر "استاذ التحليل النفسي"أسطورة معرفية
منذ نهاية القرن التاسع عشر أنتهت فكرة التوسع في مجموعة العلوم والمعارف في من يحصل على التخصص الدقيق وهي الدكتوراه، حيث ألغي التوسع المعرفي واستبدل بالتخصص الدقيق والتفلسف في التخصص، إلا أن هذه الفكرة عادت وبرزت مع أحد تلامذة مدرسة عين شمس للتحليل النفسي في جامعة عين شمس بالقاهرة في مصر وهو العلامة الموسوعي المعرفي الراحل الاستاذ الدكتور حسين عبد القادر، فهو جمع أصعب فروع علم النفس الحديث ألا وهو التحليل النفسي ومن مدرسته التخصصية العميقة في عين شمس، كانت انطلاقته نحو الإلمام بالتحليل النفسي كأكاديمي، تعلم هذا الفن ممارسة وعلمًا من أكثر العلماء تميزا ودقة في التحليل النفسي العربي وهو العلامة " مصطفى زيور" وزامل فرج احمد فرج، وفرج عبد القادر طه، وقدري حفني والعلامة صلاح مخيمر الذي قال عنه في محاضرته المنشورة تحت عنوان تناول جديد في تصنيف الأعصبة والعلاجات النفسية حينما يستشهد العلامة "مخيمر" عن العلاجات النفسية قوله: ليست هذه المحاولة الأولى في هذا المجال من جانب كاتب هذه السطور"وهو العلامة صلاح مخيمر" حيث يقول في مناقشته للرسالة التي تقدم بها السيد حسين عبد القادر للماجستير" الفصام: بحث في العلاقة بالموضوع كما تظهر في السيكودراما، أبان عن أن السيكودراما ليست غير تنويعه variety وكوكبة من بين تشكيلة التباينات التي يمكن أن يتخذها النمط الكيفي الواحد لكل العلاجات النفسية. إذا مزج الراحل العلامة حسين عبد القادر العلاج بالتحليل النفسي مع أوسع الفنون شهرة وعمقا وهو المسرح، أخترق المسرح الحديث بالتحليل النفسي، رغم أن التحليل النفسي أقام بعض تحليلاته وأعمدة وجوده على كتابات شكسبير ومسرحياته النفسية العميقة.
ويذكرنا أحد علماء الطب النفسي ممن علمنا في مدرسة عين شمس بكلية الآداب جامعة عين شمس الاستاذ الدكتور" محمد شعلان" أستاذ الطب النفسي في أواخر العقد السابع من القرن العشرين قوله في مقدمة كتابه الاضطرابات النفسية في الأطفال ج1: أساتذة أمتدوا رأسيًا ليشملوا بعض فطاحل العلم، وأفقيًا ليشملوا البسطاء المتخفين وسط صفوف الجماهير الكادحة، أنه حقًا حسين عبد القادر، عَلَم في المؤسسات الاكاديمية" الجامعات والمعاهد" أجيال مادة علم التحليل النفسي ، وتعلم من المسرح أن ينقل للناس التحليل النفسي بصور عدة وأشكال يرغبها الناس، وقول "جاك لاكان" فيلسوف التحليل النفسي الفرنسي الرغبة Desire تلك التي لا تشبع أبدًا. عَرف "العلامة عبد القادر" ما هي رغبة الناس في معرفة أنفسهم فسبر أغوارهم بما يرغبون معرفته، فكان المحك للمسرح هو التحليل النفسي، عشقه لحد الهيام، وتعين فيه تعيينا ذاتيًا Identification حتى وجدت ذاته منقسمًا إنقساما نفسيًا بين عشق التحليل النفسي وعشق المسرح اللارسمي، فأبدع وأجاد، وترك بصمة لها الأثر في الاجيال من الاكاديميين ومن عامة الناس.
كتب العلامة "حسين عبد القادر" رحمه الله مقدمة لكتاب العلامة "فرج احمد فرج" التحليل النفسي وقضايا العالم الثالث مدونة أرخ فيها الاخلاص والوفاء لعلماء التحليل النفسي في مدرسة عين شمس حينما يصف" العلامة فرج احمد فرج" بقوله: لقد كان فكر عالم موسوعي يهب خصبه وعلمه للانسانية جميعها، فقد توضأ بالعطاء الذي يتخطى تخوم المعيش لينفتح بفكره في خدمة الإنسان إذ يزيل ضباب المعاني عندما يرف تساؤل ما في خاطره، وهو الذي يرى العلم سماء واسعة لكل تساؤل، فتفيض رؤاه بمسارات للآمال، لا تكف عن الكشف والجدل، كان يتحدث " العلامة حسين عبد القادر" وكأنه يتحدث عن ذاته كما يدركها هو نفسه، عكس ما يداخله على أقرب الناس له، أستاذنا الراحل"فرج احمد فرج" رحمهما الله " فرج احمد فرج وحسين عبد القادر" يشعر من يتمعن في مقدمته كأنه يناجي شيئا في ذاته لزميله الراحل.
نحن الاجيال التي تعلمت من هذه المدرسة الخالدة في التحليل النفسي ليس تعاليمها فحسب، وإنما الوفاء لمن أسسها وارسى فيها أسس جديدة من تلامذتها، ونتذكر في كل مناسبة ما أَثر ما تركه فينا كل منهم حتى بتنا نتعايش مع أفعالهم في حياتنا اليومية في كل مشارق الأرض ومغاربها، رحمهم الله وغفر ذنوبهم واسكنهم فسيح جناته.