فيديوهات سادات بكر.. "الدولة العميقة" تعود للواجهة في تركيا
سياسة إردوغان وتوجهاته تغيرت بعد محاولة الانقلاب
الحرة / ترجمات - دبي:أصبحت مقاطع الفيديو التي ينشرها أحد أشهر زعماء المافيا في تركيا، ويتحدث فيها عن مزاعم فساد وقتل واغتصاب ومخدرات ضد بعض أقوى الشخصيات الحكومية، والمقربة من الرئيس رجب طيب إردوغان، تنافس المسلسلات التركية التي تحظى بشعبية واسعة في المنطقة.
وتقول أصلي أيدينتاشباش، العضو في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبية، في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست، إن فيديوهات سادات بكر تذكر بـ"الدولة العميقة سيئة السمعة".
ومنذ أن بدأ نشر فيديوهاته في قناته الخاصة على يوتيوب في 2 مايو، اجتذبت مقاطع بكر أكثر من 100 مليون مشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقا لأصلي أيدينتاشباش فإن سادات بكر "ليس رجل عصابة عادي، واسمه مألوف في تركيا، وكان حليفا للائتلاف الحاكم في تركيا، حتى أنه نظم مسيرات حاشدة لدعم الحكومة في فترة الانتخابات".
وأوضحت أن بكر "حصل على حماية رسمية من الشرطة، ووجه تهديدات متكررة لمنتقدي الحكومة، بما في ذلك مجموعة من الأكاديميين الذين طالبوا بالعودة إلى عملية السلام مع الأكراد عام 2016، وتم تحذيرهم من أن بكر سوف يقتلهم".
وأشارت إلى أن بكر يتحدث عن "الأفعال السيئة التي يزعم أنه كُلف بها أو يدعي معرفتها، مثل قتل صحفي قبرصي تركي وضرب عضو برلماني أهان عائلة إردوغان وشحنات أسلحة غير مشروعة لمقاتلين في سوريا". وتضيف أنه "لأسباب غير واضحة تماما، يبدو الآن أنه قد انشق عن التحالف الحاكم في تركيا".
وتابعت أن بكر أصبح "العميل المارق للدولة العميقة في تركيا"، وأشارت إلى أن هذه الدولة "خطيرة وتضم شبكة مظلمة وسرية من مسؤولي الأمن والبيروقراطيين وعصابات الجريمة المنظمة التي تعمل خارج القنوات الرسمية وتشارك في أنشطة غير مشروعة، بزعم حماية مصالح النظام".
و"في الواقع فإن هذه الدولة العميقة كانت وسيلة للحفاظ على سياسات أمنية متشددة، وغالبا ما تكون مناهضة للديمقراطية"، وفقا لأيدينتاشباش.
وربما تشير تصريحات بكر إلى حدوث صدع داخل المعسكر القومي التركي، وهو ما يسلط الضوء على "التقليد المزعج، الذي يعتمد على وسائل غير مشروعة لمحاربة أعداء الدولة".
وتوضح أيدينتاشباش هذه الوسائل غير المشروعة، قائلة إنه في أوقات مختلفة من تاريخ تركيا الحديثة، "استهدفت مخالب الدولة الشيوعيين والأقليات والإسلاميين والسياسيين الأكراد، استنادا إلى ما يعتبر تهديدا في حينه".
وتابعت "الرئيسان السابقان سليمان دميرل وكنعان أورن اعترفا علانية بوجود الدولة العميقة"، وقال دميرل مقولته الشهيرة "عند الضرورة، تخرج الدولة عن الروتين".
وفي التسعينات، كان ذلك يعني "عمليات قتل خارج نطاق القضاء لسياسيين أكراد، واغتيالات رفيعة المستوى للصحفيين وتدخل المافيا في مناقصات الدولة، وغالبا تحت عنوان القومية. وقد أدى ذلك، إلى جانب نفوذ الجيش، لجعل الحكومات المنتخبة عاجزة".
أما الآن، فتقول أيدينتاشباش إن المفارقة تتمثل في وصول حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان إلى السلطة منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وأنه كان على النقيض من ذلك، فكان يقول إنه يهدف "لتنظيف العصابات داخل الدولة"، على حد تعبير إردوغان نفسه.
وقد تمكن الرئيس التركي من "كبح تأثير الجريمة المنظمة والشبكات المشبوهة لفترة محددة خلال ولايته"، وذلك لدعم جهود تركيا ومساعدتها في مسعاها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت أنه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، تغيرت سياسة إردوغان وتوجهاته، و"أصبح الرئيس التركي القوي يعتمد بشكل متزايد على العناصر السابقة للدولة العميقة، وأقام تحالفات مع القوميين المتطرفين، وشرعن شخصيات مثل بكر، كما أنه دعا مسؤولي الأمن السابقين للانضمام إلى إدارته".
وختمت الكاتبة التركية مقالها بالقول إن "كل هذا يجعل من الصعب الشعور بالتفاؤل بشأن الديمقراطية التركية على المدى القصير، وإردوغان يحتاج إلى تنظيف هذا المشهد، لكن ليس من الواضح ما إذا كان يستطيع ذلك أو حتى يريده".
وتشير إلى فيديوهات بكر بالقول: "أخبرتني والدتي البالغة من العمر 75 عاما عبر الهاتف ذات يوم إنها تشعر بالخجل حتى من الاستماع إلى مقاطع الفيديو هذه".
وأشارت إلى أنه "لا شك، مثل والدتي، كثير من الأتراك غير راضين عن اتجاه البلاد ويريدون التغيير. ومع تراجع دعم إردوغان، تظهر استطلاعات الرأي أن الأغلبية مستعدة لدعم مرشح معارض، ولكن يبدو أن مخالب الدولة العميقة في تركيا قد أخذت السياسة كرهينة".