حسن : يا سلام. انا اذكر عندما شفتك لاول مرة قبل اربعة سنوات، كنت طفلة رضيعة وقتها. لقد كبرت يا حبيبتي. كم عمرك الآن؟
ثابيسا : 5 سنين.
حسن : ما شاء الله، كم انت جميلة. اريدك ان تعتني بامك يا ثابيسا.
ثابيسا : سافعل ذلك يا عمي.
خرج حسن من بيتها وتوجه الى المخفر الرئيسي. دخل مكتب العميد جون فان كولت وطلب منه الاستعانة بطبيب نفسي فاعطى اوامره للطبيب ادريان كي يشارك بالتحريات بقضية فكتوريا كذلك طلب من الشابة الشقراء الجميلة العريف سوزان ان تعمل بشكل دائم كشريكة لحسن ابتدائاً من تلك اللحظة. خرج حسن من مكتب العميد وبصحبته العريف سوزان وسارا بالممر فتحدث معها وسألها،
حسن : هل سبق لك ان عملت بقضايا عنصرية؟
سوزان : اجل سيدي.
حسن : ما رأيك بالسود؟
سوزان : انا اعتقد انهم جيدون كما نحن وحياناً افضل منا.
حسن : إذاً، انت شريكتي، ومن الآن فصاعداً ستسميني حسن مفهوم؟
سوزان : مفهوم سيدي، اقصد مفهوم يا حسن.
حسن : هل اطلعت على ملاحظاتي بالقضية؟
سوزان : اجل.
حسن : ما هو شعورك يا سوزان؟
سوزان : اعتقد ان لأحد او لجميع الاطباء الاربعة اليد في الجريمة.
حسن : هذا نفس شعوري لكن يجب علينا اثبات ذلك بالادلة والبراهين وان لا ندع مشاعرنا تتغلب على المنطق.
سوزان : كلامك صحيح يا حسن.
حسن : والآن دعينا ندخل على الدكتور ادريان كي نتحدث معه.
طرق حسن الباب فاذن لهما بالدخول. دخل حسن وشريكته سوزان وجلسا بمكتب الدكتور فبدأ الحديث،
الدكتور ادريان : اخبرني العميد جون فان كولت على الهاتف وابديت استعدادي بالعمل معكما.
حسن : قلت للمريضة انك قد تقوم بتنويمها مغناطيسياً لمساعدتها على استعادة ذاكرتها وقت تعرضها للاعتداء.
الدكتور ادريان : بامكانك ان تحضرها بعد ظهر اليوم في تمام الساعة الرابعة.
حسن : سافعل ذلك. شكراً لك يا دكتور. سوف لن نعطلك اكثر.
خرج حسن وشريكته سوزان وسارا باتجاه البوابة الخارجية لمبنى مركز الشرطة الرئيسي. بالطريق اعطى حسن عنوانه
وطلب من سوزان الذهاب الى منزله لتحضر له بعض الملابس النظيفة لانه يتوقع ان تكون جلسة التنويم المغناطيسي طويلة وقد تستغرق بضع ساعات. بينما ذهب هو الى بيت فكتوريا واحضرها الى المركز. وعندما رجع، التقى بسوزان فاعطته حقيبة صغيرة تحتوي على الملابس وادواة للحلاقة. دخل الثلاثة غرفة الدكتور ادريان فرحب بهم وطلب من حسن وسوزان الجلوس بزاوية الغرفة وان لا يتكلما نهائياً. اجلس فكتوريا على اريكة جلدية طويلة ومريحة ثم وضع تحت رأسها وسادة وثيرة. بدأ يقوم بفحوص فسيولوجية كثيرة كي يتأكد من ان صحتها تتحمل التنويم المغناطيسي خصوصاً القلب. ففي بعض الاحيان يتوقف القلب عندما يكون معرضاً للكثير من التوتر. بعد ان تأكد من كل شيء شغّلَ جهازاً يصدر صوت ايقاع كما لو كان نقر اصبع على طاولة. كان الايقاع بطيئاً والفترة ما بين النقرة والنقرة خمس ثوانٍ. طلب من فكتوريا ان تسترخي وتغمض عينيها وان تترك كل الهموم وراء ظهرها. طلب منها ان تركز عليه وان لا تسمع صوتاً غير صوته سألها،
الدكتور ادريان : هل انت مرتاحة؟
فكتوريا : نعم.
الدكتور ادريان : اخبريني يا فكتوريا عن اليوم الذي قابلت به الممرض سيو امالي. هل بامكانك ان تصفي شكله؟
فكتوريا : انه رجل ابيض. عمره اربعين او خمسة واربعين سنة. شعره اشقر. لديه خصلة بيضاء فوق عينه اليمنى وشامة صغيرة على حنكه من جهة اليسار.
الدكتور ادريان : باي لغة يتكلم؟
فكتوريا : يتكلم بالافريكانا.
الدكتور ادريان : طيب اذهبي الى المشفى الآن. واشرحي لي ماذا وقع هناك.
فكتوريا : بالمشفى، دخلت الغرفة وطلبوا مني ان اخلع ثيابي. فخلعتها.
الدكتور ادريان : من الذي طلب منك خلع ثيابك؟ هل بامكانك ان تصفيه لي؟
فكتوريا : لا استطيع ان ارى وجهه. انه قصير ويتكلم الافريكانا بلهجة اسيوية.
الدكتور ادريان : حدثيني عما وقع بعد ذلك.
فكتوريا : قام بحقني بابرة قال انها ستريح اعصابي ثم بدأت اسمع صوتاً بل اصواتاً كما لو كانت بالكنيسة. انها موسيقى كنائسية لكنها مخيفة وكأنهم يحضرون الارواح. صوتها مرتفع جداً يثقب الآذان.
الدكتور ادريان : اتعرفين اسم المقطوعة؟
فكتوريا : كلا. كلما كانت تهدأ قليلاً تعود وتهيج من جديد وكانها موسيقى يوم القيامة. شعرت وكأن ماءاً ساخناً يسقط على رأسي وانا استمع اليها. بعدها صرت انام ثم استيقض ثم انام ثم استيقض لكنني عندما استيقضت كنت اشعر وكأن الغرفة تدور بي. افتح عيني فارى رجلاً ابيضاً اصلع الرأس عاري من الملابس تماماً.
الدكتور ادريان : اوصفي لي ذلك الرجل الاصلع.
فكتوريا : الرجل الاصلع يقترب مني، انه يدخل بي انه يضاجعني ادفعه بيدي فيدخل بي من جديد انه، انه، ابتعد عني ابتعد عني ساموت انقذوني ارجوكم. لا اريد لا اريد. لقد امسك بي الهندي من كتفي بقوة وثبتني على السرير. اتركني، اتركني.
صارت فكتوريا تصرخ باعلى صوتها وتهتز وكأنها تعرضت لتيار كهربائي وصار العرق يتدفق منها بكثافة كانت تكرر كلمة "اتركني، اتركني، اتركني". نظر الكتور الى حسن وقال،
الدكتور ادريان : يجب ان تستيقظ الآن.
حسن : لا يا دكتور ارجوك دعها تصف الهندي.
الدكتور ادريان : كلا يا حسن هي متازمة جداً وقد تصاب بسكتة قلبية. يجب عليها ان تستيقظ.
قرب من أذن فكتوريا وقال لها،
الدكتور ادريان : ستستيقظين الآن عندما اعد الى 3. 1-2-3
فتحت عيناها واضعةً يدها فوق رأسها وقالت،
فكتوريا : رأسي سينفجر. ماذا حصل؟ هل تمكنتم من معرفة اي شيء؟
الدكتور ادريان : بالطبع يا فكتوريا، لقد كنت رائعة ولكن يجب علينا متابعة الجلسات غداً.
فكتوريا : حسناً.
خرج حسن وسوزان ومعهما فكتوريا الى خارج غرفة الطبيب ثم الى خارج المبنى فامر حسن.
حسن : خذيها الى بيتها يا سوزان. ستدِلّكِ فكتوريا على العنوان. بعد ذلك عودي الى مكتبي لنتباحث بالقضية
سوزان : حاضر.
رجع حسن الى مكتبه ومئات التسائلات تحوم حول رأسه. صار يحلق ذقنه ويقول، "اليوم علمنا شكل الممرض سيو امالي والرجل الذي اغتصبها والهندي الذي كان يمسك باكتافها اثناء عملية الاغتصاب. بالجلسات القادمة سنعرف المزيد". بعد ان اكمل حلاقة ذقنه وغير قميصه، اتصل بالبيت فاجابته ابنته هند وقالت،
هند : ابي حبيبي كيف حالك؟
حسن : انا بخير لقد اشتقت اليكِ يا حلوتي.
هند : الا زلت عند وعدك غداً؟
حسن : ماذا وعدتك يا عمري؟
هند : قلت انك ستخرجني الى مدينة الملاهي.
حسن : انا آسف يا حبيبتي. سيكون لدي عمل مهم غداً. ولكن اعدك اننا سنخرج سوياً بعطلة نهاية الاسبوع.
هند : انتَ دائماً تقولها ثم تخلي بوعودك وتكذب عليّ.
حسن : صدقيني يا هند، هذه المرة ساخذك الى الملاهي كما وعدتك. اما غداً فساكون بغاية الانشغال بعملي. هل امك موجودة؟
هند : انها بالمطبخ. أتريد التحدث معها؟
حسن : اجل، نادي عليها لو سمحت.
بعد قليل سمع صوت زوجته تقول،
عائشة : حسن؟ متى تأتي فالطعام على وشك ان يحضر.
حسن : انا آسف حبيبتي. كلوا انتم لانني ساتأخر بالمكتب. ما زال لدي بعض الامور العالقة.
عائشة : لكنني احضرت لك كاري السمك الذي تحبه.
حسن : انا آسف جداّ يا عائشة، اراكِ فيما بعد.
اغلق الهاتف مع زوجته ينتابه الندم لانه لم يتمكن من تناول الطعام مع عائلته الا انه يعلم تماماً ان اولوياته تكمن بعمله حتى يتمكن من التوصل الى خيط رفيع يدله على الفاعل. بعد نصف ساعة طرقت مساعدته سوزان الباب فقال،
حسن : ادخلي يا زوزان. هل اوصلتيها الى منزلها؟
سوزان : اجل، ادلتني الى الكوخ الذي تسكن به، انها حقاً مسكينة، فبيتها صغير جداً وتعيش بظروف صعبة. والآن ما رأيك بجلسة التنويم المغناطيسي؟
حسن : لقد تعلمنا الكثير منها. اولاً علمنا ان هناك موسيقى كنائسية مخيفة.
سوزان : كيف تكون كنائسية وبنفس الوقت مخيفة؟ انا لا افهم ذلك.
حسن : لا اعلم سنعرف منها بالجلسة التالية.
سوزان : انتابني فضول او بالاحرى حيرة يا حسن. قالت ان الممرض الذي كان يأتي الى حيها ماذا كان اسمه؟
حسن : اسمه سيو امالي.
سوزان : اجل سيو امالي. هذا الاسم افريقي بحت. فقط السود هم من يسمون بمثل هذه الاسماء لان بلغتهم تعني الفارس المقدام. فكيف يكون ابيضاً وله اسم ولقب افريقي اسود؟
حسن : شكراً سوزان. هذه ملاحظة جيدة. يجب ان نضعها على الحائط.
سوزان : اي حائط؟
حسن : سوف نخصص هذا الحائط من مكتبي لتتبع مجريات واجزاء القضية.
سوزان : هذا عظيم. هل لاحظت شيئاً آخر يا حسن؟
حسن : ماذا؟
سوزان : قالت ان المغتصب كان ابيضاً واصلع الرأس. لكنك لم تشاهد اي منتسب بالمشفى بهذه الاوصاف.
حسن : ومع هذا فانا لم اشاهد جميع المنتسبين يا سوزان. دعنا نطلب من مدير المشفى اعطائنا جميع ملفات المنتسبين كي نرى صورهم.
سوزان : فكرة جيدة. والآن هل تريد قهوة؟
حسن : لا يا سوزان لقد تأخر الوقت، اذهبي انت لبيتك وساراك غداً. زوجتي وابنتي تنتظرانني بالبيت.
سوزان : حسناً انا ذاهبة. اراك غداً.
خرجت سوزان وتبعها حسن بعد ان ارتدى معطفه وعاد كلٌ الى بيته. باليوم التالي قاد حسن سيارته وبرأسه افكار كثيرة تخص القضية، كان يريد ان يجمعها ويحللها كي يأتي باستنتاجات منطقية. دخل مكتبه وانتظر سوزان حتى وصلت فقال لها،
حسن : هيا يا سوزان اذهبي الى بيت فكتوريا واحضريها الى هنا كي نأخذها للطبيب النفسي.
سوزان : انها فعلاً هنا. لقد مررت عليها هذا الصباح واحضرتها معي. فكتوريا تنتضر خارج المكتب.
حسن : حسناً دعنا نخرج الآن.
خرجا خارج المكتب فوجدا فكتوريا جالسة على اريكة خشبية تنتظرهما قالت،
سوزان : هيا يا عزيزتي، دعنا نذهب للدكتور ادريان.
صعدوا للطابق الثالث وطرقوا باب الطبيب النفسي فرحب بهم وطلب من فكتوريا ان تستلقي على ظهرها فوق الاريكة الجلدية المريحة قام بوضع وسادة تحت رأسها وشغل جهازاً الايقاع فبدأ يدخلها بالتنويم المغناطيسي ثم سألها،
الدكتور ادريان : هل انت مرتاحة ومسترخية تماماً؟
فكتوريا : نعم.
الدكتور ادريان : اخبريني يا فكتوريا عن الليلة التي كنتِ فيها بالمشفى. وحاولي وصف الرجل الابيض الاصلع الذي كان يغتصبك. هل ترينه الآن.
فكتوريا : الذي يغتصبني ليس الاصلع الآن. انه ابيض وله لحية حمراء.
الدكتور ادريان : لكنك قلت انه ابيض واصلع.
فكتوريا : انا اراه الآن امامي. انه ليس اصلعاً. شعر رأسه احمر وذقنه احمر كذلك، طويل القامة وله شيء غريب بفمه.
الدكتور ادريان : ما هو الشيء الذي بفمه؟ انظري جيداً.
فكتوريا : شيء غريب لا اعلم ربما هو بلا اسنان من الامام.
الدكتور ادريان : هل يضع طقم اسنان اسطناعية؟
فكتوريا : كلا اسنانه الامامية مفقودة.
الدكتور ادريان : هل سمعت اي شيء آخر؟
فكتوريا : انها الموسيقى الكنائسية المخيفة. تكاد تمزق اذني لا اتحملها. انها عالية جداً.
الدكتور ادريان : صفي لي الموسيقة يا فكتوريا.
فكتوريا : انها خليط بين الموسيقى والغناء.
الدكتور ادريان : اهو مغني واحد ام مجموعة من المغنيين؟
فكتوريا : بل هم مجموعة.
الدكتور ادريان : وماذا عن الرجل الابيض ذو الاسنان الامامية المفقودة. هل ترينه امامك؟
فكتوريا : اجل جائني وصفعني ثم وضع اصابعه حول عنقي وصار يخنقني ثم عضني من يدي وادخل قضيبه بي وراح يضاجعني.
الدكتور ادريان : لماذا لا تضربيه وتدافعي عن نفسكِ؟
فكتوريا : لا استطيع. اشعر بوهن كبير والرجل الهندي يمسك باكتافي من الاعلى ويكبح حركتي.
الدكتور ادريان : ماذا حصل بعد ذلك؟
فكتوريا : انه يسرع بالولوج انه يصرخ "جميلة، جميلة، جميلة". يطبق اصابعه حول عنقي ويعضني من جديد. صرت اختنق لكنه ضل يضغط على عنقي حتى صرخ به الرجال وقالوا له توقف.
الدكتور ادريان : ماذا؟ هل كان هناك رجال آخرون غير الرجل المغتصب ؟
فكتوريا : في لحظة من الحظات عندما توارى عني اثر المخدر، رفعت رأسي فرأيت رجالاً كثيرون بالغرفة.
الدكتور ادريان : كم كان عددهم؟
فكتوريا : لا اعلم. كانوا كثيرين.
الدكتور ادريان : هل كانوا 20 او 30 او 50؟
فكتوريا : لا ربما هم 4 او 5 لا اعلم. انا اختنق، انا اختنق، انا اختنق.
بدأ جسدها ينتفظ وصارت تتعرق كثيراً فقال لها
الدكتور ادريان : ستستيقظين الآن عندما اعد الى 3. 1-2-3
فتحت فكتوريا عينيها وكانت شاحبة اللون وكأنها كانت قد خرجت من الاعتداء للتو. كان منظرها مزرياً سألت،
فكتوريا : هل عرفتم شيئاً؟
الدكتور ادريان : اجل يا فكتوريا لقد ابليت بلائاً حسناً. سنكمل الجلسة غداً.
فكتوريا : كما تشاء يا دكتور.
خرج حسن وسوزان من عيادة الدكتور ادريان يتأبطون فكتوريا فطلب حسن من شريكته ان توصل فكتوريا الى منزلها. وقبل ان يودعها دس مبلغ 500 راند بجيبها فنظرت اليه بعين شاكرة ثم واصلت سيرها صوب سيارة سوزان. رجع حسن الى مكتبه وبدأ يدون بعض المعلومات الجديدة على الحائط وبعد ربع ساعة سمع على جهاز اللاسلكي نداء من سوزان تقول،
سوزان : الو حسن هل تسمعني؟ حول.
حسن : ما الامر يا سوزان؟ هل وقع شيء؟ حول.
سوزان : كنا في طريقنا الى منزل فكتوريا لكننا قبل ان نصل الى العشوائيات شاهَدَتْ فكتوريا سيو امالي يسير على قارعة الطريق باحد الشوارع المزدحمة. حول.
حسن : اتقصدين سيو امالي الممرض؟ حول.
سوزان : اجل، اجل ضغطتُ على المكابح فوراً واوقفت السيارة. طلبت من فكتوريا ان تبقى جالسة بالداخل وذهبت اليه وعندما ناديته "سيو امالي". ادار رأسه ونظر اليّ ثم صار يركض هرباً مني. طاردته لفترة طويلة حتى قفزت عليه بالقرب من سوق السمك واسقطته ارضاً. ربطت الاصفاد على معصميه والآن هو بيدي. حول.
حسن : ساحضر فوراً. لا تدعيه يهرب منكِ. حول.
سوزان : وهل يعقل ذلك؟ ساتشبث به كما لو كان قاتل ابي. حول وانتهى.
ركب حسن سيارته وانطلق باقصى سرعة متجهاً الى سوق السمك. اوقف سيارته بالموقف القريب وسار على الاقدام ليفتش عن سوزان وفكتوريا حتى لمح سيارة سوزان بموقف السيارت وبها جلست فكتوريا. اشار لها كي تنزل وتأتي معه. ساروا بسوق السمك حتى رأوا سوزان تمسك برجل ابيض بالقرب من كشكٍ خالٍ. اقتربت فكتوريا منه ونظرت بعينه ثم قالت،
فكتوريا : مرحباً يا سيد سيو امالي. هل تذكرني؟
سيو امالي : من هو سيو امالي؟ انا اسمي برنارد. ماذا تريدين مني ايتها الكافير؟
حسن : تكلم معها بأدب ايها المجرم. الا تتذكرها؟
سيو امالي : انا لا اتذكرها ولا اتذكركم جميعاً. لماذا تضعون الاصفاد على معصمي؟ انا لم افعل شيئاً.
فكتوريا : الم تفعل شيئاً ايها المجرم المخادع؟
حسن : لا تتكلمي معه. دعنا نذهب الى مركز الشرطة وسنحقق معه هناك.
سيو امالي : انتم حاقدون لانني ابيض وانتم تساندون هذه الكافير الزنجية السوداء القذرة.
سددت له سوزان لكمة قوية جعلت الدم يسيل من انفه وقالت،
سوزان : البيض الذين مثلك يبعثون بي الغثيان ايها العنصري القذر.
اركبوا سيو امالي بسيارة حسن ورجعوا جميعاً الى مركز الشرطة. وفي المركز طلب حسن تفتيش المشتبه به فرجع اليه العريف بوسا وقال،
العريف بوسا : لقد وجدنا بجيبه هذه البطاقة الشخصية ومبلغ 10 راند وكيس صغير من الهروين وهذا الخنجر.
حسن : جيد سوف نكون سعداء باستظافته اليوم عندنا.
بهذه اللحظة جاء مدير المركز العميد جون فان كولت وسأل،
العميد : ماذا يجري هنا؟
حسن : القينا القبض على مشتبه به بقضية الاعتداء على فكتوريا سيدي.
صرخ سيو امالي وهو يشير الى سوزان برأسه وقال،
سيو امالي : لقد ضربتني هذه العاهر العاشقة للكافير.
سوزان : سيدي كان يقاوم الاعتقال واراد طعني بخنجره فاضطررت ان ادافع عن نفسي.
العميد : حسناً ادخلوه الى الزنزانة لينتظر حتى يحين موعد استجوابه.
قال حسن لسوزان،
حسن : سوزان اريدك ان تذهبي مع فكتوريا الى العشوائيات بحارة فكتوريا وان تستجوبي الاهالي هناك. حاولي ان تقنعي على الاقل واحد او اثنان من الاهالي كي يأتوا ويتعرفوا على برنارد ڨان ويك الذي يعرفونه باسم سيو امالي. اريدهم غداً صباحاً لنستفتح بهم يومنا. اما انا فساحاول ان اتي غداً بتسعة رجال بيض ممن يشبهون برنارد ڨان ويك لكي نستخدمهم باستعراض الشخصية. وباليوم التالي دخل العميد جون فان كولت الى مكتب حسن وسأله،
العميد جون : هل تمكنت من الحصول على احد من الشهود؟
حسن : حصلت على شاهد واحد وستكون فكتوريا الثانية.
العميد جون : وماذا عن سوزان؟
حسن : اتصلت باللاسلكي قبل قليل من سيارتها وقالت انها في طريقها الى المركز.
العميد جون : اريدك ان تضع برنارد بالوسط افهمت؟
حسن : حسناً سيدي.
وبعد ربع ساعة دخلت سوزان ومعها شاهد اسود واحد ادخلته الى غرفة الاستراحة وقالت لحسن ،
سوزان : الاهالي كانوا خائفين ورفضوا الادلاء بشهادتهم ما عدى واحد فقط.
حسن : هذا جيد كيف تمكنت من جلبه الى هنا؟
سوزان : كنت مقنعة يا حسن.
حسن : جيد، ادخليه الى الغرفة.
سوزان : طيب.
فُتِحَتْ الاضواء الكاشفة ودخلت فكتوريا اولاً. قال لها حسن،
حسن : انظري الى الرجال الواقفين امامكِ. لا تستعجلي إذا تعرفت على الممرض الذي كان يأتي الى الحي ابلغيني عن رقمه.
مشت فكتوريا ببطئ شديد وصارت تنظر الى وجوه الرجال. ولما وصلت الى الرقم 6 توقفت ثم واصلت السير. ولما بلغت النهاية قالت،
فكتوريا : انه الرجل رقم 6.
حسن : هل انتِ متأكدة؟
فكتوريا : اجل متأكدة.
اخرجها حسن وادخل الشاهد الثاني الذي احضروه من الحي. صار ينظر بوجوه الرجال الواقفين خلف الزجاج وعندما انتهى قال انه الرجل رقم 6.
تكررت العملية بغربلة مواقع الرجال حيث أعطِيَ برنارد الرقم 2 لكن فكتوريا والشاهد الآخر تعرفا عليه من جديد. بعد نصف ساعة عادت سوزان ودخلت مع حسن الى غرفة الاستجواب، ادارت سوزان جهاز التسجيل وبدأ حسن،
حسن : اعطني اسمك الكامل ومهنتك وتاريخ ميلادك.
برنارد : برنارد ڨان ويك - 1/7/1960- عاطل عن العمل.
حسن : اين كنت بتاريخ 12/2/1990؟
برنارد : لا اعلم. مر عليها زمن طويل كيف تريدني ان اتذكر؟
حسن : الم تذهب الى حي العشوائيات وتوهمهم بانك طبيب وتقول لهم انك تريد ان تعالجهم؟
برنارد : لم افعل ذلك ابداً.
حسن : لقد تعرف عليك اثنان من الشهود باستعراض الشخصية وهما من ذلك الحي وقالوا انهم جائوا اليك كي تعالجهم بالمجان.
برنارد : انهم كذابون. انا لم اذهب الى عشوائيات سانتيني بحياتي.
حسن : وكيف عرفت انها عشوائيات سانتيني؟ انا فقط قلت حي العشوائيات. لكنك حددت الحي الصحيح بزلة لسانك يا برنارد. يجب عليك ان تعترف الآن. فالشاهدين تعرفا عليك وسنوجه اليك تهمة الخطف والاغتصاب والقتل والحيازة على المخدرات وحمل سلاح قاتل وهذا يعني الحكم بالاعدام بدون ادنى شك.
برنارد : كيف تعدمون شخصاً بريئاً؟ انا لم ارتكب اي جريمة.
حسن : التهمة تتلبسك من رأسك لقدميك. انا متأكد من انك لم تكن لوحدك. لذلك إذا اعترفت فربما ستخفف عنك التهمة.
برنارد : اريد محامي. سوف لن انطق بكلمة واحدة بعد الآن.
حسن : حسناً اغلق المحضر، ينقل المتهم الى الزنزانة حتى يمتثل من جديد امام المحققين مع محامي مكلف من قبل الدولة.
نظر الى سوزان وقال،
حسن : انا متعب جداً. ساذهب لبيتي الآن.
سوزان : لا بأس اذهب انت، وانا ساقوم بكتابة التقرير اليومي.
حسن : شكراً يا سوزان. انت هبة من الله.
ركب حسن سيارته ورجع الى منزله. فور دخوله المنزل تلقفته ابنته هند وقفزت عليه ضمته بقوة وقالت،
هند : اشتقت اليك كثيراً يا ابي.
حسن : لماذا كل هذا الاشتياق والعناق. فلقد تقابلنا هذا الصباح وفطرنا معاً اليس كذلك؟
عائشة : اعتقد انها تريد ان تذكرك بشيء.
حسن : ما هو؟
هند : هل نسيت يا ابي؟ انت اصبحت شيخاً عجوزاً وتعاني من الزهايمر.
حسن : لا زلت لا اذكر شيئاً.
هند : لقد نسيت وعدك لي.
حسن : آه، أتقدصين الذهاب الى مدينة الملاهي؟
عائشة : هذا ما تريد ان تلوح به.
حسن : وكيف لي ان انسى وعدي لعشيقتي. دعنا نذهب غداً.
هند : عظيم. سنذهب من الصباح الباكر.
باليوم التلي استيقظت هند مبكرةً وذهبت لغرفة ابويها وقالت،
هند : هيا يا امي استعجلي فقد يغير ابي رأيه بعد قليل إذا جائه هاتف من زوجته الثانية سوزان.
حسن : لا، لا انا سوف لن اغير رأي. هيا نذهب الآن.
ركبت العائلة بالسيارة وخرجوا الى مدينة الملاهي. سألت زوجته،
عائشة : اين تقع مدينة الملاهي هذه؟
حسن : بمنطقة تدعى باو داونز. تبعد حوالي ساعة من هنا.
هند : أذاً دعنا نستمع الى الموسيقى يا ابي. هل بامكانك ان تلعب القرص المدمج الجديد لبرايان ادامز؟
حسن : آسف يا حبيبتي، القرص المدمج الجديد بقي بالبيت. ماذا نعمل؟
هند : حسناً افتح لنا الراديو لو سمحت يا ابي.
فتح حسن الراديو فصار يستمع للاخبار. حاولت هند التحدث لكن امها اسكتتها وقالت، "اسكتي يا هند فاباكِ يريد الاستماع للاخبار". سكتت هند وصار المذيع يلقي نشرة الاخبار. وبعد ان انتهت الاخبار وبدأ مقدم البرامج يعرض الاغاني على المستمعين. صاروا يسمعون اغنية للمغني فرانك سيناترا بعنوان (غرباء في الليل). طرب عليها حسن وصار يغني مع الاغنية لكن ابنته اعترضت وقالت،
هند : هذه اغنية قديمة جداً منذ ان كانت الراديوات تعمل على الفحم الحجري.
عائشة : هذا عيب يا هند، ابوك يحب الاغنية. دعيه يستمع اليها.
حسن : هل تريدين ان اغير المحطة؟
هند : اجل بابا حبيبي ارجوك غيرها.
صار يقلب المحطات حتى وصل الى محطة تعزف الالحان الكلاسيكية فسأل ابنته،
حسن : ما رأيك بهذه المحطة يا هند؟
هند : لا بأس. على الاقل ليس فيها غناء قديم او اخبار.
وفجأة انتهت المقطوعة الاولى وبدأت مقطوعة اخرى بصراخ المجموعة ثم صارت تدخل الالحان المخيفة. صار حسن يسمع ويتذكر ما قالته فكتوريا عن اللحن الذي سمعته اثناء الاعتداء عليها. قالت "موسيقى كنائسية لكنها مخيفة كما لو كانوا يحضرون الارواح". صرخ حسن وقال،
حسن : يا الهي، انها هي، انها هي.
عائشة : من هي؟
حسن : هذه هي المقطوعة.
هند : ابي رجاءاً غير المحطة. انا لا احب هذه المقطوعة. انها مخيفة.
عائشة : توقفي يا هند. اباك يريد سماعها.
حسن : اريد ان اعرف اسم المقطوعة. انها مهمة جداً بعملي. ارجوكما توقفا عن الكلام. ربما سيذكر المذيع اسم المقطوعة بعد الانتهاء منها.
بقوا يستمعون للمقطوعة كاملة لمدة خمس دقائق حتى انتهت فقال المذيع، "شكراً على حسن استماعكم لهذه المعزوفة الجميلة للملحن الشهير كارل اورف"
اوقف حسن السيارة على جانب الطريق، اخرج دفتره من جيبه وكتب (الملحن كارل اورف). ثم واصل القيادة. بقيت هند وامها عائشة بذهول كبير ثم سألت هند قائلة،
هند : ابي، هل سترجعنا للبيت وتلغي الرحلة؟
حسن : كلا حبيبتي. انا فقط اردت معرفة اسم المقطوعة لكنهم ذكروا اسم الملحن فقط. لا عليك. سنذهب الى مدينة الملاهي الآن وسوف نقضي اجمل الاوقات.
بعد ربع ساعة وصلوا الى مدينة الملاهي وفعلاً قضوا اوقاتاً رائعة كما وعدهم حسن. فقد كانوا تحت امرة ابنتهم هند لانها هي التي طلبت الذهاب الى مدينة الالعاب. بقوا هناك حتى ساعة متأخرة من الليل. وعندما خارت قواهم جميعاً رجعوا الى منزلهم فذهبت هند الى غرفتها للنوم لكن حسن وعائشة بقوا ينتظرون نوم ابنتهم حتى يتباحثون بامور في غاية الاهمية. باليوم التالي انهمك حسن بالعناية بحديقة بيته وصار يزرع الزهور ويصلح بعض الامور التي كانت تحتاج الاصلاح بالمنزل. باليوم الموالي استيقظ الجميع مبكرين فانطلقت هند خارج الدار تنتظر حافلة المدرسة. بينما ركب حسن سيارته وتوجه بها الى مركز الشرطة. وبالطريق شاهد متجراً للموسيقى فتوقف امامه لكن المتجر كان مغلقاً وعلقت على بابه يافطة تقول ساعات العمل من 10 صباحاً وحتى الثامنة ليلاً. رجع الى سيارته وذهب الى عمله. فور وصوله المركز جائته سوزان تحمل كأسين من القهوة سألته،
سوزان : كيف كانت عطلة نهاية الاسبوع؟
حسن : كانت رائعة. اخذت زوجتي وابنتي الى مدينة الملاهي وقد حدث معنا شيء غريب جداً. تخيلي يا سوزان في طريقنا الى مدينة الالعاب سمعت لحنا غريباً على الراديو انا متأكد انه نفس اللحن الذي سمعته فكتوريا عندما كانوا يغتصبونها. لم اتمكن من معرفة اسم المقطوعة الكلاسيكية لكنني كتبت اسم الملحن. اسمه الملحن "كارل اورف". اتعرفينه؟
سوزان : كلا لم اسمع له اي مقطوعة بحياتي. ولكي اكون صادقة معك فانا لا احب الموسيقى الكلاسيكية.
حسن : ساذهب الآن الى متجر للموسيقى واحاول ان اعرف اسم المقطوعة.
سوزان : تذكر ان اليوم سيأتي محامي الدفاع وسيكون الى جانب المتهم كي نستجوبه.
حسن : سوف لن اتأخر. متجر الموسيقة كان على الطريق بالقرب من مخفرنا هذا.
ركب حسن سيارته وذهب الى متجر الموسيقى على الساعة العاشرة والنصف فوجد سيدة شقراء تعمل هناك. حياها وقال لها،
حسن : اريد ان اعرف إن كان لديكم مقطوعات كلاسيكية للملحن كارل اورف.
السيدة : نعم سيدي لدينا زراثوستا وكيزي داساوفر
حسن : هل استطيع ان اسمع هذه المقطوعات كي اشتري واحدة منها؟
السيدة : طبعاً. دعني ابدأ بهذه.
بدأ يسمع الاولى فلم تكن مبتغاه. فوضعت له الثانية والثالثة حتى وصل الى المعزوفة المطلوبة فصاح،
حسن : هذه هي. اريد هذه. ما اسم المقطوعة؟
السيدة : اسمها كارمينا بورانا. Carmina Burana. اتريدها؟
حسن : بل اريد نسختان منها لو سمحت.
السيدة : الواحدة بـ 25 راند. لذا اعطني 50 راند لو سمحت.
اشترى قرصان مدمجان ورجع مسرعاً الى مركز الشرطة فاخبره شرطي الاستعلامات ان محامي المتهم قد وصل وهم ينتظرونه منذ نصف ساعة. ركض الى قاعة التحقيق فوجد سوزان جالسة امام المتهم برنارد ڨان ويك ومحاميه كليمانت جالساً الى جانبه.
حسن : دعنا نبدأ. سيد برنارد ڨان ويك طلبت ان نستجوبك بحضور محاميك وها قد حضر والآن اخبرنا يا برنارد، من كان يعمل معك؟
برنارد : لا احد، قلت لك انني لم اذهب لاي عشوائيات ولم ارى احداً من الشهود.
حسن : هل تعتقد ان اثنان من الشهود كانا يتآمران ضدك؟
برنارد : اجل انهما يتآمران ضدي.
حسن : لماذا؟ هل تعرفهما شخصياً؟
برنارد : كلا. انه دافع انتقامي لان رئيس الدولة نيلسون مانديلا اصبح من عندهم الآن وهم يريدون الانتقام من البيض. مع اننا بنينا الدولة وجعلناها من افضل الدول من كل النواحي.
حسن : سيد برنارد. صحيفة اعمالك تقول ان لديك قائمة طويلة تشمل السرقة الاحتيال وحيازة المخدرات وبيعها والاعتداء الجسدي على افراد الشرطة. الشرطي الذي ضربته قبل سنة كان ابيضاً. اليس كذلك؟
برنارد : اجل.