الانتخابات العراقية ضرورة ديمقراطية أم ضرورة سلطوية
د احمد الاسدي
الانتخابات العراقية ضرورة ديمقراطية أم ضرورة سلطوية
الحديث عن الانتخابات في العراق كلام ذو شجون يستحق التوقف عنده طويلا , حيث هذه الممارسة الديمقراطية الانتخابية ( اتفقنا معها أو اختلفنا فهذا موضوع آخر ) رغم مرور أكثر من 17 عاما عليها لكنها بقيت أسيرة أمراضيات عديدة , تقف في مقدمتها عدم ثقة الشارع بمصداقية نتائجها وبالتالي فساد العملية السياسية التي تولد من رحمهـا لاحقا , ناهيك عن ادعاءات التزوير والإقصاء والتدخلات الإقليمية والدولية فيها التي نسمع ونقرأ عنها من هذا الطرف وذاك , سواء كان مشارك فيها ومعترف بعمليتها السياسية أو من الجهات التي تدعي معارضتها بغاية معروفة أو من باب الإفلاس السياسي وتمثيل دور المظلوم والضحية التي تخشى العودة للعراق بسبب بطش الجماعات المسلحة والمجاميع المنفلتة والميليشيات الإيرانية الولائيه وما إلية من المسميات التي ما أنزل الله فيها من سلطان , وتمارس دور معارضتها العتيدة من أمام شاشات الكومبيوترات والتحريض من على القنوات الفضائية التي لا يهدأ لها بال ولا تغفى لها أجفان إلا ببقاء العراق مستنقع للفوضى وساحة للموت وتصفية الحسابات والصراعات .
يجب التذكير أولا
الممارسة الانتخابية الديمقراطية , نعم حق مشروع لكل فرد تسمح له لوائح الانتخابات التي شرعنها الدستور في مواده , لممارسة هذا الحق , يقابل هذا الحق هناك واجبات بالاتجاه الآخر يفرضها ليس الدستور وحسب عليه وإنما الالتزام والثابت الأخلاقي أولا وآخرا , تتعلق بماهية الاختيار والتصويت المبني على أساس المصلحة العامة للشارع والمتجرد من اصطفاف المذهبة والانتماء الحزبي والفئوي الضيق المرتبط بالمشاريع والأجندات الخارجية .
السؤال الذي يجب أن نجيب عليه بكل صراحة
هل إن ممارسة هذا الحق في عراق اليوم ضرورة حتمية يتوقف عندها بقاء العراق وتطوره من عدمه ؟
قبل الإجابة على ذلك علينا أن نستحضر ما هبة الوعي الجمعي في الشارع وهل هو مهيأ فعليا للتخلي عن اصطفا فاته المذهبية والطائفية والحزبية الفئوية ؟ وهل هو مستعدا بالارتقاء بتفكيره لتقديم المصلحة الوطنية الجمعية على المصلحة الشخصية الفردية ومصلحه الطائفة ؟
كل المعطيات الملموسة على طول وعرض الجغرافية المجتمعية العراقية تؤكد وبعد أكثر من 17 عاما من التبجح الذي نسمع ونقرأ عنه بخصوص نشر التجربة الديمقراطية على أنقاض ما يسمونه ( الدكتاتورية الصدامية والشمولية البعثية ) , إن العقل الجمعي العراقي كان ولا زال يئن تحت مطرقة التبعية للمذهب والإصرار على الدوران في دوامة الطائفة والانتماء ألمناطقي على حساب الوطن والوطنية التي أصبح الحديث عنها في الشارع محل تندر واستهزاء وكل من يقول عكس ذلك , فهو أما إنسان منفصل عن الواقع أو مغيب العقل لا يرى أبعد من أرنبة أنفه مثلما يقال أو يعيش على أنقاض سنيين الماضي ويغني على ليلاها .
الضرورة المطلوبة في العراق اليوم , لاهي بالضرورة الديمقراطية ولا بالسلطوية , بقدر ما إن العراقيين بحاجة إلى ضرورة تغيير حتمي لهويات ومسميات طائفية ومذهبية وعرقية ,لا نقول عنها دخيلة على المجتمع , حتى لا نفقد مصداقيتنا , بل الأصح القول إن ما وصلت إلية من ضخامة واستفحال اليوم أصبح لا يطاق , ولا يمكن بوجوده التأسيس لدولة الوطن والمواطنة التي يحلم فيها كل عراقي يمتلك شيء من الشعور بالمسؤولية , بعد أن جرب تجارب الأحزاب الثورية والعائلية والقومية والدينية والمذهبية , وراقص المحتل لاحقا , ورسم لنفسه ومستقبله صورا مشرقه وأحلام وردية في ظل الديمقراطية الأمريكية التي بشروه فيها
الضرورة التي نرى العراق والعراقيين بحاجة حتمية لها من خلال استقرائنا لطبيعة الصراع السياسي بعد 2003 والتداعيات التي أفرزتها مرحلة التغيير ألاحتلالي المفروض بقوة السلاح وإرادات نظام عالمي وفرت له سياقات تاريخية بعينها ,الغطاء الغير أخلاقي والحجة الغير مبررة , لا تعبر عنها ( أي الضرورة ) انتخابات استعراضية , ولا مؤتمرات مدفوع ثمن إقامة أصحابها في فنادق الخمسة نجوم بالدولارات والريالات والدراهم مسبقا , ولا معارضات الظواهر الصوتية ولا تظاهرات ديماغوجية أصحاب الصدور العارية , وثوريات ديناصوريه عفا عليها الزمن , بـل إلى شجاعة تثبيت هوية الشخصية العراقية وأولويات انتماءها بدون لف ودوران ومجاملات ( بوس لحية عمك ) مثلما تعودنا عليه طوال عقود من الزمن , وحتمية وضع هذه الشخصية أمام اختبار حقيقي واختيار واحد لا ثاني معه , أما الانتماء إلى العراق الواحد الموحد بلا رتوش وتزويقات ( شدة ورد ) و( عراق سنه وشيعه وهذا الوطن ما نبيعه ) و ( مظلوميات الفدراليات واسطوانة الحقوق المسلوبة والمناطق المتنازع عليها ) وأما التقسيم و ( كل واحد ياخذ گياته ) مثلما يختصرها أهلنا (بحسجتهم ) .
حزيران 2021
drahmadalasadi@gmail.com