الانتخابات العراقية وسلاح الحشد ..لا خـروج عن أصول اللعبة ولا تغيير بالقواعد .. والأيام بيننا
د. احمد الاسدي
الانتخابات العراقية وسلاح الحشد ..لا خـروج عن أصول اللعبة ولا تغيير بالقواعد .. والأيام بيننا
اللعبة السياسية التي فرضهـا الأمريكان على العراقيين ومررتها للأسف مرجعيات عراقية بعضها ديني والآخر سياسي بعد 2003 , احتفظ صاحب القرار الأمريكي الموكل إليه إدارة ملفها السياسي بطاقة حمراء مؤجله بيده يدأب على إشهارها بعد كل عملية انتخابية من اجل تثبيت معادلة التوافق والحصحصة السلطوية ( الكردي_ السني_الشيعي ) في حال تحسسه خطر أي طارئ يمكن أن يزعزع توازنات هذه المعادلة , قد يقدم على فعله أحدا من فرقاءها في لحظة يعتقد حينها إنه قادرا على الإفلات والخروج عن دائرة السمع والطاعة التي رسم حدودها المحتل وألزم الجميع بمحتواها في مؤتمرات لندن وواشنطن وصلاح الدين ,على غرار ما نتابعه اليوم من تحركات لمقتدى صدر و مسعود برزاني وحلبوسي وشلة من الصغار الذين يلعبون خلف الستار .
من هنا نجد من الضرورة التأشير إلى ثلاث محاور مهمة نعتقد من خلال استقراءنا لها رسم صورة أكثر وضوحا لطبيعة ركائز مشهد التحالفات الانتخابية والمعطيات التي تفرزها والنتائج التي ستؤول إليها في آخر المطاف
المحور الأول
تزدهر الجغرافية السياسية العراقية اليوم بتحالفات و يعج شارعها بحراك انتخابي يبدو ظاهره عابرا للتخندق الطائفي والعرقي وهذا أمرا ايجابيا يستحق الثناء عليه , إن كان كذلك ! على شاكلة ذهاب السيد مقتدى صدر وكتلته الصدرية بعيدا عن تحالفه الشيعي السابق إلى أحضان السيد مسعود برزاني وحزبه الديمقراطي في اربيل ومحمد حلبوسي وجماعته في الرمادي , لكن الحقيقة المره التي يجب أن يعرفها الجميع !!
مهما ارتفع سقف هذة التحالفات الوطني العابر للطائفه مثلما يحلو لأصحابها الترويج له , فإنها ستصطدم في نهاية الأمر بمعادلة التوزيع التحاصصي التوافقي التي أقرها ضمناً دستور ما بعد 2003 ( الرئاسة كردي _ البرلمان سني _رئاسة الوزراء شيعي ) , وفي نهايـة المطاف تذهب التحالفات والاصطفافات هذه كلها أدراج الرياح مثلما يقال , ويكون كل هذا التزاحم و تحركات أصحابه و هلوساتهم الإعلامية مجرد ترف سياسي لذر الرماد بعيون جمهورهم وتسويق لبضاعة فاسدة أصلا غلافها وطني وجوهرها طائفي
المحور الثاني
التخوفات من طبيعة ونوايا التحالفات المطروحة اليوم , على غرار الاتفاقات المشار اليها اعلاه في المحور الأول , والتي تبدو وكأنها موجهه تحديدا بالضد من الحشد الشعبي ومن كتل سياسية راعيه وداعمة للحشد وفصائله ,ومتناغمة ومدغدغة لقلوب الأمريكان والإسرائيليين وأدواتهم في المنطقة المرتبطة بالمشروع ألاحتلالي الأمريكي للعراق 2003 , وما سبقه من حصار واستهداف للدولة العراقية منذ 1991 ,وما تلاه من صفحات تآمرية عبدت الطريق للمحتل الأمريكي البريطاني وهيأت له الأرضية السياسية والمجتمعيه الحاضنه لمشروعه , نعم إنها تخوفات مشروعه وفيها الكثير من الاستقراء الصائب لما يحاك من استهداف للحشد وفصائل عامله معه بعينها , ولكن الذي يجب أن يتنبه له الجميع !!
إن هذه التحالفات تبقى قيمتها صفرية ولا تؤثر من بعيد أو قريب على معادلة التحاصص والتوافق التي بصم عليها (بالعشرة ) كل الذين جاؤوا مع الاحتلال و الذين فرختهم مرحلته بعد 2003
المحور الثالث
الحشد الشعبي مهما تعرضت منظومته العسكرية والعقائدية إلى حملات تشويه إعلامي منظم واستهداف عسكري مباشر في بعض الأحيان , وتهديد ووعيد ومحاولات التفاف على مشروعيته التي ثبتها البرلمان بقانون صريح وواضح لا لبس فيه , يبقى رقما صعبا ومن الاستحالة اختراقه والنيل منه أو حتى التفكير بحله وتفكيكه بالأحلام سواء بقرار سياسي أو بفتوى دينية , مثلما تحلم جهات داخليه صاحبة غرض وخارجية ترى بالفصائل المقاومة المنطوية تحت خيمة الحشد وفتوى مرجعية النجف التحدي الأكبر لمشروعها ,ليس لأنها تمتلك سلاح أو مثلما تسميها بعض الأصوات المأجورة التي ترتزق على شاشات القنوات الفضائية العربية اللسان والعبرية الهوى و المنطق والمغزى والغاية بــ ( السلاح المنفلت , العصابات الوقحه , المجاميع المنفلته ) وإنما لسببان رئيسيان يمكن التوقف عندهما بالإيجاز
السبب الأول
إدراك وتيقن الشارع العراقي إن الحشد بكل مسمياته , هو القوة العقائدية الوحيدة القادرة على الدفاع عن العراق والتصدي لأصحاب المشاريع الخارجية التي تُرسم مخططات تآمرها على العراق والمنطقة في دهاليز دوائر أمريكية وإسرائيلية , تُحرك المياه الراكدة المذهبية في المجتمعية العراقية بين حين وآخر وفق ما يديم حالة أللاستقرار والانفلات الأمني والسياسي و يديم حركة عجلة الإخفاق الاقتصادي والتذمر المجتمعي التي يجدون في استمرار ديمومتها هذه دعاية لتسويق بضاعة التبريرات والتسويف الضامنة لبقائهم العسكري ولمخابراتي والسياسي في العراق تحديدا والمنطقة عموما
السبب الثاني
عقائدية أفراد الحشد والفصائل المتجحفلة معه جعلت منه القوة العسكرية الأولى في العراق , بل لا نتجنى على احد إذا جزمنا , إنه لولا الحشد وفصائله لما كان هناك شيء اسمه مؤسسه عسكرية عراقية ولا جيش ولا قوى أمنيه ,حيث ذاكرة العراقيين والحمد لله زاخرة و حُبلى بصور القطعات العسكرية المنتكسه التي كانت متواجدة في الموصل وصلاح الدين والرمادي وال فلوجه وأطراف كركوك و لا يبارح مُخيلتهم كيف انهزم أفرادها بطريقة مخزيه أمام مجاميع صغيره من مقاتلي ما يسمى بالدولة الإسلامية ( داعش ) ولاذوا بالفرار تاركين وراءهم معداتهم العسكرية الأمريكية المتطورة , من دبابات وهمرات وصواريخ ومدافع ميدان في مرابضها , بعد أن تفضلت عليهم بيشمركة مسعود برزاني بـ ( الدشاديش ) وساومتهم حتى على سلاحهم الشخصي وملابسهم العسكرية , ليس لأنهم جبناء او غير مدربين عسكريا أو تنقصهم الأسلحة والمعدات العسكرية , بل إن السبب الحقيقي وراء ذلك والذي يَخجل او يتجنب البعض مقاربته , يكمن !!
بعدم ولائيتهم للوطن الذي يدعون أنهم حماته وللمؤسسة العسكرية الذين هم جزء منها ,وإن انتماءهم وتطوعهم في الجيش والقوى الأمنية لا يتعدى كونه وظيفة ترزق من اجل الحصول على ( الراتب) تحديدا , لذلك شاهدنا وعشنا سقطوهم المدوي أمام أول اختبار حقيقي لهم على أرض الواقع , وهذا ما يفرقهم ويميزهم عن أفراد الحشد والفصائل المقاومة ( اتفقنا أو اختلفنا معهم ) حيث انتماءهم (عقائدي ولائي ) قبل كل شيء , وكل ما يأتي بعد ذلك هو مجرد امتيازات حياتية حالهم حال أي فرد في المجتمع العراقي
وأخيرا وللتذكير فإن سلاح الحشد خرج من دائرة الجغرافية السياسية والعسكرية العراقية و أصبح جزء من منظومة إقليمية مقاومة لها مشروعها وإستراتيجيتها وقيادتها حاله حال سلاح حزب الله والحرس الثوري الإيراني وأنصار الله الحوثيين وحماس والجهاد في فلسطين وهناك معادلات رسمها هذا السلاح أصبح من أحلام الماضي تغييرها .. والأيام بيننا .
drahmadalasadi@gmail.com