الحيرة .. كبرى الممالك المسيحية بالعراق في مهب الإهمال والتجاوزات
شفق نيوز / على بعد 10 كيلومترات عن مركز مدينة النجف تقع كنائس وأديرة مملكة الحيرة القديمة، كبرى الممالك المسيحية في بلاد ما بين النهرين، دون تنقيب وتأهيل لإنعاش المنطقة سياحياً.
وتتضارب آراء المؤرخين وعلماء الآثار في تحديد تاريخ المملكة نشأتها، وبرزت المدينة بحسب كتب التاريخ في أيام الملك عمرو بن عدي أوائل القرن الرابع الميلادي اذ اتخذها "اللخميين" عاصمة لهم فأصبحت في عهدهم مركزا سياسيا وعسكريا ودينيا، وأشهر ملوكها المنذر الثالث ابن ماء السماء.
وتعاني المدينة وآثارها إهمال الجهات المختصة بالآثار، اذ لم تحظ المملكة باهتمام حكومي لتنقيب الأديرة والكنائس الموجود فيها للكشف عن أسرارها آثارها حتى اللحظة.
مطالبات بالتنقيب
وعن هذا الأمر، قال أستاذ علم التاريخ الدكتور حسن أحمد، إن "مملكة الحيرة" هي الأرض التي احتضنت دولة المناذرة وهي دولة عربية معروفة آنذاك ديانتها المسيحية، مبينا أن الكثير ممن عاش في هذه المنطقة هم من المسيحيين قرب الأديرة التي تقع على أطراف مدينة الحيرة الحالية.
وأوضح أحمد في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الرهبان كانوا يعيشون في مناطق خالية تقريبا من السكان لأجل العبادة"، مشيرا ًإلى أن "منطقة بحر النجف نشأت بها أديرة في المنطقة الممتدة بين الحيرة والكوفة والنجف، قبل أن تنشأ الكوفة وقبل أن تكون النجف مدينة".
ولفت إلى أن "هذه المنطقة أيضا بنيت بها أديرة كثيرة ويقصدها الكثير من الناس، موكدا أن المسلمين حافظوا على هذه الديار ولم تتعرض للهدم والتخريب حتى ان الامام علي (ع) لما اتخذ الكوفة عاصمة للدولة كثيرا ما كان يمر بهذه الأديرة".
وطالب أحمد، الجهات الحكومية والمنظمات الأممية المهتمة بالآثار، والتنقيب عن تلك المدينة بـ"إكمال الكشف عن كامل معالم المدينة"، موضحا أن "أعمال التنقيب السابقة كشفت عن بعض معالم المدينة وبالأخص المنطقة المرتفعة التي تطل على بحر النجف، اذ أن هذه المنطقة تقترب من مطار النجف الحالي."
ورجح أستاذ التاريخ، العثور على "أديرة كثيرة في المملكة اذا ما اجريت أعمال التنقيب في داخل المنطقة الجافة في بحر النجف".
ألمانيا تنقب في النجف
من جهته، قال مدير السياحة والآثار في النجف أحمد الميالي، إن "مديريته وقعت اتفاقية مع هيئة السياحة والآثار الألمانية حيث وقامت بمسحها أربع مواسم متتالية، من عام 2014 الى عام 2018، وأن العمل قد يتوقف بسبب التظاهرات وجائحة كورونا".
وأضاف الميالي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أولويات المديرية الان هي حماية المدينة الاثرية من التجاوزات ومن ثم الكشف عن بقية المعالم الاثرية الموجودة فيها".
وأشار إلى أن "المناطق الأثرية ما زالت تتعرض الآثار فيها إلى التجاوزات بسبب التوسع العمراني الذي تشهده النجف"، مؤكدا أن "من الأسباب الرئيسية التي أخرت الاهتمام بالمواقع الاثرية هي عدم انصاف وزارة الثقافة بالأموال المخصصة لدعم السياحة في المحافظة والسياسات الخاطئة التي جعلت من السياحة الأثرية آخر اهتماماتها".
وطالب الميالي، الحكومة العراقية ووزارة الثقافة بـ"الالتفات إلى الآثار وحمايتها وتوفير الأموال في الموازنات القادمة لصيانة المكتشف منها والتنقيب عن المواقع غير المكتشفة حتى الآن".
في السياق ذاته، تحدث المواطن حسين علوان، وهو أحد سكنة قضاء الحيرة، عن أهمية السياحة في المدينة بتشغيل الكثير من الكسبة والعاطلين عن العمل من أهالي المنطقة، فيما لو استثمرت بالشكل الصحيح"، داعيا وزارة الثقافة والآثار إلى "تأهيل المدينة الاثرية ومحيطها لجذب السياح الى المدينة".
وقال علوان في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "فرص نجاح المدينة الاثرية في الحيرة كمرفق سياحي متوفرة في النجف يقصدها ملايين سنويا من داخل العراق وخارجه، ويتوفر فيها مطار دولي قريب جدا من المدينة الأثرية، فضلا عن كونها مرفق سياحي أثري يختلف عن ما هو معروف وتقليدي في النجف كونها مدينة تشتهر بالسياحة الدينية".