"مدينة أشباح" تتحول إلى إحدى أكثر المناطق استقرارا وازدهارا في العراق
شهدت الرمادي موجات من عدم الاستقرار منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
دبي/ الحرة:على ضفاف نهر الفرات، يمكنك مشاهدة العوارض الخرسانية والطوب لإنشاء فندق فخم من 20 طابقًا به حمامات سباحة ومنتجع صحي ومطاعم على حافة مدينة عراقية لحقها دمار واسع منذ عدة سنوات بعد سيطرة تنظيم داعش عليها، لكنها تظهر في حلة مختلفة الآن.
فقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز، مشاهد بناء أول فندق منذ عقود في مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار التي دمرتها المعارك، وهو جزء من طفرة استثمارية، تشمل مستشفيات ومدارس ومنتجعات ومجمعات سكنية، بعد رحيل التنظيم عن المنطقة التي تعد الآن، "وبشكل مفاجئ، واحدة من أكثر المناطق استقرارا في البلاد".
قال مهدي النعمان، رئيس هيئة استثمار الأنبار: "عام 2016 كانت الرمادي مدينة أشباح"، بينما كان يعاين المدينة على إحدى الطرق السريعة الجديدة المحاطة بأكشاك نباتية من زهور البتونيا.
وأضاف: "لن ترى حتى القطط والكلاب الضالة".
وفي مكتبه الذي يقع بداخل مبنى حكومي جديد، تصفح نعمان ملفا يحتوي على أكثر من 200 ترخيص استثمار، من المتوقع أن قيمتها تتجاوز أكثر من 5 مليارات دولار.
وتشمل هذه الاستثمارات محطات للطاقة الشمسية ومصانع للأسمدة ومجمعات سكانية ومدارس.
ويستحوذ المستثمرون العراقيون على 70 في المئة من هذه التراخيص والباقي يتوزع على مستثمرين من ألمانيا والهند وتركيا والإمارات ودول أخرى.
وبينما تكافح مدن عراقية أخرى للتعافي من آثار معارك سابقة، بدأت الرمادي في الازدهار. فإلى جانب الفندق الذي تبلغ تكلفته 70 مليون دولار، بدأ تشييد أحد أكبر مراكز التسوق في البلاد، حيث تقدم الشركات عطاءات لإنشاء مطار دولي.
ويحلم نعمان بإنشاء مطار دولي، وقد خصصت الحكومة بالفعل 70 مليون دولار لمرحلة التخطيط الأولي له.
وكانت بغداد وواشنطن اعتبرت استعادة الرمادي أول نصر كبير للجيش العراقي، بدعم أميركي، منذ اجتياح داعش لشمال وغرب البلاد في منتصف عام 2014.
أما الآن، يقوم المستثمرون العراقيون الذين ركزوا على مشاريع خارج البلاد، على مدارا السنوات الـ18 الماضية، بإعادة بعض أرباحهم إلى الأنبار، بينما تلقي الشركات الأجنبية نظرة جديدة على مدينة أعيد بناؤها إلى حد كبير بعد القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وغيرت المباني الحكومية شكل المدينة التي لا تزال بعض مناطقها السكنية مدمرة. فبدلا من الشوارع المزدحمة والمليئة بالحفر وأعشاش الأسلاك الكهربائية المعلقة في كل مكان في مدن عراقية أخرى، تفتخر الرمادي الآن بنظام طرق معاد تنظيمه وكابلات كهربائية تحت الأرض ومكاتب حكومية مركزية.
وقال محافظ الأنبار علي فرحان: "قررنا أن يتم البناء بطريقة جديدة لمواكبة التخطيط العمراني الحديث"، مشيرا إلى أن سكان الأنبار لم يعدوا مستعدين لتحمل الخطاب المتطرف الذي سمح لداعش بالحصول على موطئ قدم هنا، وعانوا من الكثير من الدمار بسببه.
وعندما استولت داعش على الرمادي عام 2015، فر الفقراء في هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون شخص، إلى الصحراء حيث مخيم مؤقت بائس للنازحين العراقيين، بعدما منعت السلطات الحكومية معظم النازحين من دخول العاصمة بغداد، التي تقع على بعد كيلومترات قليلة (100 كلم غرب بغداد) .
بينما انتقل العديد من سكان الرمادي، القادرين ماديا، إلى إقليم كردستان شمالا، أو غادروا البلاد إلى الأردن وتركيا.