من هاهنا ...
من عمقِ مأساتي الرهيبةِ يا بشر ...
من بيت حانونَ الجريحةِ ...
حيثٌ تختلط الصور ..
كنا جميعا ... والحنانُ يضمٌّنا ...
أمي تعد الشاي ..
أبي يقٌصٌّ لنا حكايات البطولةِ والظفر ..
في حضنهِ أختي ( سحر ) ..
ولها من السنواتِ خمسٌ كالدرر ...
ضحكاتٌها تعلو كأنغام الوتر ..
كنا جميعا .. والحنانٌ يضمنا ..
أختي .. أنا .. وأبي وأمي ..
كلٌّنا وأخي عمر ...
لم ندرِ ما صنع القدر ..!!
ماذا جرى ؟
صوتُ كقصفِ الرعدِ دوَّى وانفجر ..
وانهار منزلنا الذي عشنا به منذٌ الصغر ..
وصرختٌ أبكي من جراحي المثخنه ..
رعبٌ .. حريقٌ هائلٌ .. وسحائبٌ من أدخنه ..
وتطايرت أشلاء عائلتي بشتى الأمكنه ..
ولمحتُ رأس أُخيَّتي بين الحطام ..
فزحفتُ من بين الركام ..
إليه حتى أحضنه ..
فاضت عيوني بالدموع ..
واحرقتي بين الضلوع ..
وانشق قلبي وانفطر ....
والموت ينشرُ ظلَّهُ المشؤوم ..
والليلُ يبكي والنجوم ..
وبكى القمر ...
أختي ( سحر ) ... !!
ماذا جنيتِ صغيرتي ..
لازلتِ في عمرِ الزَهًـر ..
فكأنها ابتسمت وقالت : يا أخي ..
أفديه أقصانا برأسي الشامخِ ..
ليظل أقصانا الأغر ..
روحي لأقصانا الفدا ..
ليظل رمزاً للهدى ..
ويظل عنوان الكرامة والفَخَر ..
هذي الدماءُ أزُفُّــهــا .. قربانَ عزٍّ وافتخار ..
لتكون رمزاً للإرادةِ في زمانِ الانكسار ..
أبطالنا ساروا إلى العليا ..
ونحن على الأثر ..
لا تبكِ يا فادي ..غداً بإذن الله ينتقمُ الحجر ..
ويصافحُ الدنيا غناءٌ للنوارسِ والشجر ..
ويغرِّد الفينيقُ فوق قبابِنا ..
شوقاً إلى أحبابِنا ..
ليعود كل مهاجرِ .. حتماًُ وإن طال السفر ..
ماتت ( سحر ) ..!!
وعلى محيَّاها المُرّوَّى بالبراءةِ والدماء..
طيفُ ابتسامةِ طفلةٍ ..
رحلت بعيدا للسماء ..
لتخط ملحمة البطولة والفداء ..
فضممتها في لوعــةِ ..
والكربُ فتَّـت مهجتي ..
كلُّ النواحي أظلمت ..واجتاحني ألمٌ رهيب ..
وتكاد شمسُ الروح في جسمي.. تغيب ..
وقُبّيلَ ذلك في اللحيظات الأخيره ..
ردَّدتُ ما نطَقَت به أختي الصغيره ..
"روحي لأقصانا الفدا ..
ليظل رمزاً للهدى ..
ويظل عنوان الكرامة والفَخَر ..
هذي الدماءُ أزُفُّــهــا .. قربانَ عزٍّ وافتخار ..
لتكون رمزاً للإرادةِ في زمانِ الانكسار ..
أبطالنا ساروا إلى العليا ..
ونحن على الأثر...
بكيل المراني ..
معيد بكلية التربية قسم اللغة العربية
عمران ..
نقلا عن بيت الشعر اليمني