ماذا عن المحرض الأكبر؟؟
سناء الجاك
ماذا عن المحرض الأكبر؟؟
أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الجمعة الماضي، نجاح السلطات في القبض على قتلة الباحث هشام الهاشمي. وأضاف بأنه لا يعمل لـ"لإعلانات رخيصة ولا يزايد، بل يقوم بواجبه ما استطاع لخدمة شعبه وإحقاق الحق".
في المقابل، سارعت الأديبة رشا الأمير باسم "مؤسسة لقمان سليم" (شقيقها الذي تم اغتياله في فبراير- شباط- الماضي) إلى التغريد بأن "قاتل هاشم الهاشمي يقبع في سجن عراقي. أما المحرِّض فحرّ طليق".
هنا بيت القصيد. ذلك أن معركة الشعوب في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وحتى في إيران، هي فعلا مع هذا المحرِّض واسع النشاط. والاغتيال بند من البنود الملزمة لخدمة أجندته، حيث ملكت أَيْمانه.
وهناك ساحات أخرى يطيب له اللعب فيها. وظيفتها إفشال أي مسؤول يعتبر أن المسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريفا، وأن عليه أن يؤمِّن لمن هو مسؤول عنهم مقومات العيش الكريم من ماءٍ وكهرباء. وذلك بمعزل عن تأييد هذا المسؤول للمحور الإيراني أو معارضته له.
فليس مهما أن يتحاشى المسؤول الصدام المباشر مع المحرض الأكبر ومرتزقته في الإقليم. المهم أن ينخرط في تنفيذ بنود الأجندة حتى لا تقوم قيامة للشعوب، ليبقى المواطن منشغلا بالبحث عن وسائل للاستمرار على قيد التنفس. ويمكن متابعة أخبار الحرائق وشح الماء وانقطاع الكهرباء في حمأة القيظ لنفهم أبعاد هذه الاستراتيجية حيث ملكت أَيْمان المحور.
فجريمة تفجير مرفأ بيروت منذ حوالي العام، لم تؤَدِّ إلى انتفاضة توقظ التحرك الشعبي الذي كان قد انطلق في أكتوبر 2019. ذلك لأنها استتبعت بإبادة لقيمة الليرة اللبنانية، ليعجز ما نسبته "77% من الأسر في لبنان عن تأمين المال لشراء الطعام"، وفق أحدث تقرير لـ"اليونيسف".
ومنذ استقالة حكومة حسان دياب والتكليف برعاية فرنسية للسفير مصطفى أديب واعتذاره للأسباب ذاتها التي دفعت سعد الحريري إلى الاعتذار، وان بعد السعي إلى تهشيمه سياسيا لكيديات معروفة، تم استنزاف ممنهج لآخر ما تبقى من مقتدرات الدولة.
ومع اقتراب الذكرى السنوية للانفجار والتطورات في التحقيق الموجبة رفع الحصانات عن مسؤولين، بدأ الاستثمار في الفوضى الأمنية من خلال تحريك البؤر الأمنية الجاهزة أرضيتها للاضطرابات، سواء في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين الجيش اللبناني وعدد من المحتجين، أو في مخيم "عين الحلوة" الفلسطيني في صيدا، الذي شهد إشكالاً تطور الى اشتباك مسلح، استخدمت فيه القنابل والأسلحة الرشاشة.
وفي بلاد ما بين النهرين، المظاهرات المنادية بخروج إيران والمحتفلة بإنهاء الإفلات من العقاب، لم تحل دون استكمال مسلسل الحرائق التي تدور شبهات الافتعال بشأن اندلاعها إذ سجلت فرق الدفاع المدني 7000 حريق في غضون الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي (2021)، ولم يعترف بالمسؤولية عنها أحد، لتقيد ضد مجهول.
ناهيك عن الأزمات المعيشية، وقطع المياه الذي دفع وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، إلى التلويح باللجوء إلى المجتمع الدولي لإن "الإطلاقات المائية من إيران (التي تسيطر على منابع للمياه العذبة) بلغت صفرا".
وفي اليمن حدث ولا حرج: موت وفقر ونهب للثروات الطبيعية على حساب الشعب المنكوب..
وحتى في إيران، أزمة ماء وكهرباء ومظاهرات وقتلى وشعارات تندد بمنظومة الحكم هناك..
وبعد، يبدو أن "خير الأزمات"، التي تخدم الأجندة الإيرانية لإماتة الشعوب وتركيعها، مستمرة بنجاح كبير، لتستثمر في الفقر والقهر.
ولا نعرف إلى أين سيؤدي اللعب الإيراني على المكشوف والمستور، ورعايته انهيار الدول التي ملكها بأَيْمانه، أو إذا ما كانت هذه الرعاية ستتأثر مع كشف قاتل الهاشمي، المنتمي إلى "فصيل شيعي مسلح، او "جهة ضالة خارجة عن القانون".
ولا نعرف إذا ما تولى "عدد من أعضاء الخلية الذين سافروا إلى بيروت وطهران بعد تنفيذ العملية"، تنفيذ عمليات مماثلة في لبنان منذ جريمة تفجير المرفأ وسلسلة الاغتيالات التي حصدت شقيق رشا الأمير الباحث لقمان سليم، وذلك قبل عودتهم إلى بغداد "بعد حصولهم على ضمانات بعدم التعرض لهم"!!؟؟؟
لا نعرف إلى أين سيؤدي اللعب الإيراني على المكشوف والمستور، أو إذا ما كان سيتضرر أو حتى يتأثر بالمبادرات و"الإنجازات" والجهود المحلية والعربية والدولية "المتواضعة" لمواجهته، حتى تاريخه، لتجنب أذاه.
فالأكيد أن ارتكابات المحرض الأكبر لا تشغل باله برادع يملك الوسيلة الفعالة للجمه، فهو مرتاح ما دام ينفذ بنود أجندته في غير داره، وبأيادٍ مرتزقة لحسابه، سواء سجن أصحابها أو حتى قتلوا.
والأكيد أيضا، أن التحريض عليه يكسبه مزيدا من الصلابة، ما لم يترافق إلا مع مفاوضات تتعلق بمصالح الكبار على حساب الصغار، ففي ساحاتهم يواصل اللعب حرا طليقا!!