القعقاعُ بنُ عمرو / الشاعر شحدة البهبهاني
قِصَصُ الْجِهَادِ مَنَارَةُ الْفُرْسَانِ
وَالْخَيلُ مَوعِدُهَا ذُرَا الْمَيدَانِ
النَّاسُ تَذْهَبُ فِي الْمَسَاءِ لِسَهْرَةٍ
وَالْبَعْضُ يَغْدُو كَاسِباً لِرِهَانِ
أَمَّا أَنَا فَلَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْبَقَا
ءِ مُطَوَّلاً فِي صُحْبَةِ الْخُلاَّنِ
هُمْ قَادَةُ الْفَتْحِ الذِينَ بِجُهْدِهِمْ
رَفَعُوا لِوَاءَ الدِّينِ فِي الْبُلْدَانِ
كَتَبُوا رَسَائِلَ حُبِّهِمْ لِنَبِيهِمْ
بِجِهَادِهِمْ وَبِطَاعَةِ الرَّحْمنِ
بَذَلُوا الْحَيَاةَ رَخيصَةً، لَمْ يَثْنِهِمْ
زَيفٌ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الشَّيطَانِ
الْيَومَ نَحْنُ إِلَى الْعِرَاقِ رَحِيلُنَا
مَعَ مَاجِدٍ شَهْمٍ مِنَ الْعُرْبَانِ
... ...
يَمَّمْتُ صَوبَ القَادِسِيةِ حَامِلاً
قَلَمِي لأَكْتُبَ سِيرَةً بِبَنَانِي
هِيَ سِيرَةُ القَعْقَاعِ فِي صَفَحَاتِهَا
بِينَ السَّنَابِكِ مُمْسِكاً بِعِنَانِ
قَدْ شَبَّ طِفْلاً وَالْحُسَامُ رَفِيقُهُ
أَهْلٌ لِكُلِّ الْخَيرِ وَالعِرْفَانِ
أَكْرِمْ بِهِ مِنْ فَارِسٍ، منْ شَاعِرٍ
وَالشِّعْرُ صَرْحُ مَنَارَةٍ لِبَيَانِ
قَدْ زَانَهُ الإِسْلامُ زِينَةَ مَاجِدٍ
مَلَكَ الشَّجَاعَةَ فِي الرَّعِيلِ الثَّانِي
قَعْقَاعُ نَجْمٌ فِي سَمَاءِ جِهَادِنَا
مَا ضَرَّهُ جَيشٌ مِنَ الْعُجْمَانِ
... ...
الْفَتْحُ يُشْرِقُ فِي بِلادٍ زَانَهَا
نُورُ الْهُدَى وَحَلاوَةُ الإِيمَانِ
الشَّامُ تَعْرِفُهُ، دمَشْقُ، وَسُورُهَا
وَالْبَابُ يُفْتَحُ عِنْدَ صَوتِ أَذَانِ
ثُمَّ انْثَنَى نَحْوَ الْعِرَاقِ لِفَتْحِهَا
فِي شَطِّ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ الثَّانِي
شَهِدَتْ لَهُ الْيَرْمُوكُ صِدْقَ جِهَادِهِ
وَالْقَادِسِيةُ شَاهِدٌ لِعِيَانِ
قَطَعَ الْمَسَافَةَ بَينَ تِلْكَ وَأُخْتِهَا
كَالْبَرْقِ، يرْجُو فُرْصَةً لِطِعَانِ
... ...
مَا إِنْ وَصَلْتَ إِلَى الْعِرَاقِ لتَنْبَرِي
فِي جَوفِ كَوكَبَةٍ مِنَ الْفُرْسَانِ
حَتَّى تُبَارِزَ جُنْدَهُمْ بِبَسَالَةٍ
تُرْدِي صَرِيعاً كَافِراً بِثَوَانِ
وَصَرَعْتَ فِيلاً كَادَ يَسْحَقُ أُمَّةً
فَكَتَبْتَ إسْمَكَ فِي حِمَى المَيدَانِ
الْخَيلُ تَصْهَلُ والسُّيُوفُ صَوَاعِقٌ
قَعْقَاعُ يَزْأَرُ فِي الْوَغَى بِيَمَانِي
يَومَ انْبَرَى الْقَعْقَاعُ يَحْصُدُ جُنْدَهُمْ
ضَرْباً بِسَيفٍ أَو بِرَأْسِ سِنَانِ
وَتَرَكْتَ فِي أَرْضِ الَوَغَى جُثَثاً لَهُمْ
تُرْوِي عِطَاشَ الطَّيرِ وَالعِقْبَانِ
... ...
شَهِدَ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ بِلِسَانِهِمْ
قَعْقَاعُ مُعْجِزَةٌ مِنَ الْفُرْسَانِ
أَسَدٌ جَسُورٌ فِي شَهَامَةِ فَاتِحٍ
يَرْجُو الشَّهَادَةَ فِي رِضَا الرَّحْمنِ
رُزِقَ الشَّجَاعَةَ وَالذَّكَاءَ، وَزَانَهُ
بِينَ الْوَرَى فِعْلٌ وَقَولُ لِسَانِ
لا يُهْزَمُ الْجَيشُ الذِي فِي صَفِّهِ
هوَ قَولُ صِدِّيقٍ وَصِدْقُ بَيَانِ
مَا قَالَ سَعْدٌ فِي بُطُولَةِ فَارِسٍ
سَيَظَلُّ يُكْتَبُ فِي مَدَى الأَزْمَانِ:
قَعْقَاعُ أَلْفٌ ثُمَّ أَلْفٌ فِي الْوَغَى
أَكْرِمْ بِهِ رَجُلاً مِنَ الشُّجْعَانِ
أَبْشِرْ بِمَا وَعَدَ الْمَلِيكُ لِحَامِلٍ
سَيفَ الْهِدَايَةِ, هَادِمِ الأَوثَانِ
أَبْشِرْ بِمَا قَدَّمْتَ فِي سَاحِ الْوَغَى
فِي ظِلِّ عَرْشِ الْوَاحِدِ الدَّيَّانِ