الطريق إلى الفوز في الانتخابات العراقية يمر من عتبة المنزل العتيق في النجف الأشرف.
[url=https://www.addtoany.com/share#url=https%3A%2F%2Falarab.co.uk%2F%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D8%AE%D9%84%D9%87-%D8%A3%D9%85%D9%90%D9%86%D9%8E-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A&title=%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A %D9%85%D9%86 %D8%AF%D8%AE%D9%84%D9%87 %D8%A3%D9%85%D9%90%D9%86%D9%8E %D8%B9%D9%84%D9%89 %D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%87 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A][/url]
[url=https://www.addtoany.com/share#url=https%3A%2F%2Falarab.co.uk%2F%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D8%AE%D9%84%D9%87-%D8%A3%D9%85%D9%90%D9%86%D9%8E-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A&title=%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A %D9%85%D9%86 %D8%AF%D8%AE%D9%84%D9%87 %D8%A3%D9%85%D9%90%D9%86%D9%8E %D8%B9%D9%84%D9%89 %D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84%D9%87 %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A]Share[/url]WhatsAppTwitter
هناك منزل عتيق وصغير في أحد أزقة مدينة النجف الضيقة لدرجة يصعب معها أن تدخله مركبة صغيرة. الأصعب من ذلك أنه ليس بمقدور أي من العراقيين المرور في هذا الزقاق في مدينتهم المقدسة. وعصيّ على الفهم للأناس البعيدين عن النجف إدراك طبيعة حياة جيران هذا المنزل، إن كانت تمر طبيعية في الرواح والمجيء أم لا، وهل بمقدور الأطفال أن يلهوا أو يلعبوا كرة القدم في ذلك الزقاق؟
لكن عتاقة هذا المنزل وبساطته ووجوده في زقاق ضيق في أحياء المدينة المقدسة القديمة، لا تغير شيئا من أهميته وتأثير السياسي والديني على ما مر على العراق منذ احتلاله عام 2003 من قبل القوات الأميركية.
أهمية الزيارة
كان الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر يعرف أهمية أن يتم التوافق مع صاحب المنزل العتيق في النجف الأشرف، مع أنه لم يلتق به، وفق الرسالة الشفهية التي وصلته آنذاك "من الأفضل لكم ولنا ألا نلتقي" بينما كان الوسطاء جاهزين لتبادل إيصال الرسائل.
انتقلت الأهمية لاحقا إلى قادة الأحزاب والسياسيين العراقيين، فكان بالنسبة إليهم الدخول إلى ناصية البيت القديم طريق تزكية وقبول سياسي وشعبي للمكوث في المنطقة الخضراء.
هكذا حافظ هذا المنزل العتيق على دوره البارز في رسم مستقبل البلاد الغارقة في التراجيديا السياسية المظلمة. مع أن ساكنه رجل دين لا يزال يحتفظ بجواز سفره الإيراني لكنه حاصل على مرتبة آية الله ويدير مرجعية الشيعة في العالم ويقلده ملايين الأتباع.
لا توجد معلومات متاحة عن تفاصيل هذا المنزل ومساحته وعدد الغرف فيه ومن يسكن فيه مع آية الله علي السيستاني، لكن بعض المعلومات غير الرسمية التي نشرت مع زيارة البابا فرنسيس للسيستاني في مارس من العام الحالي تشير إلى امتلاكه من قبل أسرة عراقية من آل شبر، وقد استأجره السيستاني منذ عام 1971، بقيمة 500 دولار شهريا. وهذا المبلغ يتناسب كما يبدو مع بساطة المنزل.
ساكن المنزل رجل دين لا يزال يحتفظ بجواز سفره الإيراني، لكنه حاصل على مرتبة آية الله ويدير مرجعية الشيعة ويقلّده ملايين الأتباع
كل القراءات تستبعد أن يكون محمد رضا نجل المرجع الشيعي يشارك والده السكن في المنزل، لأنه رجل "مترف" عكس والده، ويدير إمبراطورية مالية ضخمة أسوة بكبار رجال الأعمال، لكنه بهيئة وعمامة رجل الدين! ما يظهر من المنزل في الصور القليلة، أرائك بسيطة يجلس على واحدة منها السيستاني مقابل الضيوف. وكل الصور التي التقطت لاستقبالات المرجع الشيعي الأعلى كانت من زاوية واحدة، الأمر الذي يكشف ضيق المساحة وانعدام الخيارات أمام حركة المصور الفوتوغرافي لإظهار السيستاني مع ضيوفه المعدودين.
لا أحد من ملايين أتباع المرجع الشيعي قُدر له أن يستمع لهذا الرجل عن قرب بالأمس واليوم، والمرات التي ظهر فيها السيستاني على شاشات التلفزيون كانت نادرة جدا. ابتدأت بعد عام 2003 عندما غادر إلى لندن للعلاج، ثم في صور مكرّرة من زاوية واحدة يستقبل فيها السياسيين والزعماء في منزله المتواضع. والمرة الوحيدة التي قبل فيها أن يستقبل مراسلي وكالات الأنباء العالمية، اشترط عليهم ألا يصطحبوا كاميراتهم وأقلامهم وهواتفهم. وما سيكتبونه لاحقا يعتمد على ذاكرتهم. وبالفعل خرج لنا مراسلو وكالات فرانس برس ورويترز وأسوشيتد برس بتقارير قصيرة ومقنعة عن حديث السيستاني. لم يذكر في تلك التقارير النادرة شيء عن التفاصيل المحيطة بالمرجع الشيعي الأعلى.
الحجّ السياسي
كان طبيعيا أن يلتقي الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني في زيارته للعراق إبان السنوات الأولى من الاحتلال الأميركي بالسيستاني في منزله، وكان طبيعيا أيضا أن يزوره لاحقا الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بصحبة وزير الخارجية محمد جواد ظريف. فذلك شأن إيراني – إيراني وإن حدث على أرض العراق.
لكن ما يحتاج إلى تفسير سياسي مقنع أن يقوم سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق بالتبرّك بزيارة السيستاني في بداية اختياره لرئاسة الحكومة آنذاك. ثم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ"الاسترشاد بتوجيهاته الحكيمة". والأكثر سوريالية سياسية ما تمثل بزيارة مبعوثة الأمم المتحدة جنين هينيس بلاسخارت، إلى السيستاني والجلوس في حضرته للاسترشاد السياسي.
لم تنزع بلاسخارت حجابها بعد خروجها من المنزل الصغير ووقفت أمام العدسات والميكروفونات لتؤكد لحشد من الصحافيين كانوا بانتظارها على ثمرة ذلك اللقاء، مشددة على أن "المرجع الشيعي السيد علي السيستاني، يساند تنفيذ إصلاحات جدية خلال فترة زمنية معقولة".
وعندما توجه البابا فرنسيس في زيارته التاريخية إلى منزل السيستاني، أظهرت لنا الصورة المشتركة تعابير شفقة البابا على هذا الإمام الموغل في عزلته، لكنه يدير ويؤثر على بلد عدته كل التقارير الدولية في ذيل قائمة البلدان الفاشلة منذ احتلاله عام 2003.
وتبدو المقارنة غير عادلة بين رجلي الدين، فالبابا القادم من عمق اللاهوت المسيحي وأروقة مبنى الفاتيكان المدجج بالفخامة المعمارية، رجل منفتح على العالم الجديد ويقضي بعض أوقاته في التمتع بمشاهدة كرة القدم مع قدح من الجعة الباردة، بينا لا أحد يؤكد لنا إن كان يتوفر جهاز تلفزيون في منزل السيد السيستاني!
بالطبع زارت ذلك المنزل الصغير شخصيات سياسية مرموقة ومؤثرة على مستوى العالم، من بينها بان كي مون عام 2014، كما زاره أغلب ممثلي الأمين العام الذين تم تعيينهم في العراق بعد احتلاله عام 2003. لكن السيستاني وفق قداسته الشيعية لم يبادل أي من هؤلاء الزيارة، ليس جحودا أو رفضا، بل لأننا لم نشاهده يغادر منزله أصلا إلا نادرا، فكيف به أن يزور الآخرين على أهميتهم.
البابا فرنسيس عندما توجه في زيارته التاريخية إلى منزل السيستاني، أظهرت لنا الصورة المشتركة تعابير شفقة البابا على هذا الإمام الموغل في عزلته.
في كل هذا الكلام عن أهمية السيستاني في صناعة مستقبل العراق، لا أحد بمن فيهم رجل الدين الشيعي نفسه، قادر على الإجابة على سؤال: من أعطاه التخويل السياسي لذلك؟ هو متواضع ومخلص لقيمه الدينية، تلك حقيقة تبدأ من عزلته وتقشفه، مع أن المرجعية الدينية تدير ثروة مالية ضخمة توازي ثروات دول. كما أن احتفاظه بجواز سفره الإيراني إلى اليوم ورفض كلّ توسلات السياسيين العراقيين لنيل محظيته بمنحه الجنسية العراقية، تؤكد حقيقة احتفاظ رجل الدين الإيراني بما هو عليه الآن منذ وصوله إلى العراق عام 1952.
مع ذلك ترفع صور السيستاني وتعلق في الطرقات وخلال الاحتفالات والمواكب الشيعية أكثر مما رفعت صور أي رئيس عراقي في التاريخ المعاصر. العصي على الفهم أيضا، لماذا لا يرفض السيستاني بما أنه يعلن رفضه إدخال الدين في السياسة، الدور السياسي الذي يراد له، سواء بموافقته أم بغيرها، بأنه وحده القادر على إضفاء الشرعية السياسية على ما تصدره الحكومة العراقية. فقد مر الدستور الجديد بعد الاحتلال الأميركي وقانون الانتخابات وتأسيس الحشد الشعبي من تحت عباءته “عندما خرج الحشد عن سلطة الدولة، طلب من المرجعية فتوى مقابلة لحله، فردت المرجعية بأنها لم تصدر فتوى تشكيله كي تحله، وفتوى جهاد مقاتلة داعش لا تعني تأسيس الحشد”.
عتاقة المنزل وبساطته ووجوده في زقاق ضيق في أحياء المدينة المقدسة القديمة، أمورٌ لا تغيّر شيئا من أهميته وتأثيره السياسي والديني على ما مر على العراق منذ احتلاله عام 2003.
في التاريخ القريب، كل المعلومات تتحدث عن زهد السيستاني منذ وصوله إلى العراق، قادما من إيران شابا لدراسة الفقه الشيعي في النجف، ثم الاستمرار في تقلّد المواقع داخل المرجعية، وشوهد يصلي على جثمان المرجع الشيعي آية الله أبوالقاسم الخوئي بعد وفاته في تسعينات القرن الماضي. وتقلد آية الله عبدالأعلى السبزواري المرجعية بعد الخوئي رفع من مرتبة السيستاني، فكان جاهزا لرئاسة المرجعية بعد وفاة السبزواري.
واحدة من الصور “غير المؤكدة” تذكر لقاء السيستاني بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بعد فترة من اللقاء الشهير الذي جمع الخوئي بصدام في عام 1991 وظهر على شاشات التلفزيون آنذاك.
يستمع صدام إلى كلام السيستاني بالقول “سيدي الرئيس لا تصدق كلام منافقي المرجعية الذي يصلكم فلحم أكتافي من خير العراق”، ما يمنح مصداقية لهذا الكلام، أن وزير الإعلام العراقي الأسبق محمد سعيد الصحاف أظهر على الشاشات صورة من فتوى تحمل إمضاء السيستاني الصريح بتحريم التعاون مع المحتل الأميركي قبل الهجوم الأميركي على العراق عام 2003.
كما أن الرئيس ذاته، بعد انهيار نظامه عام 2003 وجه أكثر من خطبة مسجله صوتيا أشاد فيها بموقف السيستاني.
هل حظي مقتدى بلقاء السيستاني
مهما يكن من أمر، فإن السيستاني كما يعلن المقرّبون منه خلال السنوات الماضية من أنه فقد الثقة بكل الطبقة السياسية الفاسدة والحاكمة للعراق وأقفل باب منزله أمامهم، لكن تلك الطبقة مازالت متشبثة برضا السيستاني، وعادة ما يستنجد رؤساء الحكومات في المنطقة الخضراء بجملة “أثر توجيهات المرجعية الرشيدة” في كل قرار سياسي وعسكري مصيري. وجميعهم يحلم اليوم بزيارة منزله، لأن وضع أقدام أي مسؤول عراقي على عتبة تلك الدار الصغيرة، شهادة رضا وقبول لا تقدر بأي ثمن سياسي.
دعك من الفساد الذي شاب مشاريع المرجعية المليارية، وتسبب بحرج شديد للسيستاني المكتفي بتقشفه وعزلته في ذلك المنزل الصغير. إلا أن تأثيره السياسي على البلاد التي لم تخرج من الهوة العميقة، مازال قائما ومؤثرا. مع أن السيستاني وببساطة شديدة ومن جديد، رجل دين إيراني يعيش في العراق! ولا أحد من رافعي صورة السيستاني والمتشبثين برضاه من السياسيين وقادة الأحزاب، يريد قبول هذه الحقيقة الواقعية البسيطة.
العصي على الفهم؛ لماذا لا يرفض السيستاني الدور السياسي الذي يُراد له، سواء بموافقته أم بغيرها، فهو وحده القادر على إضفاء الشرعية السياسية على ما تصدره الحكومة العراقية.
هذا الأسبوع عاد السيستاني وداره الصغيرة إلى منصة الأخبار “ومتى غاب؟” مع الصور والفيديو القصير التي تم تناقلها لمقتدى الصدر وهو يخرج من ذلك الزقاق الضيق.
كالعادة لا يوجد من يؤكد أن السيستاني قابل الصدر وتراجع عن الانطباع السائد عند كبار رجال المرجعية الشيعية عن “الولد الشقي المنافس للمرجعية، رغم أميته الدينية والسياسية”. لكنّ المقربين من الصدر أشاروا إلى لقائه من مقربين من المرجع الأعلى للتناقش بشأن عودة الصدر وتياره للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المؤمل إجراؤها في أكتوبر المقبل.
هل دخل مقتدى منزل السيستاني أم لا، إن كان كذلك فقط حصل على الجائزة الأثمن التي يتنافس عليها السياسيون وقادة الأحزاب في العراق اليوم.
بطبيعة الحال سيتكرر نفس السؤال، عن علاقة المرجعية الشيعية والسيستاني بالانتخابات العراقية، وعما إذا كان موسم إضفاء الشرعية على المرشحين لهذه الانتخابات سيبدأ من عتبة ذلك المنزل العتيق في النجف الأشرف.
هكذا تستمر التراجيديا الدينية والسياسية في العراق، بمجرد أن يكون مصدر كل ما يحدث قبو يعيش فيه رجل دين إيراني في التسعينات من عمره، قوي ورابط الجأش بعزلته وانقطاعه عن العالم، مع أنه مؤثر بقوة فيه!
شخصيات سياسية مرموقة ومؤثرة على مستوى العالم زارت ذلك المنزل الصغير من بينها بان كي مون عام 2014