مسلسل اكاذيب بلير مستمر
رأي القدس
31/01/2010
الانطباع الابرز الذي يخرج به من تابع مثول توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق امام 'لجنة شيلكوت' المكلفة بالتحقيق في حرب العراق، يتلخص في اصرار بلير على الكذب، والدفاع باستماتة عن قراره الخاطئ، بل الكارثي، بجر بلاده الى حرب دموية غير شرعية وغير اخلاقية.
بلير كذب عندما نفى ان يكون 'وقع اتفاقاً بالدم' مع حليفه وصديقه جورج بوش الابن بتغيير النظام العراقي قبل عام من اندلاع الحرب، عندما التقى الاثنان في مزرعة الاخير في كرافورد. وكذب مرة ثانية عندما تنصل من الملف الذي استخدمه لتضليل مجلس العموم البريطاني (البرلمان) وقال فيه ان الرئيس صدام حسين يمكن ان يجهز اسلحة الدمار الشامل التي في حوزته في غضون 45 دقيقة لاستخدامها ضد الغرب. وكذب مرة ثالثة عندما نفى ان يكون قد قال في مقابلة مع محطة اذاعة 'بي. بي. سي' بانه سيبحث عن ذرائع اخرى للاطاحة بالنظام العراقي، حتى لو تأكد بعدم وجود اسلحة دمار شامل لديه.
ست ساعات من الكذب المتواصل ودون توقف، ومن المؤسف ان لجنة التحقيق لم تواجهه بالاسئلة المحرجة، وتعاملت معه بشكل حضاري كامل، الامر الذي خيب آمال الكثيرين من الذين تابعوا الجلسة، خاصة من اهالي ضحايا الحرب من الجنود البريطانيين الذين قتلوا فيها.
الشيء الوحيد الذي اعترف فيه بلير وكان لافتاً للنظر هو قوله بان استمرار الحصار على العراق بدأ يرتد سلباً على الولايات المتحدة والغرب، من حيث ان اصابع الاتهام بدأت تتوجه الى الذين فرضوه وليس الى الرئيس العراقي، الامر الذي دفعه والرئيس بوش الابن الى البدء في تنفيذ قرارهما بالحرب.
لجنة شيلكوت هذه لن تصدر حكماً بادانة بلير، ولن توصي بتقديمه الى العدالة كمجرم حرب ملطخة يداه بالدماء، وتسبب في قتل مليون عراقي، وتيتيم اربعة ملايين طفل، والقذف بمليون ارملة الى العذاب والحرمان والمعاناة.
هذه اللجنة مستقلة فقط بالاسم، وجرى اختيار معظم اعضائها بعناية من مثل غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني الحالي الذي كان من ابرز مؤيدي الحرب ضد العراق. وكان اوليفر مايلز السفير البريطاني السابق في ليبيا شجاعاً عندما كتب مقالاً في صحيفة 'الاندبندنت' استغرب فيه وجود اثنين من اليهود في عضوية اللجنة المشكلة من خمسة اعضاء، احدهم معروف بميولة الصهيونية الواضحة، والآخر متعاطف مع اسرائيل، وهو المقال الذي أثار عليه حملة اسرائيلية ويهودية شرسة وصلت الى درجة اتهامه بمعاداة السامية.
السفير مايلز تساءل عما سيكون عليه الحال لو كان هناك عضوان من العرب او المسلمين في هذه اللجنة، هل سيمر هذا الاختيار مرور الكرام، وسيكون مقبولاً لدى المؤسسة البريطانية، ووسائل الاعلام، والاحزاب السياسية؟
اللجنة لن تجرم توني بلير، ولن تصدر 'فتوى' بعدم شرعية الحرب على العراق، لانها لو فعلت ذلك، لأعطت ورقة قوية لمساندة الذين يطالبون بمحاكمة بلير كمجرم حرب، والمطالبين بتقديم تعويضات الى الشعب العراقي لما لحق به من خسائر بشرية واضرار مادية، تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
نقلا عن حصيفة القدس العربي