لاجئة حولت معاناتها العراقية الى أعمال فنية وألهمت أمريكيين
شفق نيوز/ عندما كانت لوما جاسم طفلة، كان المقربون من اصدقائها وعائلتها، يطلقون عليها لقب "الرسام"، وهي ما زالت الى اليوم كلاجئة عراقية في مدينة بويس في ولاية ايداهو الامريكية، ترسم معاناة عائلتها، والرعب الذي كابدته والعنف الذي عاشته.
وتجد لوما جاسم في أعمالها ما يعبر عن تلك المشاعر وهي تقدمها في معرض جديد في جامعة بويس الحكومية، وتروي حكايتها حول نشأتها في بغداد خلال الحروب المتعددة، وعن الهروب من البلد بعد الغزو الامريكي، وكيف تساهم تجربتها مع الحرب والاحداث الدولية، في اعمالها الفنية، بحسب تقرير نشره موقع "ميغا فالي" الأمريكي حول حياتها وتجربتها، وترجمته وكالة شفق نيوز.
وفرت لوما جاسم وعائلتها من موطنهم في بغداد في العام 2006، بعد ثلاث سنوات من الغزو الامريكي، لتجد نفسها في الولايات المتحدة.
وولدت لوما جاسم في بغداد في العام 1975، قبل خمس سنوات من بدء حرب العراق وايران التي استمرت ثماني سنوات، وفي غالبية مراحل حياتها في العراق، كانت البلاد في حالة حروب او تحت العقوبات الامريكية.
وعند وقوع الغزو الامريكي، قالت لوما جاسم "علمنا اننا لا نستطيع الاستمرار في العيش هناك"، مشيرة الى انه كان هناك اعمال عنف في بغداد كل يوم، وانها كانت هي واختها واخوتها يقبلون والدتهم كل يوم قبل مغادرة المنزل، لانهم لم يكونوا متأكدين ما اذا كانوا سيعودون الى منزلهم في نهاية اليوم.
وبحلول العام 2006، لم يكن لا احد يعرف من هو العدو، بحسب ما قالت جاسم مشيرة الى ان الناس في بداية الامر كانوا قلقين ازاء العنف الذي تمارسه الحكومة العراقية، لكنهم في وقت لاحق كانوا قلقين من ان الارهابيين يستهدفون الناس على اساس دينهم.
وبعدما خطف احد زملائها في احدى دور النشر للحصول على فدية، كان ذلك عندما فرت هي واختها واربعة من اشقائها واهاليهم الى اسطنبول، ثم تقدمت بطلب لجوء من خلال الامم المتحدة، لكن عائلة جاسم لم يكن بامكانها ان تحدد المكان الذي بامكانها اللجوء اليه، لكنهم كانوا يأملون بتوطينهم في اوروبا ليكونوا اكثر قربا الى العراق، وانتهى بهم الامر في ولاية ايداهو الامريكية في العام 2008.
وبعد وصولها الى الولايات المتحدة، ادركت لوما جاسم انها تريد التعبير عن المشاعر المعقدة التي كانت تشعر بها منذ انتقالها الى امريكا ثم بدأت بالتعبير عن نفسها من خلال فنها، وقالت "اردت ان اضع تجربتي على القماش وان اعمل بوسائل مختلفة". لكنها لم تكن متأكدة من اين تبدأ فنيا، لذلك التحقت بالجامعة للحصول على درجة البكالوريوس في الفنون البصرية، بعدما كانت قد حصلت على شهادتين في العراق.
وقام رئيس قسم الفنون ريتشارد يونغ بتعليم لوما جاسم في فصل الرسم، وهو بعد مرور تسع سنوات، ما زال يتابع فنها وقصتها. واشار في مقابلة هاتفية ان "شغفها بعملها كان ميزتها.. لقد كانت طالبة استثنائية"، وانه حاول تشجيع طلابه على نقل تجاربهم الحياتية الى عملهم، وان لوما جاسم برعت في ذلك وان تجربتها في العراق اثرت عليها.
وذكر التقرير انه بعد تخرجها بدرجة البكالوريوس في الفنون الجميلة في الفنون، انتقلت لوما جاسم الى نيويورك لمواصلة تعليمها في "مدرسة بارسونز للتصميم"، حيث حصلت في النهاية على درجة الماجستير في الفنون الجميلة، ثم عادت الى مدينة بويس لمواصلة مسيرتها المهنية.
واستخدمت لوما جاسم فنها لاستكشاف مشاعرها وتجاربها التي تحتوي على العنف والحرب، وقالت "هذا ليس شيئا انخرط فيه وانا مدركة لما اريد ان افعله. تركت العملية تسير... وكل ما يحدث على، سيلهمني في حركتي التالية".
وفي احدى اللوحات في معرض بويس، تصور لوما جاسم مشهدا من بغداد في العام 1991 بعد غزو العراق للكويت، مما ادى الى اندلاع حرب الخليج الاولى. وقالت ان الكهرباء انقطعت عن المنازل في بغداد خلال الحرب، وكانت "البيوت تغلي الى حد كبير، وتحولت الثلاجات الى خزائن بلا كهرباء". واشارت الى ان العديد من
العائلات الميسورة ماليا أكثر، اشترت مولدات كهربائية للحفاظ على برودة منازلها، وان الاسر التي لديها مولدات كبيرة تبيع الخدمة الكهربائية. وقالت"كنا ندفع فقط مقابل استمرار عمل المروحة الهوائية".
وتظهر لوحة لوما جاسم الاسلاك الخارجة من المباني المبنية من الطوب، لان كل منزل تقريبا هناك سلك يخرج منه ويتصل بمولد كهربائي.
وفي العديد من لوحاتها، تستخدم لوما جاسم الصور وتغلفها بطلاء اكريليك او فحم او حبر. وفي لوحة اخرى تحمل اسم "عملة واحدة"، تجمع لوما جاسم نصف وجه صدام حسين مع نصف وجه جورج بوش وتغطي اللوحة بالطلاء الاكريليكي لتصوير قنبلة متفجرة خلف الوجهين.
وفي عهد الرئيس بوش عندما غزت الولايات المتحدة العراق العام 2003 سعيا من اجل تدمير اسلحة الدمار الشامل وانهاء حكم صدام حسين، ولم يتم العثور ابدا على اسلحة دمار شامل، وقتل مئات الالاف من المدنيين منذ بدء الحرب. وقالت لوما جاسم
"بالنسبة لي، هما مجرمان الحقا الكثير من الدمار.. والحرب بالنسبة لي هي اكبر جريمة تحدث ضد اي دولة" وانه كان "على الابرياء ان يدفعوا الثمن".
وتلعب السياسة دورا في جميع لوحات لوما جاسم لانها لعبت دورا في اقتلاع حياتها. واوضحت ان اعمالها الفنية "تأتي دائما من منظور شخص كان عليه ان يترك منزله ويعيش في قارة اخرى بعيدة. كان علي ان افهم ثقافة جديدة والمجتمع الجديد بذكريات الاشياء التي كان علي التعامل معها. الاسباب التي دفعتني للتعامل مع هذه الاشياء هي دائما اسباب سياسية. يتعلق الامر بحكومتي هناك والحكومة هنا".
في 2 سبتمبر/ايلول الجاري، استضافت لوما جاسم عرضا تعاونيا في صالة ليد بويس"، وهناك وضعت قطعتين كبيرتين من الورق الابيض وعشرات من الألوان. وعلى عزف الجيتار، كانت لوما جاسم تقرأ اسطرا من الشعر، فيما تجمع عشرات الاشخاص للاستماع والمشاهدة: "عزيزتي افغانستان، رايت قصتي تتحول الى قصتك. رأيت الاشياء تتغير معك بشكل سيء كل يوم".
ثم توجه لوما جاسم الى قطع الورق وتلقي بدهان اسود ورمادي على قطعة واحدة. ثم تعود الى الميكروفون مجددا لتقرأ: "عزيزتي امريكا، هل يمكنك ان تنهي مهمة واحدة؟ هل يمكنك التعلم من التجارب السابقة؟ هل يمكنك انهاء وظيفة واحدة من دون التضحية بملايين الارواح؟".
وكان الاستاذ يونغ حاضرا العرض الفني الذي قدمته تلميذته القديمة لوما جاسم، وقال انه معجب بقدرتها على دمج الصوت في رسوماتها، مما يجعل عملها اكثر تعقيدا، مشيرا الى "انها مصدر الهام للطلاب الاخرين في وغيرهم من الفنانين في المجتمع الذين يتعرفون عليها. انها ملتزمة بفنها وهذا امر رائع بالنسبة لشخص مثلي كان معلمها والذي كان يشاهدها منذ ذلك الحين".
وبالاضافة الى معرضها الحالي المستمر حتى الثالث من اكتوبر/تشرين الاول المقبل في معرض الفنون الجميلة لاتحاد طلاب ولاية بويس، فانه يمكن للاشخاص غير القادرين على زيارة المعرض شخصيا مشاهدته رقميا على boisestate.edu/finearts.
كما ستقدم لوما جاسم ستقدم عرضا في مهرجان "تريفورت للموسيقى" في 24 ايلول/سبتمبر الحالي.
وبالامكان مشاهدة كل اعمال لوما جاسم الفنية على موقعها الالكتروني على lumajasim.com
وعلى موقع انستغرام
@Lum_arty