"قطار الكونغرس السري" وسيلة نقل لا يركبها العامة
تحت مقر الكونغرس الأميركي توجد أنفاق لقطار سري منذ أكثر من قرن لنقل القادة السياسيين والمشاهير وتحفظ أسرارا وأحداثا، إلا أن أكثرية من الأميركيين يجهلون حتى وجودها.
العرب/واشنطن - تشكل شبكة الكابيتول لسكك الحديد تحت الأرض منذ عقود طويلة وسيلة التنقل المفضلة لبعض من أكثر السياسيين نفوذا في العالم، إلا أن أكثرية من الأميركيين يجهلون حتى وجودها.
وارتاد هذه الشبكة من القطارات الصغيرة التي تجوب أنفاق مقر الكونغرس في واشنطن، منذ أكثر من قرن الكثير من الرؤساء والبرلمانيين وقضاة المحكمة العليا وحتى نجوم هوليوود.
كما أن مقصورات “قطار الكونغرس السري” احتلت عناوين الأخبار أحيانا في مناسبات مختلفة، بينها محاولة اغتيال فاشلة وعرض فني ارتجالي، لكنها تستقطب يوميا زائرين مغمورين.
وقال دان هولت، وهو أحد مؤرخي مجلس الشيوخ “يحب الأطفال ذلك، لذلك هناك دائما أعضاء في مجلس الشيوخ على استعداد لإحضار أقارب مع أطفالهم” لركوب هذا القطار.
وتمتد سكك الحديد هذه لمسافة كيلومتر تقريبا، وتتيح الثواني التي يستغرقها الانتقال من محطة إلى أخرى تحت أضواء النيون وقتا يكفي بالكاد للتحدث بالمستجدات السياسية أو التداول بآخر الأخبار ولو لبرهة قصيرة.
وتسود حماسة في المحطة الرئيسية المقامة في أقبية مجلس الشيوخ عند عقد البرلمانيين جلساتهم. وعندما ترن الأجراس إيذانا بوصول كل قطار يندفع حشد من الصحافيين إلى أعضاء مجلس الشيوخ لطرح أسئلة عليهم بشأن الموضوعات الساخنة.
لكن الأحاديث ليست دائما ودية.
ففي عام 1950 كانت السناتورة الجمهورية مارغريت تشيس سميث على وشك إلقاء كلمة حاسمة في الكابيتول توجه فيها انتقادات حادة إلى زميلها جوزيف مكارثي الذي كان يقود حملة ضد الشيوعيين.
وقال لها زميلها خلال التنقل في القطار عينه “مارغريت، وجهك يبدو عابسا للغاية. هل ستلقين خطابا؟”. فأجابت “نعم. وهو لن يعجبك كثيرا”، وفق الرواية التي نقلها عنها هولت.
وفي مراحل أخرى أكثر هدوءا شكّل هذا القطار للسياسيين واحة سلام بعيدا عن الوتيرة المحمومة للحياة في واشنطن.
وقد استقل القطار مرشحون للبيت الأبيض مثل رونالد ريغان، وأيضا باراك أوباما وجون ماكين اللذين كانا عضوين في مجلس الشيوخ خلال حملتهما الانتخابية.
من ناحية أخرى رُفض دخول جون كينيدي حين كان عضوا شابا عاديا في مجلس الشيوخ، وقيل له يومها “دع أعضاء مجلس الشيوخ يمرون يا بني”.
وافتُتحت أول شبكة للكونغرس تحت الأرض في السابع من مارس 1909، وكانت مخصصة لأعضاء مجلس الشيوخ الذين كانوا يأملون تجنب الحر الشديد والرطوبة القوية خلال الصيف في واشنطن عند الانتقال من مكاتبهم إلى مبنى الكابيتول.
وفي بادئ الأمر كانت القطارات عبارة عن مركبات “ستادبيكر” الكهربائية التي استُبدلت بعد ثلاث سنوات بخط حديدي أحادي.
ثم في عام 1960 أُطلقت أربعة قطارات كهربائية صغيرة بتكلفة 75 ألف دولار في ذلك الوقت ضمن هذا الخط لسكك الحديد الذي سُمي “قطار الديمقراطية السريع”.
وعلى جانب مجلس النواب، وُضع خط آخر بعد خمس سنوات. وفي عام 1993 افتُتح خط للقطارات الآلية من دون سائق بقيمة 18 مليون دولار وسط ضجة إعلامية كبيرة.
لكنّ القطار لا يثير إعجاب الجميع.
فقد منع النائب الجمهوري السابق مايك ديواين أعضاء فريقه من استخدام هذا القطار احتجاجا على ما يعتبره هدرا للمال العام.
كما استقل هذا القطار مشاهير كثر بينهم ريتشارد غير وتشاك نوريس ودينزل واشنطن والموسيقي بونو، حتى أن المؤلف الموسيقي والممثل لين مانويل ميراندا مؤلف مسرحية “هاميلتون” الغنائية صوّر نفسه عام 2017 وهو يغني بأعلى صوته على متن ما وصفه بـ”قطار الكونغرس السري”.
ومع ذلك يحجم عدد متزايد من أعضاء الكونغرس عن استخدام هذا القطار في ظل سعي الكثير منهم للحفاظ على لياقتهم البدنية واختيارهم تاليا المشي بجانب مسارات القطار.