سيناريوهات تشكيل حكومة عراقية.. تحالف "مريح" للصدر وحضور لكتلة "الفتح"
الحرة - واشنطن:يتوقع عباس كاظم، مدير برنامج العراق في "المجلس الأطلسي" في واشنطن، أن تتمخض مفاوضات الكتل السياسية العراقية عن حكومة توافقية، ولا يستبعد تحالف كتلة "الصدر"، التي حازت على العدد الأكبر من المقاعد، وفق النتئاج المعلنة للانتخابات، مع تحالف "الفتح" أو "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.
وصادقت المحكمة الاتحادية العليا، الاثنين، على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من أكتوبر، بعد أن ردت دعوى تقدمت بها قوى سياسية من بينها الحشد الشعبي للدفع إلى إلغاء النتائج.
وتفتح المصادقة على النتائج المجال الآن أمام البرلمان الجديد لعقد جلسته الأولى خلال الأسبوعين المقبلين، ثم انتخاب رئيس له ورئيس للجمهورية، قبل أن يتم اختيار رئيس للحكومة في عملية تعتمد على المفاوضات السياسية بين القوى المختلفة.
ودعا رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، الذي تصدرت كتلته نتائج الانتخابات العراقية إلى تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" بعد إعلان المحكمة. وبعيد المصادقة، أعلن رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري في بيان صادر عن مكتبه قبول قرار المحكمة.
وتحالف "الفتح" الممثل الرئيسي لفصائل الحشد الشعبي هو ضمن "الاتحاد التنسيقي الشيعي" الذي كان قد اعترض على النتائج الأولية بدعوى حدوث تزوير، وحصل في الانتخابات على 17 مقعدا بعدما كان يشغل 48 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته.
وكرر الصدر مرارا نيته تسمية رئيس للحكومة من كتلته وتشكيل حكومة أغلبية، لكن حسب النظام السياسي العراقي، لا تستطيع الكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد تشكيل الحكومة تلقائيا، مما يعني أن "نتائج الانتخابات لا تعني وجود فائز أو خاسر بها" وفق عباس كاظم الذي تحدث لموقع "الحرة".
فالنظام العراقي لا يعطي لأحد القدرة على تشكيل الحكومة دون الحصول على النصف زائد واحد من عدد مقاعد برلمان يتألف من 329 مقعدا، أي سيحتاج إلى 165، وهو ما يعني أن المكونات السياسية، السنة والشيعة والكرد ومكونات أخرى، تحتاج إلى التوافق.
ويقول المحلل العراقي إنه في نهاية الأمر قد تتشكل "كتلة بزعامة الصدر، أو نوري المالكي، وأي كتلة ثالثة" وذلك رغم تقدم كتلة الصدر في عدد المقاعد.
وتقول فرانس برس إن الصدر قد يتوجه لتشكيل تحالف أغلبية داخل البرلمان من خلال تحالفات مع أطراف خارج التشكيلات الشيعية، وفق محللين يشيرون في هذا الإطار إلى احتمال تشكيل ائتلاف مع رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي (37 مقعدا) والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارزاني (31 مقعدا).
ويشير المحلل العراقي كاظم إلى قدرة الشيعة جميعا على تأمين العدد المطلوب لتشكيل حكومة لو توحدوا معا، رغم أنهم يفضلون وفقا للتجارب السابقة خلق نوع من التوافق مع الكتل الأخرى.
وتقول وكالة فرانس برس إن الأحزاب الشيعية تلجأ في النهاية إلى اتفاق مرض لاختيار رئيس للوزراء، بغض النظر عن عدد المقاعد التي يشغلها كل حزب.
وعلى الرغم من تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات، تبقى هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألف عنصر، لاعبا مهما على الصعيد الأمني والسياسي في البلاد.
وبذلك، يبقى لهذه القوى كلمة في المفاوضات التي ستفضي إلى اختيار رئيس للوزراء وتشكيل حكومة، في العملية المعقدة التي تهيمن عليها الأحزاب الشيعية.
ويستطيع الحشد الشعبي، الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في 2018 مدفوعا بانتصاراته ضد تنظيم "داعش"، الاعتماد على لعبة التحالفات إذ حاز أحد شركائه، نوري المالكي، الذي يتزعم تحالف "دولة القانون" وهو ضمن كتلة "الإطار التنسيقي"، على 33 مقعدا.
ويقول كاظم إن "لا أحدا من هذه الكتل الشيعية يريد أن يكون خارج الحكومة خلال السنوات الأربع المقبلة، لذلك سيسعى الجميع إلى الحصول على تطمينات بأنه لن يكون خارج السلطة والنفوذ".
وتقول فرانس برس إن بعض التشكيلات داخل "الإطار التنسيقي الشيعي" قد تتجه للتحالف مع الصدر. ويتكهن كاظم بأن يتم إرضاء كل الجهات الشيعية التي خسرت في الانتخابات.
ويرى أن تحالف الصدر مع كتل غير شيعية "سيكون هشا ومكلفا له من ناحية أنه سيكون عليه تلبية مطالب هذه الكتل"، وهو ما وصفه "بالخروج من منطقة الاطمئنان إلى المغامرة"، ويرى أن "التحالف المريح له هو مع التشكيلات الشيعية".
ويقول إن أحد السيناريوهات في هذا الإطار هو تحالف الصدر مع المالكي، لكن سيكون عليهما حل الخلافات الكبيرة بينهما، كما لا يستبعد التحالف مع "الفتح" أيضا ضمن "الإطار التنسيقي" ككتلة. ويشير في هذا الإطار إلى إمكانية تحالف ثلاث كتل هي كتلة الصدر و"الإطار التنسيقي" والشيعة المستقلين.
ورأى رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل العراقي، إحسان الشمري، في حديث لفرانس برس أن "قرار المحكمة الاتحادية سيساهم في تشجيع القوى التي تفاوضت سابقا بشكل غير مباشر للوصول إلى توافقات أو تحالف يمكن أن يعلن خلال الأيام المقبلة".